TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الخروقات الدستورية.. إلى أين؟

الخروقات الدستورية.. إلى أين؟

نشر في: 20 أغسطس, 2011: 06:42 م

محمد صادق جراد يعرف الدستور  (Constitution‏) على انه القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.
ولقد واجهت التجربة الديمقراطية بعد 2003 العديد من التحديات أهمها الحاجة لكتابة دستور عراقي جديد يكون رقيبا ومرجعا لكل الممارسات التي تقوم بها الحكومات والمؤسسات والسلطات في البلاد. ولقد تحقق ذلك في عام 2005 عندما نجحت لجنة كتابة الدستور من تحقيق هذا الانجاز من خلال مشاركة جميع ممثلي مكونات الشعب العراقي في هذه اللجنة وحصوله على موافقة الشعب عبر التصويت الشعبي ليدخل حيز التنفيذ ويقر رسميا كدستور عراقي جديد.وهناك حقيقة يجب أن يعرفها الجميع وهي إن مسألة كتابة الدستور والاستفتاء عليه لن تكون ذات جدوى من دون الالتزام به وحمايته من الخروقات التي قد يتعرض لها .فجميع الأنظمة في العالم وبضمنها الدكتاتورية منها لديها دساتير ولكن المعنى ليس في ما لديها بل في مدى تطبيقها له وحمايته من الخروقات .اليوم هناك الكثير من التساؤلات تغذي مخيلة المواطن والسياسي ولا تجد من يجيب عليها .. هل وفرنا الحماية القانونية الكافية لهذا الدستور لتحصينه ضد الخروقات التي قد يواجهها عبر تضارب مصالح القوى السياسية مع بنود هذا الدستور ؟ وهل سنسمح لهذه المصالح الضيقة من أن تذهب بالدستور بالاتجاه الذي تريد لتحقيق رغبات السياسيين .؟من هنا نجد إننا اليوم نشهد اختبارا حقيقيا للقوى السياسية ومدى التزامها بالدستور الذي صوت له الشعب العراقي من خلال مناقشة قضايا كثيرة ومنها قضية المجلس الوطني للسياسات خاصة إذا ما عرفنا ان البرلمان وافق من حيث المبدأ على تشكيل هذا المجلس بالرغم من المخالفات الدستورية الكبيرة والخطيرة والتي تمس الكثير من الثوابت الوطنية والقانونية ومنها مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء والتجاوز على صلاحيات السلطة التشريعية والتنفيذية فضلا عن زيادة حالة الترهل التي تحاول الحكومة معالجتها من خلال الترشيق الوزاري بعد الضغوطات الشعبية الكبيرة .ولو عدنا الى الوراء قليلا لوجدنا ان العملية السياسية شهدت الكثير من الخروقات الدستورية التي تحدث كلما اصطدمت المصالح الفئوية والحزبية للقوى السياسية مع المواد الدستورية الواضحة ،والأمثلة كثيرة منها: إبقاء جلسة البرلمان العراقي الأولى  مفتوحة لفترة طويلة .ولو عدنا الى أصل فكرة المجلس الوطني للسياسات لوجدنا انه صفقة سياسية جاءت لإرضاء طرف معين من أطراف العملية السياسية مقابل إعطاء مكاسب لقوى أخرى . من هنا نكتشف ان المجلس بالأساس لم يأت عن حاجة البلد او الشعب لمثل هذا الكيان الذي يراد له ان يكون سلطة رابعة تضاف الى السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ليزيد المشهد السياسي سوءا وتعقيدا لأنه يتسبب في تعدد مراكز القرار وتشتت الصلاحيات،وهذا ما يستطيع اي شخص ان يكتشفه من خلال مطالعة مسودة القانون التي قدمتها القائمة العراقية  .لذلك نريد أن نقول إن البعض من القوى السياسية تتخذ من الشعارات الوطنية جلبابا للوصول الى المناصب وتقاسم السلطة في ما بينها حتى لو كان ذلك على حساب خرق الدستور وترهل الحكومة وتشتت القرار . وفي الوقت الذي تدعي فيه القوى السياسية الحرص على حقوق الشعب العراقي نجد إنها تصر على خرق الدستور من خلال تمرير اتفاقات كثيرة شهدتها العملية السياسية يتم من خلالها تكييف الدستور مع رغبات السياسيين ومنها مجلس السياسات ،وكل ذلك تحقيقا لمصالحها الفئوية بعيدا عن مصالح الشعب العراقي .  من اجل ذلك نريد ان نقول بأنه على جميع الحريصين على التجربة الديمقراطية  لاسيما الإعلام الحر ومنظمات المجتمع المدني التي وقفت أمام خروقات الدستور في عملية إبقاء جلسة البرلمان مفتوحة في بداية تشكيل الحكومة والتي قدمت شكوى إلى المحكمة الاتحادية حينها ضد رئيس البرلمان الأكبر سناً ان تتحرك بنفس القوة والفاعلية لإيقاف الخروقات الدستورية في قضية مجلس السياسات وفي غيره من القضايا من اجل حماية الدستور العراقي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram