اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الدين في الفكر السياسي العربي

الدين في الفكر السياسي العربي

نشر في: 22 أغسطس, 2011: 05:56 م

حسين علي الحمداني تبرز حالة واضحة للعيان في المشهد السياسي العربي في مرحلة ما بعد الربيع العربي الذي أثمر حتى هذه اللحظة عن إزاحة نظامين في تونس ومصر، وهذه الحالة تتمثل بصعود التيارات الدينية والأحزاب الإسلامية بشكل كبير جداً. والسؤال الذي يطرح نفسه، إلى أين تتجه مسيرة الديمقراطية في بلاد العرب؟ وهل ستكون الموجة الرابعة من الديمقراطية هي السبيل لوصول الإسلام السياسي للسلطة؟
 علينا أن نعرف جميعاً بأن المجتمع العربي عاش في ظل حالة مزمنة من احتكار السلطة في كل بلد من قبل قلة مسيطرة مترسخة في أجهزة ومؤسسات الحكم، ويقترن ذلك بإقصاء القوى الاجتماعية والسياسية ذات التوجهات المغايرة لمفاهيم هذه القوة والتي تتقاطع معها جملة وتفصيلاًً رغم إن هذه الأنظمة تلبس ثوب الدين والطاعة كلما اقتضت مصالحها هذا الإتجاه.وبالتالي يمكننا القول بأن الحكومات العربية الدكتاتورية بالذات أدركت أهمية استخدام الدين في تثبيت شرعيتها وفرض هيمنتها، وربما هذا ليس محصوراً بالعرب والمسلمين وحدهم ، بل وجدناه أكثر ترسخاً في الغرب في القرون الماضية حينما كانت الكنيسة تدير الدولة وتتحكم بسياستها واقتصادها ، بل وتشن الحروب لأغراض دينية .ولو تمعنا بشكل الدولة العربية الإسلامية منذ تأسيسها سنجدها تقترب كثيراً من الدولة القومية منها إلى الدينية باستثناء مرحلة محددة من مراحلها والتي تغلبت فيها الإنسانية ومبادؤها قبل أن يتم تحويل اتجاه الدولة الإسلامية ومساراتها باتجاهات بعيدة كل البعد عن الإسلام وغاياته في تحقيق العدالة للبشرية ،فتحولت من دولة إسلامية شاملة إلى دولة قومية أختصت بفئة معينة وطبقة سياسية واجتماعية ظلت تتوارث الحكم حتى آلت للسقوط والتهاوي بسبب أمراضها الكثيرة وتركيزها على هوية واحدة دون غيرها.وفي حقيقة الأمر فإن المحصلة، كان يمكن أن تختلف تماماً لو أن قضايا مثل الحكم أو مصدر السلطة ونوعها، وشكل الدولة، أخذت حظها من البحث والتمحيص والممارسات خاصة وأن النص الأصلي (القرآن) لم يأت مؤيدا للاستبداد. لكن الذي وقع، في الفكر الإسلامي، هو أنه جرى خلط متعمد بين الحاجة إلى وجود سلطة وهي من مقتضيات الوجود الإنساني، وبين قبول السلطة حتى لو كانت استبدادية، وذلك وفقا لقاعدة أنه يفضل وجود طاغية لمدة عام على مرور ليلة واحدة من دون حكومة.ونجد هنا بأن الهدف من "التسويغ" واضحاً حينما عمدت الطبقات الحاكمة إلى توظيف النصوص والمقولات لتأكيد شرعيتها وترسيخ سيطرتها،ومن هنا يأتي تبرير كل أنماط السلطة مادامت تضمن الدين والمصالح، حتى في ظل "حاكم جائر"، وهذا ما ينتج عنه تضيق هامش الخلاف والمعارضة والمراجعة خوفا من الفراغ السياسي.أما الانعكاس العملي المعاصر لهذا المنحى فيتمثل في استخدام الشعارات الدينية لترسيخ أبوية السلطة.فالرئيس السادات أخذ لقب "الرئيس المؤمن" و"رب العائلة المصرية" وبالتالي فإن الخلاف في الرأي هو خروج عن (القيم) وسبقه الكثير من الحكام العرب عندما أكدوا في دساتيرهم التي لم يستفتوا أحداً عليها وحرصوا على وضع النص الشائع (( الإسلام دين الدولة والقرآن الكريم مصدر التشريع))، ولعل هذا مأزق كبير وضعت الأنظمة العربية نفسها فيه من خلال قُصر نظرها في التعامل مع الأقليات الدينية الموجودة في العالم العربي، ونجد الآن تصدعا كبيرا جداً في العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع العربي أبرزها حالة اللاحرب واللاسلم بين المسلمين والأقباط في مصر،واللغط المستمر حول المادة الثانية من الدستور المصري وغيرها من الأمور التي لا تخفى على أحد.لهذا ظل الحاكم العربي يسخر كل الأشياء من أجل ضمان الطاعة المطلقة والخضوع الكامل لشخص الملك أو الرئيس أو الأمير. وهنا نجد بأن النظام السياسي العربي مهد لعلاقات التزاوج بين الحكم والمؤسسة الدينية، فإن النتائج تتعدد وفقا للمشيئة السياسية، وهذا ما تجسد بشكل واضح في حكم العثمانين الذين رفعوا شعار الخلافة الإسلامية وبسطوا نفوذهم على الأمصار العربية أربعة عقود دون أن يفكر العرب بأن هؤلاء يحتلون أرضهم باسم الخلافة.لهذا نجد بأن التيارات الإسلامية وبعد موجة التغيير التي طالت بعض البلدان العربية تمكنت من استنهاض الموروث العقائدي وتحريك اللاوعي داخل الإنسان العربي من أجل تحقيق ما تصبو إليه هذه الأحزاب والتي تحاول جهد الإمكان استغلال المناخ الديمقراطي للوصول للسلطة ويساعدها في ذلك عزوف الناس عن الأحزاب التقليدية ذات الاتجاهات العلمانية والليبرالية وهذا العزوف يتمثل بعدم ثقة الناس بهذه الأحزاب، وهذا تجلى بوضوح في التجربة العراقية التي آلت نتائجها لأحزاب إسلامية باتجاهات متعددة مع غياب واضح للقوى العلمانية والليبرالية. لهذا نجد بأن الأحزاب والتيارات الإسلامية في مصر وتونس الآن تقوم بعملية إدارة لتناقضات المجتمع وتحويلها لمكاسب لها،وهذه الحالة كانت ومازالت حاضرة بقوة في المشهد السياسي العراقي ، حيث سعت القوى السياسية لأن تدير تنوع المجتمع العراقي وتجعل منه  تناقضات تمكنت من القفز من خلالها لما تريده . وبالتالي وجدنا بأن حتى الديمقراطية وشعاراتها وأحلامها توقفت عند مشهد التصويت وفرز النتائج دون أن تعطي مخرجات ديمقراطية بقدر ما أعطت تشوهات جديدة ، ليتحول المشهد الديمقراطي 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram