TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > نوعية الحياة الجديدة... وتحديات المستقبل

نوعية الحياة الجديدة... وتحديات المستقبل

نشر في: 21 أغسطس, 2011: 06:01 م

أوس عزالدين عباس مفهوم نوعية الحياة هو أحد المفهومات العميقة والشائقة التي شاع استخدامها في الكتابات الاجتماعية منذ سبعينيات القرن الماضي , وقد وجد هذا المفهوم طريقه منذ بعض الوقت إلى الدراسات المستقبلية لأن له جانبا يتعلق بشكل مباشر بالتنمية الشاملة وبالنظر إلى المستقبل , ومع كل ذلك فليس لهذا المفهوم تعريف محدد ومقبول من الجميع , وذلك لاتساع مجاله الذي يحيط بمختلف جوانب الحياة المختلفة وبكل تعقيداتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وكذلك البيئية .
 إن بعض الكتابات عمدت مؤخرا إلى تحديد عدد من المؤشرات التي قد تكشف عن طبيعة المفهوم وأبعاده مثل عوامل رفاهية الشعوب وتوافر الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والمشاركة الاجتماعية وتدعيم الحريات السياسية والمدنية الخاصة بمراعاة حق التعبير وحكم القانون دون تدخل الدولة مع الأخذ في الاعتبار وفي الوقت نفسه , نظرة الأهالي إلى أوضاع المجتمع والظروف العامة التي تحيط بهم وتقديرهم تلك الأوضاع والظروف والإحساس الذاتي بالسعادة والرضا , فالمفهوم إذن أكبر وأشمل من مستوى المعيشة والأوضاع الاقتصادية التي تحدد ذلك المستوى , فنوعية الحياة في آخر الأمر هي حاصل التفاعل بين كل هذه الأبعاد التي تؤثر في حياة الفرد والمجتمع وتوجه عمليات التنمية البشرية والاجتماعية .rnوقد اهتم المشتغلون بالعلوم الاجتماعية بتطوير هذا المفهوم , ووضع مؤشرات لقياس وتقدير درجة رفاهية الشعوب والرضا والسعادة ومدى توافر البنى التحتية التي ترتكز عليها تلك الرفاهية , وهذه المؤشرات قلما تتوافر في مجتمعات العالم الثالث . كذلك كانت هنالك محاولات , كما حدث في مؤتمر (( التنمية الاجتماعية ونوعية الحياة )) الذي عقد في (( كوبنهاجن )) في عام (( 1995 )) لتحديد أبعاد ذلك المفهوم بالرجوع إلى مايعرف بوجه عام باسم (( الحياة الإيجابية )) أو (( الحياة النشطة )) , والتي تشمل في الوقت الحاضر آليات نقل المعلومات وتدفق المعرفة وأساليب ومجالات الإفادة منها , ومدى انتشار التعليم , وخاصة التعليم العالي , ودرجة جودته , وغير ذلك , فلم تعد جهود التنمية تعطي في مجال نوعية الحياة على الأقل أولوية مطلقة للحياة الاقتصادية وتنمية الموارد الطبيعية , وإنما أصبحت تعني بالتفاعل بين الأبعاد المختلفة وبذلك تساعد على تقوية نوعية الحياة والاتقاء بها .ولقد أدت التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العالم خلال العقود القليلة الأخيرة إلى ظهور حياة مجتمعية ضخمة , كتلك التي ترتبط بمجتمع المعرفة , والتغييرات الكبيرة التي تفرض تحديات , والتي تحتاج من أصحاب القرار ضرورة إيجاد حلول حاسمة لها , وتؤثر تلك التحديات على بناء كثير من النظم والمؤسسات والأنشطة الاجتماعية كالعائلة وتوافر فرص العمل ونوعيته , والموقف من الثروات الطبيعية والبشرية وطرق التعامل مع البيئة واستخدام الطاقة , وقد ارتبط كل ذلك في السنوات الأخيرة من القرن الماضي , وهي فترة ازدهار اقتصادي في العالم المتقدم بإثارة الشكوك لأول مرة خاصة إذا ما كان النمو الاقتصادي هو المعيار الصحيح لقياس التقدم الاجتماعي , كما دارت مناقشات مطولة حول (( الثمن الاجتماعي)) للنمو الاقتصادي ومشكلة (( الفقر العام )) بالرغم من الثراء الفردي والخاص , وهذه المشكلة تهم على وجه الخصوص دول العالم الثالث والبلاد العربية , حيث تتركز الثروات الضخمة في أيدي عدد محدود من الأفراد , بينما تعاني الكثرة الهائلة من السكان أشد المعاناة من الفقر وما يرتبط به من مشكلات اجتماعية بالمعنى الواسع للكلمة .كذلك أثيرت الشكوك والتساؤلات حول إذا ماكان (( الكم )) يعني الأفضل والأحسن , وقد ازداد الإحساس بأنه قد يكون من الخير الاهتمام بـ (( الكيف )) , ومن هنا تولد مفهوم (( نوعية الحياة )) كبديل عن مفهوم (( الازدهار المادي )) الذي قامت حوله تلك الشكوك والتساؤلات , وتستشهد بعض الكتابات التي تتعرض لهذا الموضوع بالعبارة التي تنسب إلى الرئيس الأمريكي (( ليندون جونسون )) عن (( إن المجتمع العظيم هو الذي يهتم , ليس بالكم ولكن بالكيف , وليس بمقدار أو حجم السلع التي ينتجها وإنما بنوعية حياة الناس وجودة تلك الحياة )) . وكل هذه القضايا والمشكلات فرضت على عدد من المنظمات الدولية والهيئات العلمية في السنوات الأخيرة الاهتمام ببحث موضوع نوعية الحياة كما تتوافر في مختلف مجتمعات العالم , بما في ذلك المجتمعات المتقدمة , مع الاهتمام بمستقبل المجتمع الإنساني بوجه عام ووضع الخطط التي تعبر عن تصورات الباحثين وأصحاب القرار لما سيكون عليه , أو ماينبغي أن يكون عليه مجتمع الغد , وطبيعة أسلوب أو أساليب الحياة ونوعيتها في المستقبل القريب والبعيد , وقد تكون هناك درجة من التخيل والنظرة المثالية في تلك التصورات , ولكنها تعتمد في آخر الأمر على استقراء الواقع والتفكير العلمي وكذلك المنطقي .وقد اتسع نطاق اهتمام المنظمات الدولية بالتغييرات التي تطرأ الآن على نوعية الحياة وعلى تطوير سياسات التنمية ومظاهر رفاهية الشعوب بحيث شمل كل ذلك المجتمعات المتقدمة والدول الصناعية , كما هو الشأن الآن في دول الاتحاد الأوروبي , وتنظر هذه المنظمات الدولية إلى مشكلة نوعية الحياة من زاوية كلية وشاملة , بحيث تأخذ في الاعتبار الأوضاع والظروف العامة السائدة في تلك المجتمعات , وتنطلق هذه النظرة من شعار (( الإنسان أولا )) , وكلها تؤكد المدخل متع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram