TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > الموصليون يعوّلون على النظام القبلي في ظل انعدام الطاقم الأمني

الموصليون يعوّلون على النظام القبلي في ظل انعدام الطاقم الأمني

نشر في: 20 أغسطس, 2011: 09:20 م

نينوى/ نقاشلا يخفى على احد التدهور الأمني الكبير الذي نخر جسم الدولة العراقية في المرحلة المنصرمة لاسيما في محافظة نينوى التي تضررت بشكل كبير إزاء هذا التدهور. المظهر الخارجي لمعظم سكان مدينة الموصل
لا يشير إلى أية علامة على أصولهم العشائرية فالموظفون منهم يحرصون على ارتداء بدلات رسمية وربطات عنق حريرية وكذلك يفعل معظم مسؤولو الحكومة. لكن سطوة العشائر على الحياة السياسية بالتزامن مع انهيار مؤسسات الدولة، دفع أهالي المدينة العريقة إلى التنقيب في أشجار نسبهم كي يضاف اسم العشيرة كلاحقة إلى أسمائهم. هكذا سادت ألقاب مثل الجبوري والطائي والشمّري إلى جوار ربطات العنق. لم تلجأ عائلة حامد السيد نجم المصلاوية الحضرية إلى المحاكم والقضاء العراقي لانتزاع حقها إثر حادثة الدهس التي أودت بحياة احد أبنائها، بل كان العرف العشائري الفيصل في ذلك. رئيس مجلس محافظة نينوى جبر العبد ربه حضر الجلسة التي جمعت طرفي القضية للاحتكام إلى "القانون العشائري"، لكنه لم يأتِ بصفته الرسمية، وإنما كونه من شيوخ قبيلة الجبور، التي ينتسب إليها الشخص المتسبب بالحادثة. أغلب العوائل الموصلية بدأت تعود إلى أصولها العشائرية لأن القانون لم يعد يحمي أفرادها، فأصبحت هناك حاجة فعلية للاحتماء بقوة القبيلة في ظل غياب قانون الدولة المدنية وضعف أدوات تنفيذه، وفقا لقول نصار النعيمي قريب عائلة سيد نجم. ويضيف، أن الحكم العشائري في هذه القضية "فرض على غريمنا، دفع ديّة قدرها 25 مليون دينار عراقي، لكننا أعدناها لعائلته في الجلسة نفسها، تعبيرا عن حسن النية". ولم يتطلب البت في هذه القضية عشائريا سوى أيام معدودات، "بينما يستغرق حسمها أشهرا في المحاكم العراقية. الشيخ برزان البدراني يرى أن "القانون العشائري" أصبح ضامنا أكثر من قانون الدولة العراقية، بسبب عرقلة تطبيقه، لاعتبارات كثيرة، أبرزها متعلقة بالوضع الأمني. ويسند رأيه هذا بأمثلة من الواقع، حيث أنه يحكم باستمرار في نزاعات أطرافها موصليون متحضرون، ارتضوا بالعرف العشائري حكما، يقول هو. "دور العشيرة الفاعل في السلطة المحلية والأجهزة الأمنية، لم يكن عرضيا، لان انهيار مؤسسات الدولة العراقية بعد نيسان أبريل 2003 والفوضى التي سادت وقتذاك، دفعت العشائر إلى ملئ الفراغ الأمني والسياسي"، الكلام للدكتور احمد فكاك رئيس قسم السياسة العامة في كلية العلوم السياسية، جامعة الموصل. هذا الدور تعزز عندما صار الشيوخ والوجهاء، مسؤولون شرعيون عن حماية مؤسسات الدولة الحيوية، بعقود رسمية مع السلطة، خاصة محطات توليد الكهرباء وأنابيب النفط وسكك القطارات وغيرها. ويتابع فكاك وهو متخصص في التاريخ، موضحا مراحل تعاظم دور العشيرة السياسي، قائلا: "إن إتباع الممارسات الديمقراطية في العملية السياسية، مكّن العشائر من زج أبنائها في مراكز الحكم المتقدمة فيما بعد، بفعل قوتها الانتخابية، مقابل الانسحاب شبه تام للتكنوقراط". ويتضح ذلك في الدورة الأولى لمجلس محافظة نينوى، المعينة بداية 2005، حيث ضمت ستة شيوخ عشائر رئيسيين. أما الدورة الحالية ففيها 15 عضوا فازوا بأصوات عشائرهم، من أصل 25، لان 12 عضوا من قائمة نينوى المتآخية (كردية)، منسحبون. "انك تعتاد على سماع كلمة (شيخ) في المحادثات التي تدور بين أعضاء مجلس المحافظة، إذ أن الرئيس ونائبه وخمسة أعضاء آخرين، هم شيوخ عشائر معروفة، عربية وغير عربية"، يقول لمراسل "نقاش". في حين أن رئيس اكبر كتلة في مجلس المحافظة وشقيق النائب الأول للمحافظ، هو رئيس قبيلة شمر الشيخ عبدالله العجيل الياور، وأحد أكثر الشخصيات العشائرية نفوذا في العراق. ويعتقد العضو الاحتياط في البرلمان عبدالله الحمدون، أن نصف نواب القائمة العراقية عن نينوى (مجموعهم 20) فازوا بأصوات عشائرهم، وستة من النصف المتبقي هنّ نساء، فزن عبر الكوتا، اي بأقل الأصوات. الملفت للنظر أن جميع من تحدث عنهم حمدون مع "نقاش"، يستخدمون اللقب العشائري في أسمائهم. تفسير ذلك ربما نجده لدى أحد موظفي مفوضية الانتخابات في الموصل، حين ذكر أن نسبة كبيرة من الناخبين في الانتخابات البرلمانية السابقة سألوا عن مرشحين ينتمون لعشيرتهم ذاتها، كي يصوّتوا لهم. ويبدو ان فوز نصف نواب قائمة رئيس البرلمان أسامة النجيفي، بالقوة العددية للعشائر، شجعه لقبول فكرة أن يكون رئيسا لمجلس شيوخ عشيرة بني خالد المنتشرة في عموم البلاد، والتي يرجع نسب عائلته إليها، وهو ما تحقق فعلا في 22 تموز (يوليو) الماضي. كل ذلك يجعلنا نلتفت إلى العقود الأربعة الماضية، التي شهدت موجات هجرة مستمرة من الريف إلى المدينة، سببها الجفاف وتردي الإنتاج الزراعي وقلة دعم الدولة للفلاح، مقابل أن المدينة تبقى جاذبة، لتوفر الخدمات الحياتية. الخشية من تأثير أبناء العشائر الوافدين إلى المدينة، في قيم وعادات المجتمع الموصلي الذي اشتهر بمدنيته، جراء تزايد أعدادهم باستمرار، وتجمعهم في مناطق معينة خاصة الأطراف، واضحة لدى جزء كبير من الموصليين. حول ذلك، يع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram