TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الإعلام العربي ومفاهيم التغيير

الإعلام العربي ومفاهيم التغيير

نشر في: 22 أغسطس, 2011: 05:57 م

محمد صادق جراد هل على الإعلام العربي أن يتحمل جريرة صمته ومساندته للأنظمة الدكتاتورية ؟ وهل يمكن لهذه المؤسسة أن تسهم في ترسيخ مفاهيم الديمقراطية وتساعد المواطن العربي على استيعاب المرحلة الجديدة ؟  يمكننا في البداية أن نصف الإعلام العربي في مجمله بأنه لم يكن إعلاما نقديا تجاه الآخرين ومواقفهم ، وبالذات تجاه الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت الدول العربية لعقود من الزمن
 ويعود ذلك لكون هذه الحكومات كانت بعيدة عن المفاهيم الديمقراطية وسعت للتحكم بالمؤسسة الإعلامية والسيطرة عليها . بل أكثر من ذلك، حيث نرى أن المادة الإعلامية التي كانت تنتجها هذه  المؤسسة تدور في كثير من الأحيان في فلك الحاكم، وتروج لفكره وتظهر مناقبه ولا تتعرض لممارساته الخاطئة بل تتابع تحركاته وترصد نشاطاته وتجعله منزها عن الأخطاء والنواقص.لذلك وجدنا أن الإعلام العربي قد ربط وجوده مع وجود النظام وهكذا جميع المؤسسات الأخرى ومنها المؤسسة الأمنية والثقافية وحتى المنظمات المدنية غير الحكومية أصبحت مجرد واجهات للأنظمة الحاكمة بعيدا عن الأدوار الحقيقية التي جاءت من اجلها .ومن خلال ما حدث في ثورات العرب في مصر وتونس يعتقد البعض بان مفهوم الثورة يعني التغيير الشامل لكل مفاصل الدولة عبر نظرة قاصرة يجد أصحابها ضرورة ربط تغيير النظام مع تغيير المؤسسات التي كانت تقدم له الدعم والمساندة في مختلف المجالات  .وحسب هذا التفكير يطالب البعض بإلغاء بعض المؤسسات المتهمة بمساندة النظام سيما المؤسسة الإعلامية وخاصة في مصر حيث نسمع الكثير من هذه المطالبات والتي ترجمها الثوار الشباب عبر إصدار قائمة سوداء كما يسمونها شملت الكثير من الشخصيات الإعلامية والفنية والثقافية في مصر .وهذا التفكير يجعل جزءا كبيرا من أبناء البلد من الكفاءات والطاقات ضمن مشروع الإقصاء والإبعاد عن دورهم في بناء المشروع الديمقراطي الجديد من خلال إدراجهم في قوائم المنع التي تبعدهم عن ممارسة العمل، الأمر الذي سيخلق فراغا واضحا في المؤسسات الحكومية وغياب الخبرات المهنية المطلوبة في مرحلة التغيير فضلا عن خلق حالة من الصراع والعداء بين شرائح مختلفة في المجتمع .وتجدر الإشارة هنا إلى أن التجربة العراقية قد مرت بمرحلة مشابهة . ومن خلال معايشتنا للتجربة وجدنا أن الكثير من أبناء البلد ممن كانوا مجبرين على العمل في مؤسسات تدعم النظام الشمولي السابق قد تغيرت مفاهيمهم باتجاه الإيمان بالتغيير وإنجاح الممارسات الديمقراطية وأصبحوا أدوات مهمة وفعالة في ترسيخ المفاهيم الجديدة وبناء الإنسان الجديد في العراق .لذلك نجد أن المواطن العربي اليوم بحاجة إلى جرعات توعية في ما يخص المفاهيم والممارسات الجديدة لكي نساعده على استيعاب مرحلة التغيير وهضم المفاهيم الجديدة وهي مسألة في غاية الصعوبة لأنها تتطلب تغيير القناعات السابقة والتوجه نحو السلوك السليم , وكل هذا يندرج تحت مسؤولية الإعلام ودوره في التغيير والتأثير على المجتمع وأفراده بمختلف ثقافاتهم وانتماءاتهم باعتبار إن الإعلام هو أقوى وسائل التغيير الحديثة ويلعب دورا مهما في توجيه الرأي العام بل وصناعته أحيانا من خلال ما يقدمه من تحليلات وتفسيرات للأحداث تسهم في تشكيل قناعات جديدة ونقل الحقيقة المجردة، والدقيقة، والموضوعية لكل الناس بمختلف شرائحهم، وطبقاتهم، وفئاتهم لتساعدهم على تكوين مواقفهم وآرائهم تجاه ما يحدث في الساحة العربية والعالمية .من هنا نرى بان الإعلام الوطني يتحمل مسؤولية كبيرة خلال المرحلة الانتقالية ليقوم بدوره في تنوير المتلقي من خلال العمل على نشر المفاهيم الديمقراطية المتمثلة باحترام حقوق الإنسان واحترام الرأي وتقبل الرأي الآخر وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد ,وهذه المهمة لم تكن يوما بالسهولة التي يتصورها البعض إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار مخلفات الأنظمة الدكتاتورية .خلاصة القول.. إننا إذا ما أردنا إنجاح التجارب الديمقراطية الجديدة فعلينا تأسيس إعلام وطني مؤمن بالتغيير ومفاهيمه الجديدة وعلينا دعمه بالتشريعات التي يحتاجها من اجل أن يطور نفسه ويحصل على مساحة واسعة من الحرية ليقوم بدوره بعيدا عن الإقصاء والأخذ بجريرة الانتماءات السابقة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram