 هاشم العقابيلم أر والدي ضحك يوما مثلما ضحك على صدام حين طلع بخطاب، أيام الحرب مع إيران، يتهم به الخميني بالجهل بالدين لان الأخير لم يوقف القتال بشهر رمضان كونه من الأشهر الحرم. وحين سألنا الشيخ الوالد عن سر ضحكته الغريبة، أجاب: "يبدو أن القائد الضرورة لا يعرف بان معركة بدر دارت رحاها في رمضان وانه ليس من الأشهر الحرم".
صورة والدي وهو يضحك ساخرا بمن يدعي المعرفة بكل شيء وهو قد لا يعرف أي شيء، ارتسمت أمامي حين أرغمني السيد على الشلاه على أن اضحك بالطريقة ذاتها لحظة سماعي  تصريحه حول "النظريتين" السنية والشيعية في التعليم. لاول للمرة الأولى اسمع بهكذا نظريتين وأنا الذي أفنيت عمرا في دراسة نظريات التعلم. يبدو أن نوابنا يتصورون أن عضوية مجلس النواب تخولهم أن يقولوا  كل شيء.  بعلم أو بدون علم. ثبت حقا أن شر البلية ما يضحك.الذي درسته وتعلمته في المعاهد والجامعات الأكاديمية أن هناك نظريات للتعلم وللتربية جاء بها ديوي وهربرت وروسو وغيرهم. نعم قد تكون للمذاهب والأديان وجهات نظر واختلافات حول المستحبات والواجبات مثلا، لكن أن تعتمد مثل هذه كنظريات في مؤسسات الدولة التربوية فمعناها  سنقرأ على التربية والدولة السلام. فالحوزات الدينية والمدارس الفقهية شيء، والمؤسسات التربوية، التي تهدف إلى إنشاء جيل عالم يعتمد التفكير العلمي في بناء الوطن والمواطن الصالح، شيء آخر. إن إخضاع المناهج التربوية والتعليمية لما سماه الشلاه "النظريتين السنية والشيعية" ما هو إلا إحياء لما أقدم عليه صدام من قبله حين نادى بعسكرة التربية وتبعيثها. الفارق هو أن السيد الشلاه يطمح الى أدلجتها طائفيا وإخضاعها للمحاصصة التي جرت الويل والخراب على الشعب والوطن. ألم يطالب الشلاه علنا أن  "تكون دراسة هاتين (النظريتين) في مرحلة الثالث المتوسط وفقا لمبدأ التعادل بينهما وبنفس عدد الصفحات"؟ واضح أن المقصود هو المحاصصة حتى في عدد الصفحات. يعني إن كانت هناك عشر صفحات سنية تقابلها عشر شيعية. يا للعبقرية التي ترى أن العبرة بعدد الصفحات لا بمضمونها، كما هي عندهم في عدد الوزراء وليست بقدراتهم. إن  الدعوة لزج الطائفية بالعملية التربوية  مخالفة صريحة للدستور تستدعي إخضاع من ينادي بها  للاستجواب من قبل مجلس النواب للكشف عن النوايا الحقيقية التي تقف وراء دعوته لأنها تشكل خطرا كبيرا على وحدة الوطن وتدعو علنا لخلق أزمة بالانتماء الوطني بين أبناء الشعب.   ليكن معلوما عند السيد الشلاه، إن لم يكن يعلم، بان الطائفتين التي أراد الأخذ "بنظريتهما" تمتلكان  فهما مختلفا لمعنى الوطن والمواطنة، مثلما تختلفان في فهمها لطريقة الوضوء ووقت الإفطار والإمساك وفي اختلافهما عمن هو الأحق بالخلافة قبل  1400 عام. لذا من ينشد دولة مدنية يتساوى بها المواطنون بالحقوق والواجبات ويعيشون أحرارا متحابين  متحضرين في دنياهم، عليه أن ينأى بالعلمية التربوية بعيدا عن بؤر الاختلافات والاجتهادات المذهبية والطائفية التي تضر ولا تنفع.ولصديقي السابق، قبل أن يكون نائبا،  علي الشلاه أقول: لأنك سألتني الدعاء في يوم ما، ها أنا استجيب وأدعو لك ربك أن يبعد عن صدرك هذه الوساوس التي هي ليست من اختصاصك. وان يهديك الى أن تدع المساجد للعباد تسكنها، وتترك التربية لأهلها من المتخصصين والباحثين والأكاديميين. خوفي أن لا تكون أنت وبعض من أصدقائي السابقين الذي وصلتم للبرلمان أو لدفة الحكم قد أصابكم مس من الكآبة السياسية فصرتم تتصرفون وتتحدثون بما لم أعهده فيكم من قبل. تمنياتي لكم بالشفاء العاجل.