TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما يا عراق :عتب على الشعب

سلاما يا عراق :عتب على الشعب

نشر في: 19 أغسطس, 2011: 09:24 م

 هاشم العقابي العتب على الشعب العراقي يفرض على الكاتب أن يتوخى الحذر وان لا يقسو عليه حتى وان كان على حق في قسوته. فالشعب فيه ما يكفيه كما يقولون. لكن لا يرغمك على المر إلا ما هو أمر منه. يقول العراقيون في أمثالهم: "إذا ردت صاحبك دوم عاتبه كل يوم". ولا أظن أن هناك صاحبا اقرب إلى ضمير الكاتب، الذي ينشد الخير لبلده، مثل الشعب. لذا أجد أن الوقت قد حان  لأتوجه بالعتاب للعراقيين الذين صار يحزنني حقا أن أجد غالبية منهم، رغم أنها مظلومة، صارت تتصرف وكأنها استطابت الظلم أن لم تكن قد أدمنته.
في العمودين السابقين اللذين خصصتهما حول تفجيرات الاثنين الأسود، جاءت ردود، ليست قليلة، من القراء ألقت باللائمة على الشعب وحملته مسؤولية الوضع المتردي الذي يعيشه البلد. شيء يبعث على الأمل أن تجد من يعترف بالتقصير ويحمل نفسه المسؤولية. أقل ما فعلته تلك الردود الصريحة والناقدة أنها شجعتني أكثر على أن أعاتب العراقيين الذين يشهد الله كم أحبهم وكم عانيت بسببهم. لا أزايد هنا على احد، لأني اعلم بأن  كل ما عانيته بفعل حرب تشويهية ظالمة قادها الفاسدون والمفسدون، يظل اقل مما يعانيه طفل عراقي واحد يكابد اليتم  والفقر والخوف والضياع.فيا أبناء شعبي الطيب، كنت أظن أن التفجيرات الدامية الأخيرة ستكون هي القشة التي تقصم ظهر صبركم. ظننتكم ستطلعون بصوت واحد وهبة واحدة على من وثقتم بهم ومنحتموهم أصواتكم وصيرتموهم حكاما ووزراء ونوابا ينعمون بالجاه والمال، الذي هو مالكم، بعد أن كان الكثير منهم مزوري جوازات وسواق تاكسيات وبياعي خضرة وفيتريجية وأميين يقتاتون على مساعدات العاطلين في الغرب ويتفنون بسرقتها أيضا.  أن ما حدث جاء بعد ثماني سنوات من التغيير وليس ثماني أشهر أو أربع سنوات. أما كفاكم سكوتا وصبرا؟لا اخفي عليكم باني كنت التمس لكم العذر والحجة وأحمل صبركم على اكثر من سبعين محملا. لكن أن يقتل شعبكم في وضح النهار وتذهبون لملعب الشعب لحضور مباراة لكرة القدم وانتم تهلهلون وتصفقون وكأن شيئا لم يكن، فذلك يصعب علي أن أجد له عذرا. أول عمل أقدم عليه البريطانيون، بسبب حرق بعض المحلات وليس قتل العشرات من البشر، انهم الغوا لعبة منتخبهم لكرة القدم.  كيف تهابكم الحكومة وكذلك الإرهابيون إذا كنتم لا تبالون بقتلاكم؟ اشد ما آلمني هو أن بعض الفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية اعتبرت حضوركم نصرا على الإرهاب. والله انهم يكذبون عليكم كما كذب عليكم صدام من قبل وصور ما حدث لكم، بعد اجتياح الكويت، بأنه نصر مبين.  ليس من باب الإحراج ولا القسوة أسألكم: لو كان فيكم احد، يا من ذهبتم زرافات ووحدانا لملعب الشعب، قد قتل أخوه أو ابنته أو أبوه في ذلك اليوم، لا سمح الله، فهل سيذهب لحضور اللعبة؟ أم أن اصواب البغيرك شدخ، كما يقال؟أذكركم أننا مهما كتبنا ضد الفساد وضد من ظلمكم وحطم أحلامكم لن نؤثر شيئا إذا انتم تخليتم عن حقوقكم. فهؤلاء الذي سرقوا أموال الوطن وجعلوكم تحلمون بشيء اسمه كهرباء أو ماء أو خدمات أو فرصة عمل، لا يتراجعون إلا إذا حرمتموهم من أصواتكم. فان هم يرونكم قد هنتم وهانت عليكم أرواح أبناء شعبكم، فسيزدادون فسادا وطغيانا. لقد ضيعتم فرصة مقاطعة حضور اللعبة التي كان يجب أن تغتنموها، إن لم اقل احتجاجا، فعلى الأقل احتراما للدماء التي سيلت والأرواح التي زهقت وما خلفته وراءها من أرامل وأيتام ودموع.  وهل نسيتم بان ملعب الشعب الذي ذهبتم إليه هو المكان الذي اختارته الحكومة لكم إن انتم "رغبتم" بالتظاهر؟ فما المانع إن انتم اعتصمتم بالملعب وفرضتم محاسبة كل من تسبب في قتلكم وطرد كل من تهاون معه وقصر بواجبه، خاصة وان دم إخوتكم وأخواتكم الذي سقطوا في تسع محافظات ما زال طريا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram