حسن الجنابيمخاطر حقيقية:يتعرض نهر دجلة الى مخاطر عديدة يتعلق أغلبها بمشاريع منجزة او تحت الانجاز في دول الجوار، وأهمها:1. سد اليسو التركي (قيد الإنشاء).2. تحويل روافد الانهار النابعة في ايران (إما قيد الانشاء أوقد انجزت في اغلبيتها).3. محطة الضخ السورية الكبرى الرامية الى سحب جزء من ايرادات النهر (قيد الانشاء). 4. الاحترار المناخي وما يسببه من جفاف وشحة في المياه (في طور التكون ولكن مظاهره محسوسة وواضحة).
إن المخاطر الاربعة المذكورة اعلاه بحاجة الى دراسات مفصّلة، لاتستوعبها مقالة كهذه، هدفها تثقيف الرأي العام، ولفت انظار المعنيين الى اتخاذ خطوات فعلية لمواجهة تلك المخاطر، وسأقتصر هنا على العامل الاول متجنبا الاستغراق بمعلومات فنية وتفصيلية.بعض خصائص نهر دجلة:نهر دجلة هو اكبر الانهار العراقية، حيث يبلغ معدل تصريفه ضعف معدل تصريف نهر الفرات، بل وأكثر من الضعف في العقدين الاخيرين، اي بعد انجاز سلسلة السدود التركية والسورية على نهر الفرات. يتميز نهر دجلة، على العكس من الفرات، بأن له روافد عديدة داخل العراق، كالزاب الاعلى والزاب الاسفل ونهر العظيم ونهر ديالى. وفيما عدا سد حديثة، الذي يقع على نهر الفرات، فإن السدود العراقية الاخرى كافة تقع على نهر دجلة او روافده، كسد الموصل، وسد دوكان وسد دربندخان وسد حمرين وسد العظيم على سبيل المثال، وهي اكبر السدود العراقية المستخدمة لتخزين المياه لأغراض اروائية او لتوليد الطاقة الكهرومائية.تقع منابع نهر دجلة الرئيسية في تركيا وتشكل حوالي (42%) من ايراداته الكلية، أما منابع روافده الكبرى فتقع في ايران وتشكل (20%) من ايراداته، وفي العراق حيث تشكل (38%) من ايراداته السنوية الكلية، وهو بذلك يعدّ افضل حالا من نهر الفرات، الذي تقع منابعه خارج العراق كليا ولاتوجد له روافد داخل العراق، ما عدا السيول الموسمية في الهضبة الغربية في السنوات الرطبة والتي لا تشكل (3%) من ايراداته بأحسن الاحوال. يدخل النهر الحدود العراقية عند المثلث الحدودي العراقي التركي السوري، بعد ان يجري لمسافة (40) كم على الحدود السورية التركية، ويبلغ معدل تصريفه السنوي عند الحدود العراقية حوالى (22) مليار متر مكعب، وهي تمثل ايرادات سد الموصل، الواقع على مسافة (50) كم الى الشمال من مدينة الموصل، وبطاقة تخزينية تبلغ (11) مليار متر مكعب، اي اكثر من نصف معدل ايرادات النهر، تستخدم لأغراض الري وتوليد الطاقة الكهربائية، وبالمناسبة فإن سد الموصل هو أكبر السدود العراقية.ترابط حيوي بين الرافدين:يمنح نهر دجلة العراق مرونة لابأس بها في ادارة مياهه بسبب وجود عدد من السدود والمنشآت الكبيرة على عمود النهر وعلى روافده، بالاضافة الى ان حوالي (20) مليار متر مكعب من ايراداته السنوية تنبع داخل العراق، اي أنه اقل تأثرا بإجراءات دول الجوار، قياسا بنهر الفرات. تبلغ المساحات المزروعة المروية بمياه دجلة في العراق حوالى (8) ملايين دونم، وهي ضعف المساحة المزروعة في حوض الفرات، وتمتاز على العموم، لأسباب مرفولوجية ومناخية، بكونها أكثر خصوبة من ترب حوض الفرات، وتحتاج الى مياه أقل بسبب انعدام او قلة زراعة الشلب، الذي تشتهر بزراعته اراضي الفرات، وهو محصول يحتاج الى مياه كثيرة مقارنة بالمحاصيل الاخرى.كما تجب الاشارة الى أن مياه دجلة، ومنذ اواخر السبعينيات، يمكن تحويلها الى نهر الفرات في سنوات الشحة، او في اوقات الطلب المتزايد على مياه الري في حوض الفرات، وذلك عن طريق منخفض الثرثار، بواسطة قناة كبيرة تتحكم بها سدة سامراء (قناة دجلة- الثرثار)، ثم تنقل المياه من بحيرة الثرثار، خلال قناة اخرى الى نهر الفرات (قناة الثرثار- الفرات). كما يمكن تعزيز نهر دجلة في اوقات الحاجة من مياه بحيرة الثرثار عن طريق قناة ثالثة (قناة الثرثار- دجلة). ان هذا الترابط الحيوي بين النهرين، بالاضافة الى سلسلة من المنشآت الاخرى، يمثل العمود الفقري لادارة الموارد المائية في العراق، ويجعله نظاما محكما الى درجة كبيرة، وبالامكان تحسينه بصورة مستمرة حسب المتغيرات.يلتقي نهرا دجلة والفرات في اكثر من موضع آخر في العراق، أهمها الى الجنوب من مدينتي الكوت والناصرية، عندما تمتزج مياههما لتشكل تكوينا هيدرولوجيا فريدا في المنطقة، وغاية في الاهمية، اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا وثقافيا هو: الاهوار العراقية. فمياه دجلة، تغذي أكثر من (50%) من هور الحويزة الى الجنوب الشرقي من مدينة العمارة عن طريق نهري المشرّح والكحلاء، وأكثر من (50%) من أهوار القرنة، الى الجنوب الغربي من مدينة العمارة في المنطقة المحصورة بين النهرين، عن طريق انهار البتيرة والعريّض والمجر الكبير وغيرها، وحيث يفصل مجرى نهر الفرات بين اهوار القرنة شمالا وهور الحمّار جنوبا.ولكن اشهر منطقة التقاء للنهرين هي عند مدينة القرنة التاريخية، حيث يتشكل منهما شط العرب، الذي ينحدر جنوبا لأكثر من (110) كم ليصب في الخليج.واقع مؤلم:من الجدير ذكره، وأعتقد ان قلة من المواطنين يدركونه، هو ان مياه الشرب التي يستهلكها سكان مدينة الناصرية الفراتية هي من مياه نهر دجلة وليس الفرات، وكذلك الامر مع مدن أخرى كسوق الشيوخ وغيرها، حيث يقع مشروع اسالة الماء الذي يغذي الناصرية واقضيتها، في منطقة البدعة على نهر الغراف المتفرع عن نهر دجلة.كذلك الأمر مع مدينة البصرة، حيث
نهر دجلة ومخاطر المستقبل!
نشر في: 19 أغسطس, 2011: 06:37 م