هاشم العقابي يتصور البعض أننا نتصيد السلبيات ونغض الطرف عن الايجابيات، حين نكتب عن الحكومة أو البرلمان. هؤلاء لا يعلمون بأننا نبذل جهدا أكثر منهم للبحث عن أي ايجابية. لا إكراما لعين أحد، بل من اجل أن نبقي على شيء من الأمل في أنفسنا حتى وان كان ضئيلا. نحن لا نستهدف مسؤولا بسبب اسمه أو انتمائه. ولا ننقده بدوافع شخصية مطلقا، بل نحترمهم كأفراد ونقدر خصوصيتهم. لكن هذا لا يحميهم، ولا يمنعنا أيضا، من أن نشخص الخلل في أدائهم السياسي خاصة ما يتعلق بالفساد وفقدان الأمن وضعف الخدمات.
جرني لهذا الكلام عتاب من صديق لامني به على "تركيزي" على أخطاء الحكومة ورموزها، حسب وصفه. ثم أنهى عتابه بقول، لا اعرف من قاله، وهو: "انفك منك وان كان أجدع". أظنه قصد بأنني "شيعي" ويجب أن أقف مع "الشيعي" حتى وان كان فاسدا أو مقصرا أو ظالما.حقيقة زاد هذا الصديق يأسي يأسا، وأضاف لحزني حزنا آخر. لا ادري كيف يظل بيننا إلى الآن من يدعو للعصبية والتخندق المذهبي على حساب خراب العراق. لم أجد نفسي قد أخذتني صفنة طويلة مثل صفنتي عند هذا "الأنف الأجدع". إن صاحبي، ويبدو من حيث لا يحتسب، قد كشف لي احد أسرار الإصرار المتعمد على حماية المجرمين والفاسدين. فرئيس الوزراء مثلا، قد خلص وزير التجارة من فضيحة الفساد لأنه واحد من "أنوف" حزب الدعوة. وان الكتلة العراقية أيضا، لم ترشح الوزير الفلاني للوزارة الفلانية إلا لأنه "انف" لأحدهم. وان اغلب البرلمانيين يعينون أقاربهم في مناصب لا يستحقونها لان البرلماني يرى أن "انفه أولى بالمعروف". فيا له من "انف" جوّع الشعب ويتّم أطفاله وحرمه من ابسط مقومات الحياة الكريمة.وما دام الصديق العاتب علي، قد فتح ملف "الأنوف" الذي يضم كل ما في الطائفية والعنصرية من وساخة، سأجيبه هنا بصراحة. يا صديقي اعلم، أن الكاتب والصحافي الذي لا يقول الحق حتى لو على "انفه"، فهو الشيطان الأخرس. ولا يختلف عمن ظلم شعبه إن لم يسهم بظلمه. ثم أن استشهادك بهذا المثل المتعصب والمتخلف ما هو إلا اعتراف منك بتقصير من تطالبني بان أصطف معه. ثم دعني أريحك وأريح كل "الأنوف" التي أوصيتني بها، بأنني، وكثير مثلي من الصحافيين، نمتلك كما من المعلومات والملفات عن الكثير من السياسيين ونتعمد عدم فتحها. لا خوفا من احد، بل لأننا لا نريد زيادة هموم العراقيين أكثر مما هي عليه الآن. وستحين اللحظة المناسبة وعندها ستبدي لك الأيام ما نحتفظ به. إن هذا الشعب المسكين والمظلوم ما زالت به بذرة خير ويأمل بنا خيرا. لذا يرفدنا بالمئات، إن لم اقل أكثر، من الرسائل والملفات والشكاوى لأنه يعرف من يحبه ويخلص له.لا ترغمونا على كشف ما لا نود كشفه. فوالله أننا عاشرنا اغلب الذين انتخبهم الشعب منذ زمن "المعارضة" ، كما يسمى. لكنهم خانوا الأمانة. إننا تصلنا دائما معلومات دقيقة وموثقة عن بعض من سياسيينا يندى لها الجبين. صرنا نعرف من قال يوما وهو مسؤول كبير جدا، لمسؤول بدرجة وزير: "شنو أنت جيبك ما ينترس؟". نعرف من قالها ولمن قالها ومتى وأمام من قد قيلت. ونعرف أيضا لماذا يبقيه "الكبير" إلى جنبه. طبعا لأنه "انف" من "أنوفه" المقربة. ويشهد الله والعراق بأننا نعلم جيدا أن احدهم صار يتحكم بمصير العراق اليوم، برغم أن زوجته وابنته لم تنتخبانه لظلمه لهما بأشد أنواع الظلم. ومن لا يرحم أهل بيته لا يرحم أبناء وطنه. كذلك نعرف من استورد شغالات "أوكرانيات" يتباها بهن على رفاقه. ورغم انه لم يقصر بشتمنا لم نطرح هذا الأمر معتبرين بأنها أمور شخصية.نعم يا صديقي كنت مع التغيير وآزرته وساندت الذين انتخبهم الشعب بدوافع الحرص والخلاص من الظلم. لكني غيرت قناعتي مثلما غيرها الشعب وخرج محتجا على الذين انتخبهم. وصدقني يا ابن الحلال، لو أن مسؤولا انتقدت أداءه اليوم، ثم عاد وتغير نحو الأفضل غدا، فستجدني له عونا وأشيد به علنا، شريطة ألا يظل "أنفا أجدع".
سلاما يا عراق :انفك منك وإن كان أجدع!
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 21 أغسطس, 2011: 08:44 م