بغداد/ قيصر البغدادي"حسن" احد المشاركين في التظاهرات الاخيرة التي لاتزال تجري في بغداد على الرغم من تناقص حجمها ،للمطالبة بتحسين الواقع الخدمي وتوفير فرص عمل،فضلا عن تصحيح المسار والاداء الحكومي،وتعرض كما الآخرون الى ضربات بهراوات قوات مكافحة الشغب وخراطيم المياه التي دفعته بعيدا عن ساحة التظاهرات، بينما الماء الصالح للشرب مقطوع منذ ايام في المنطقة التي يسكن بها!.الشاب يذكر ان المسؤولين خرجوا الى الاهالي بعد ايام ليمتصوا غضبهم على شحة الخدمات وتفشي البطالة بوعود كثيرة لا تعد ولا تحصى اطلقوها في الاعلام وفي منابرهم الحكومية وحتى تحت قبة البرلمان. ومرت معظمها على اذن "حسن " مرور الكرام،لعلمه المسبق بانها لن تتحقق،او لأنه كان يبحث عن وعود التعيين التي سمع بها ولكنها لم تتحق بعد.
تسويف مطالب المحتجّين الإيعاز بإطلاق الوظائف في كل الوزرات جاء عقب التظاهرات الغاضبة التي خرجت في كل ارجاء البلاد مطالبة بفتح التعيينات التي ابتدأت في يوم 25 شباط الماضي، وطالبوا الحكومة ايضا بتحسين الواقع الخدمي والمعيشي ، ومحاسبة الفاسدين والمقصرين.ولكن بعد مرور مايقارب الشهرين لم يتحقق اي وعد من الوعود التي قطعتها الحكومة للمتظاهرين، ما جعلهم يفكرون بأنها تقوم بعملية "تخدير" وامتصاص غضب الشارع الى حين تسويف المطالب،والقضاء على التظاهرات.بالمقابل يشير علي محمد 26 عاما الى انه قد تخرج منذ سنوات في كلية العلوم ولم يجد فرصة تعيين ، ويؤكد انه قد خرج في التظاهرات وطالب في حينها بتوفير فرص العمل والقضاء على آفة البطالة التي نخرت أجسادهم ، لانه بسبب البطالة –على حد وصف حسن – سوف يدفع البعض الى اعمال غير شرعية لاعالة نفسه وعائلته.فيما ذكر شاب آخر في العشيرينيات من العمر بانه طالب الحكومة بايقاف تدفق العمالة الأجنبية من خارج العراق وفتح المجال امام الشباب العراقي .مؤكدا اننا لم نسمع ان الحكومة قد اخذت خطوة بهذا الاتجاه، سواء في التعيين او في تقليص دخول اليد العاملة الاجنبية .وعلى الرغم من اعلان معظم الوزارات عن فتح باب التعيينات،وتخصيص المواقع الالكترونية لملء الاستمارات الخاصة بالتوظيف، الا ان الكثير من المواطنين يشيرون الى انها غير حقيقية ومازالت الواسطة وحجمها هي المعيار في التعيين من عدمه . يقول المواطن جابر سعد ان الكثير من موظفي الوزارات التي طلبت تعيينات في الفترة الاخيرة اكدوا له ان "الفايلات" قد اهملت، وان الدرجات الشاغرة قد ملئت منذ فترة وان ما تقوله الوزارات عن وجود تعيينات هو للإعلان فقط!rnحصر التعيينات بالمسؤولين فيما أكدت مصادر برلمانية ان التعيينات المزعومة قد تم الاتفاق عليها من خلال تخصيص لكل وزير عدد من الموظفين من الكتلة البرلمانية التي ينتمي اليها، عن طريق ترشيحهم من قبل نواب الكتلة ، مشددا على ان النواب جلبوا أقرباءهم وأصدقاءهم لشغل هذه الوظائف.فيما تتساءل علياء محمد ، شابة عاطلة عن العمل بعد تخرجها بخمس سنوات، اذا لم يكن لديها قريب او جار مسؤول او عضو في مجلس النواب ، كيف تستطيع ان تحصل على وظيفة؟!، مشيرة إلى بروز ظاهرة خطيرة مستغلة حاجة البنات الى الوظائف وهي مساومتها على شرفها مقابل حصولها على الوظيفة.لم تنحصر مطابات المتظاهرين بالوظيفة بل توزعت على تحسين الخدمات وتشريع عدد من القوانين المعطلة، وتحسين الاداء الحكومي، ويؤكد اغلب المواطنين ان كل الوعود التي اعطيت للمتظاهرين في تغيير الواقع الخدمي لم يتحقق منها شيء، حيث يشير المواطن حيدر محمد الى ان مدينة بغداد لاتزال تنتشر فيها النفايات ، والشوارع مليئة بالحفر والمطبات، والكثير من الازقة غير معبدة.فيما تؤكد ام سجى 55 عاما ان الحديث عن البطاقة التموينية قد حقق اعلى المطالب التي ذكرت في التظاهرات، وحققت ايضا اعلى الاستجابة من قبل المسؤول، ولكن الى الان لم نحصل على شيء ملموس.حيث تقول ان مشكلتي تتركز على البطاقة التموينية، فاني لم استلم حصتي من المواد الغذائية منذ ثلاث سنوات بسبب انتقالي من منطقة الشعلة الى منطقة الحبيبية، وبعد أن أجريت معاملة النقل للحصة التموينية تفاجأت عند ذهابي الى الوكيل الجديد بقوله لي هناك قرار بشأن المناطق الغنية ، ولا افهم هل انا من منطقة غنية او من عائلة فقيرة، كما لا تعلم ان كان فعلا يوجد قانون بهذا الامر في البلاد.بالمقابل يشير عدد من الموظفين انهم وعدوا بزيادة الرواتب واعطاء حوافز، ولكن بعد ان ضعفت التظاهرات اختفت هذه الوعود.rnعاطلون بالجملة! يشار الى ان وزارة التخطيط كشفت في وقت سابق عن أن عدد العاطلين وصل إلى مليون فرد ، فيما اعتبر خبراء أن عمليات التوظيف الحكومي ليست حلاً للبطالة بقدر ما هي مساهمة في المزيد من ترهل المؤسسات الرسمية. وقالت الوزارة إن الخطة التي وضعتها الحكومة لتوظيف العاطلين عن العمل خلال عام 2011 لا تكفي إلا لاستيعاب القليل منهم، والتوظيف الحكومي لن يحلّ المشكلة. مشيرة الى ان تفعيل الاستثمار وعمل القطاع الخاص سيساهم بشكل كبير في حل قضية البطالة التي يعانيها 15 في المئة من سكان العراق القادرين على الإنتاج والعمل. لافتة في الوقت نفسه الى ان التوظيف الحكومي المتزايد سيخلق مشكلة جديدة في قطاع الدولة مثل البطالة المقنعة والمؤسسات الحكومية غير قادرة على استيعاب جميع العاطلين عن العمل لا سيما أن غالبيتها لا تحتاج إلى موظفين جدد.
وعود التعيين أحرقت.. ورمادها نثر على رؤوس العاطلين
نشر في: 19 أغسطس, 2011: 06:40 م