TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين: مسلسل قديم

عين: مسلسل قديم

نشر في: 22 أغسطس, 2011: 09:21 م

 عبد الخالق كيطانإذا كنا غير متخصّصين بمكافحة الإرهاب، ولا ناقة لنا ولا جمل بخطط المخابرات، ولا نفهم كثيراً بعلم الجريمة، ومع ذلك نردد يومياً القول أن تكرار العمليات الإرهابية التي تنفذ في العراق خلال السنوات السابقة، بالسيناريو ذاته، يؤشر حقيقة مفادها ان المنفذين هم كتلة واحدة، إذا كنا نقول ذلك، ونكرره نهاراً جهاراً، فلماذا تظل أجهزتنا المتخصصة تتعامل مع الموضوع بطريقة أكثر من بدائية؟
وللسنة الثالثة على التوالي تحدث تفجيرات رمضان في المحافظات نفسها، وخاصة النجف والكوت، العمليات الإجرامية المدانة بأعلى الأصوات، والتي ذهب ضحيتها العشرات من الأبرياء يوم الاثنين الماضي، تكشف عن طريقة متكررة في ضرب الناس، سواء بالسيارات المفخخة، أو بالأحزمة الناسفة، أو بالعبوات مختلفة الأشكال. المهم في الخطة عناصر المباغتة، والتزامن في التفجيرات، واستهداف شرائح معينة في كل هجمة.واكتشاف ما تقدم لا يحتاج إلى عبقرية، ولا محللين استراتيجيين، بل إلى قليل من النباهة، والحرص. وأنت إذا ركبت أي وسيلة نقل عام فستكتشف أن المواطنين الذين يشاركونك الرحلة يكررون الجمل ذاتها التي اكتشفتها للتوّ، فكيف تغيب مثل تلك الجمل عن بال العاملين في الأجهزة الأمنية والمخابراتية الداعمة؟ومن سخريات القدر أن يكون مصير أبنائنا وبناتنا بيد نائب برلماني حمّل قناة "بغداد" الفضائية مسؤولية الدم العراقي لأنه يعتقد أن هذه القناة بعرضها مسلسل "الحسن والحسين" قد أثارت النعرات الطائفية. بالطبع لم يقل لنا السيد النائب المحترم كيف والتفجيرات طالت مناطق شيعية وسنية على حد سواء، مع أنني أعرف إجابته الافتراضية: حتى يضيع الأثر!ألم أقل لكم أن الموضوع هو مسلسل قديم؟ فالأجهزة الأمنية، ومن ورائها العاملون في السياسة، شغوفون جميعهم بمسألة البحث عن مسببات للإرهاب الأعمى في العراق، ولأنهم عجزوا عن إيجاد تلك الأسباب ظهرت نظريتهم حول المسلسل التلفزيوني. فالعراق يعيش في نعيم ما بعده نعيم. يظهر الواحد منهم في شاشات التلفزيون ليتحدث عن العراق بوصفه سويسرا الشرق، وإذا ما رفعت صوتك بكلمة نظر إليك شزراً وذكّرك بزمان مضى. تقول له: يا مولاي، المسألة ليست مقارنة بين عهدين، بل البحث المنطقي في بلد ثرواته لا تقدّر، وميزانيته الأعلى في المنطقة، ومع ذلك، فناسه يعيشون في صرائف ورجالهم يبحثون عن الخلاء وبأيديهم "بركانهم" الموروثة!لقد بحث ساستنا وقادتنا الأمنيون عن سبب معقول يدفع بالإرهابيين إلى ضرب بغداد ومدننا الأخرى في الصميم، فلم يجدوا غير المسلسل الذي تعرضه عدد من القنوات من بينها قناة "بغداد"، متصورين أن هذه القناة تحقق نسب المشاهدة الأولى في العراق (مع كامل احترامي للقناة والعاملين فيها).. وبالطبع، فإن الدخول للنفق الطائفي، بالنسبة لساستنا وقادتنا الأمنيين، هو أسهل الحلول إذا ما أرادوا الزوغان من قضية حساسة. إنها السكين التي يضعونها تحت رقابنا كلما سألنا سؤالاً ما. فالطائفية مرض، بل وباء، عصف بنا وكان الذي كان.أترحّم على الذين سقطوا في هذا الأسبوع بلا ذنب. وأضع يدي على قلبي لئلا يتطور سجال الاتهامات فيصيب، بنيرانه الصديقة الماكرة أيضاً، هذه الجهة أو تلك، ويتطور الموضوع فيعود إلى المربع الطائفي الأول... وبين هذا وذاك... أتمنى أن يستمع أكبر مسؤول أمني في العراق لتحليلات المواطنين البريئة للعمليات الإرهابية، أسبابها ودوافعها، فذلك ابلغ وأجدى من تقارير مئات الضباط الذين يقضون أوقاتهم عادة بالجلوس وراء المكاتب المكيفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram