TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الـبــــدء: الـحـســن والـحـســين.. دراما التاريخ

في الـبــــدء: الـحـســن والـحـســين.. دراما التاريخ

نشر في: 23 أغسطس, 2011: 06:07 م

 علاء المفرجيالجدل الذي رافق عرض مسلسل "الحسن والحسين" والذي يتناول أكثر المراحل في التاريخ العربي والإسلامي احتداماً وإشكالاً، يعيد إلى الواجهة موضوعة تناول التاريخ درامياً، وهي موضوعة لم تجد اتفاقاً عليها من صناع الدراما، على مدى زمن طويل.
ولا مجال للاختلاف في ان الدراما التلفزيونية خاصة مع دخول البث التلفزيوني عصر السماوات المفتوحة، أكتسبت أهمية بالغة بالنسبة إلى منهاج القنوات الفضائية بسبب ما تحققه من نسب مشاهدة عالية، وقد شهدت في العقد الأخير، على الرغم من ندرة الإحصاءات نمواً ملحوظاً، خاصة مع بروز أقطاب إنتاج عربية جديدة وواعدة بعد أن كانت طاقة الإنتاج محصورة في بلد واحد هو مصر، وهو ما أدى إلى بروز مواهب في شتى اختصاصات الفن الدرامي.واستحوذت الدراما التاريخية على اهتمام قطاع واسع من الجمهور، ما جعلها المشروع الأهم والمفضل للجهات المنتجة.. ومع شيوع هذا النوع من الدراما، برز الاختلاف، من جهة زوايا النظر والقراءة للتاريخ..ولم يكن مسلسل (الحسن والحسين) العمل الدرامي الأول، الذي كان موضع خلاف بين مؤيد ومعارض له.. ويكفي أن نشير هنا إلى فيلم (الرسالة) الذي يعد أضخم إنتاج سينمائي عربي حتى الآن، فعلى الرغم من أن موضوعه الأساس كان قصة انتشار الدعوة الإسلامية، إلا إن الخلاف الأساس عنه تمثل في عدد من التفاصيل من قبيل تجسيد الشخصيات، وأيضاً سرد بعض الوقائع التاريخية.. وهو خلاف دفع إلى منع عرضه في أكثر من بلد إسلامي، حتى هذه اللحظة، على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على إنتاجه.والسؤال هو هل ترقى الدراما إلى مستوى الوثيقة التاريخية؟ وهل تلتزم الحياد والموضوعية في تعاطيها مع الاحداث التاريخية..؟غالباً ما تحاول الأعمال الدرامية التلفزيونية التي تقارب موضوعات تاريخية اكتساب مصداقية التاريخ ودقته، لكن الفن في مقاربته للتاريخ هو صانع للوهم والخيال. والمصداقية التاريخية مسألة فنية.. فالإقناع الفني، وليس الحقيقة المطلقة، هو ما يحدد نجاح أو إخفاق الدارما التاريخية والحقائق هنا ليست ثابتة، بل زلقة متعددة بتعدد الرواة والمفسرين.. فلم تكن زاوية نظر العرب عن صلاح الدين والحروب الصليبية مثلاً متطابقة مع رؤية الغرب المسيحي لها.. أو مثلما وجد البعض في كولومبس كمكتشف عبقري، فإن البعض الأخر قدمه كمهووس وذو نزعات استعمارية دموية، وحتى الأساطير الإغريقية التي قدمت مرات عدة، حاول كل مؤلف لها ان يسقط عليها طابعه وطابع عصره الفكري.. أمين معلوف لم يكن باحثاً تاريخياً لكنه لا خلاف كان روائياً حاذقاً.التاريخ إذن حق مشروع للمبدع يتعامل معه بشروط ما يكتب.. وفقط عندما نتلمس الوسائل الناجعة التي تحول التاريخ إلى دراما ناجحة، نكون قد تلمسنا جوهر الفن..فمثلما لا يمكن اعتماد الفن كوسيط صادق ونزيه في رواية التاريخ.. فإن كتب التاريخ ليست بالضرورة مصدر صادق ونهائي بالمطلق.وهنا تكمن المشكلة في مسلسل (الحسن والحسين)، بكونه تناول موضوعاً خلافياً امتد لأكثر من ألف واربعمئة عام.. فكان أطلاقه بمثل هذه الظروف الملتبسة من شأنه ان يشظي زوايا القراءة لهذه المرحلة من التاريخ. وهو ما يجعلنا نعيد صياغة سؤالنا ليصبح هل ترتقي الوثيقة الى مستوى دراما مستوفية عناصر الاقناع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram