اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > سَنَةُ الحكومة ومئة يوم المالكي

سَنَةُ الحكومة ومئة يوم المالكي

نشر في: 20 أغسطس, 2011: 06:43 م

عماد حسن بعد مئة يوم مسرعة استطاع السيد المالكي أن ينفذ منها بسهولة أقل من سهولة حسابه للأيام على أصابعه.وكنا نحن الفرحين برؤية الأيام المتساقطة من تقاويم علقها الرجل، بكثير من التعسف والارتجال، على مَلَكَة الإحصاء لدينا، نجرب العد لأول مرة في حياتنا،
 وأعني عد أيام وعداً قطعته الحكومة لجمهورها بعد أن قضينا الثلاثين عاما ماقبل 2003 نتأسى بِعَدِّ جثث الراحلين من أهلنا وأصدقائنا.كانت هبات الحكومة في ذلك الزمن، دجاجة يتيمة في شهر الطاعات، وكانت الناس تلتهمها وهي تضحك من فرط المهزلة، مهزلة أن يعيش الإنسان زائداً عن حاجة الكون والوجود. والحق أن معنى تلك الدجاجة الرمزي كان اكبر من معناها الواقعي ،فهي لم تكن للأكل فقط  وهي لم تكن لتذكير الجمهور بشكل الدجاج، بعد أن نسوه لطول هجر، بل كانت لتذكيرهم بالطغيان الذي كان يلفهم. كان لتلك الدجاجة اسم مبتكر وفريد، مكرمة القائد، تلك المكرمات التي أغرقنا بها طوال ثلاثين عاماً من حكمه المرير.حينها تركنا عدّ الأيام الكثيفة واللزجة التي كانت تقطر من أعمارنا وانشغلنا بعد ماتبقى من أيام،ربما، ستحمل معها نهاية عذاب العد إلى مالانهاية ،وانتظرنا عصرا جديدا يبزغ، ليس فيه الكثير من مكرمات القادة. لكن يبدو أن القادة مصرون على إخضاعنا لعدّ أيامهم الفاشلة، أيامهم التي تشبه هباءهم وقصر نظرهم وافتقارهم إلى الخيال.وفجأة ودون سابق تخطيط خرج علينا قائدنا الجديد ليعلن فرمان المئة يوم ويورطنا، من جديد، بعذاب العدّ. ويبدو أننا صدقنا ما وعد به الرجل فتحاملنا على أنفسنا، نحن الذين أنْهكّنا العدّ، وابتدأنا تزيين بيوتنا المتهالكة وغرف نومنا بتقاويم المالكي الجديدة، مفتتحين التاريخ الجديد بتصديق كذبة مفادها، إن للتاريخ وجود أكثر من وهم وجودنا نحن فيه. كانت الأيام تركض إلى نهايتها دون أن تنذر بشيء وكنّا في كل يوم نُرحّل تفاؤلنا إلى اليوم الذي يليه ولم نشأ أن نُكذّب شيئاً أو أن نتخلى عن أملنا بمعجزة التقويم الجديد أو أن نشك بحكمة (الحزب المجاهد) الذي أكل تراث (الحزب المناضل)، كما أكلنا نحن الدجاجة ضاحكين من المهزلة.وفي اليوم التاسع والتسعين من السَنَة المالكية المجيدة بدأت تنبت، في كل مكان، وجوه المتحدثين والمقربين المتحذلقين، الأغبياء والأميين،ماسحي أكتاف الطغاة السابقين، مدراء موائد خمر شعراء البلاط الموتى ومنظمي مهرجانات شعر مديح القائد الأوحد. بدأ المقربون من قائدنا الجديد يغلقون الباب الوحيد المؤدي إلى خارج الأيام المئة الثقيلة، تاركينا نهباً لخوائهم، ولنجد أنفسنا ثانية ضمن مدى مكرمات القادة الكثيرة، المكرمات التي تخيفنا لارتباطها مع مانتوجس منه دائماً.وحقيقة الأمر، إن لرمزية الدجاجة تلك ما يشابهها في التاريخ ولها، بالتأكيد ما يقابلها في الحاضر، فهي وبرغم اقترابها من التراجيكوميديات الكبيرة تبقى هي الأكثر استغراقا لخيال الدكتاتورية الفقير. فوسط بحار من جوع التسعينات وحرماناته تبدو الدجاجة من الضآلة حد أنها لا تنفع أن تكون القشة التي يتعلق بها الغريق ليأسه من الحياة أو لأمله فيها، وهي مع ذلك رمز هائل للإذلال الذي يجب أن يشعر به الناس لتكتمل شرعية الدكتاتورية، شرعيتها التي تستمدها من قوتها بامتلاكها كل السلطات المتاحة لها،بالإضافة إلى المال والسلاح والدين.وإذا ما اعتبرنا هذا الأخير هو المقدمات المنطقية والإ طار الموضوعي لغرض الاستحواذ على الاثنين اللذين قبله، فان من اليسير تخيل حجم التشابه بين مكرمة الدجاجة الرمضانية تلك وبين القرار الذي أصدرته الحكومة ممثلة برئيس مجلسها بالسجن عاماً على من افطر علناً في رمضان. لا يخفى علينا نحن الذين عشنا حلكة سنوات القائد الأوحد، بأن القرار هذا قفز إلى ذهن (عبد الله المؤمن) في لحظة صفاء وتجل شريرين، لأنه أراد أن يضيف للعراقيين رعباً آخر غير رعب حروبه وعسسه وسجونه ومقابره الجماعية. وهو أيضاً لم يكن معنياً أن يفطر الناس علناً أو سراً لأن الناس كانوا شبه صائمين منذ عام 1991 .كان هذا هو الثقب الذي نفذت به حكومتنا من جدار مئة المالكي المثقلة بالوعود والآمال والترقب. خرج علينا الرجل يؤبن أيامه المئة الغابرة بشكاوى لم نكن لنتقنها نحن الذين سحقتنا عجلاتها الثقال. كان إنشاؤه ثقيلاً، كأيامه، وكان خطابه أشبه بموعظة عن اللاشي، عن الهباء، عن فقر خطير في الذكاء وفي الخيال. الإفطار العلني، توصيل لطغيان انقطع عام 2003 بسقوط غابة التماثيل الشاسعة واستمرار بلعب دور لم يستطع من أتى بعدها أن يبتكر أدواراً أقل فجاجة وأكثر صنعة.وها نحن ثانية في زمن المكرمات، ندور ونُدَوَّر فيه، كمؤمن يدور حول كعبته. من الدجاجة الرمضانية الى السَنَة الرمضانية، ومع أني لا أرى تشابهاً كبيراً بينهما، إلا إني أيضاً أعول على الطغاة بإيجاد خيط واه بين الاثنين. كما وجد من ولى تشابها بين الإعدام والتذويب والدفن الناس أحياء وبين الانتماء لحزب الدعوة. ووجد من جاء بعده، من حزب الدعوة، بإيجاد تشابه بين السجن المؤبد وبين من (أنشأ داراً أو موقعاً بقصد تنفيذ برامج أو أفكار مخالفة للنظام العام أو الترويج لها أو تسهيل تنفيذها).السَنَة الرمضانية وتأبيد احتجاز شخص أراد قول

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram