يعارض أعضاء مجلس النواب بقوة اتجاه رئاسة مجلس الوزراء لرفع الحصانة عنهم خارج قبة البرلمان، ويصفونه بأنه لا يتفق مع الدستور الذي ضمن لهم حرية التعبير والتصريح كسلطة رقابية، ويرون في هذا الاتجاه "تأسيساً لدكتاتورية جديدة"، ويتوقعون من رئيس الحكومة أن يعتقل أي نائب يعارضه بحجة رفع الحصانة عنه.
واعتبرت المتحدثة باسم القائمة العراقية النائبة ميسون الدملوجي ان رسالة الامانة العامة لمجلس الوزراء الى مجلس النواب بهذا الخصوص تعبر عن رغبة المالكي في تأسيس دكتاتورية جديدة.
وقالت الدملوجي في تصريح لـ"المدى" إن "الأمور بدأت تتفكك أكثر، والعلاقات السياسية تأزمت ووصلنا الى مرحلة يرثى لها في البلاد خاصة على صعيد الوضع السياسي، وبدل وضع حلول للمشاكل العالقة من قبل رئيس الحكومة فإنه يذهب لخلق مشاكل أكبر، وإذا وافقت المحكمة الدستورية على رسالة المالكي فذلك سيكون هدما للديمقراطية ورصاصة رحمة للمحكمة".
وأضافت الدملوجي أن "من المتوقع أن يأمر المالكي باعتقال أي نائب يعارضه تحت طائلة هذا القرار،ومادام رئيس الحكومة يتعامل مع وزرائه بهذه الطريقة فلا نستبعد أن يفعلها مع مجلس النواب، لكن لن نسمح له بأن يمرر هذا القرار فالبلد ليس بلد المالكي وحده، وهو المسؤول عن كل الأزمات وخاصة الشد الطائفي في العملية السياسية".
وأوضحت الدملوجي ان "الخطوة الأولى التي يجب أن نعمل بها هي منع البلد من التفكك والتقسيم باسم الطائفية والقومية، وهناك أيضاً مساع واجتماعات بين الكتل لوضع حد لمثل هذه التصرفات ومنع رئيس الحكومة من انتهاك حرمة البرلمان والتزمت برأيه ورأي كتلته".
من ناحيته قال النائب عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه إن "رسالة المالكي هي استهداف قمعي للسلطة التشريعية ومفضوح للحكومة ولا يمكن رفع الحصانة عن مجلس النواب إلا من قبل مجلس النواب نفسه، وهي محاولة لسلب حرية النائب، وإذا مرر مثل هذا التصرف سيكون البرلمان شبيها بالمجلس الوطني التابع لنظام صدام السابق".
وأضاف طه في اتصال مع "المدى" إن "عضو البرلمان يملك كل الحرية في التعبير عن آرائه ومواقفه، ولدينا رؤية واضحة لخطورة الموضوع ومن غير الممكن ان تصل الامور إلى هذه المرحلة، ونحن نستغرب أن تفكر الحكومة بهذه الطريقة القمعية، وكل شيء متوقع من رئيس الوزراء لإسكات الصوت البرلماني، فربما يعتمد على هذه الرسالة لاعتقال أي نائب يعارضه بالرأي".
وأشار طه إلى ان "الأمر الوحيد الذي يمكن أن نقف به أمام مثل هذه التصرفات هو تجاهلها وعدم إعطاء أي اهتمام بها في البرلمان، وأدعو شخصياً جميع النواب الى أن لا يهتموا للامر لان رئيس الحكومة لا يملك أية صلاحية لإسكاتهم، وإن حدث ذلك وتم تمرير هذا القرار فأنصح النواب بأن نرجع الى بيوتنا ونترك البرلمان للمالكي".
النائب عن كتلة المواطن علي شبر قال إن "مجلس النواب يمثل الشعب ورئيس الوزراء يمثل منصبه الوظيفي ولا يمكن له أن يمنع النائب من الحديث والتصريح سواء كان حديثه عن ايجابيات الحكومة أو سلبياتها، ولا يمكنه ان يرفع عن النائب الحصانة التي كفلها الدستور له، والنائب كسلطة رقابية وظيفته هي مراقبة عمل السلطة التنفيذية وإبداء رأيه في تصرفاتها بعيدا عن التأجيج الطائفي أو السياسي".
وأضاف شبر في تصريح لـ"المدى" إن "هذا التصرف من قبل رئيس الحكومة يراد به تخويف النائب وإسكاته وعدم فضح ما يدور في أروقة الحكومة والوزارات بينما هذا هو عمل النائب الذي له الحق في إبداء رأيه بدون أي تضييق من أحد، وهذا التصرف غير مقبول ولا ينسجم مع الدستور، وهو مجرد ردة فعل من قبل مجلس الوزراء سببه الحساسيات القائمة بين الحكومة والبرلمان وطرح الآراء التي لا تتماشى مع مزاج الحكومة والقائمين عليها".
من جانبه استنكر عضو الإتحاد الإسلامي الكردستاني النائب عزيز حافظ رسالة رئيس الوزراء ووصفها بـ"المخالفة للدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب"، مؤكداً الاتجاه لوضع حلول لهذا الموضوع بعد انتهاء عطلة البرلمان.
وأكد حافظ في تصريح لـ"المدى" إن "رسالة المالكي هي دليل على وضع ضغوطات على البرلمان من أجل تقليل صلاحيته، وهي تتنافى مع الدستور الذي يكفل حق النائب ويضمن حصانته داخل وخارج البرلمان، وستكون لنا في مجلس النواب جلسة استثنائية لمناقشة الموضوع بعد انتهاء عطلة البرلمان في الثامن من شهر كانون الثاني القادم".
عضو التيار الديمقراطي جاسم الحلفي هو أيضا يرى ان تلك الرسالة تسعى لـ "التضييق على حرية النائب الذي يملك حصانة أكبر من حصانة أي وزير او رئيس الوزراء نفسه، لأنه انتخب من قبل الشعب ويمثلهم، وحتى وإن خرج عضو البرلمان بتصريحات يتهم ويسيء بها لنائب آخر أو أي شريك في العملية السياسية فيستطيع ذلك الخصم أن يرفع عليه دعوى قضائية وتكون للقضاء كلمة الفصل بينهم"، وأضاف "أن الدول الديمقراطية تضمن حق التعبير عن الرأي والتصريح في وسائل الإعلام حتى للمواطن فكيف بعضو مجلس النواب".