TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نــص ردن :لصوص الديمقراطية

نــص ردن :لصوص الديمقراطية

نشر في: 23 أغسطس, 2011: 09:26 م

  علاء  حسن في لحظة عابرة من الزمن وبفعل نظام انتخابي فريد من نوعه ، وجد الكثير من ممثلي الشعب اليوم أنفسهم في صدارة المشهد السياسي ، وبعضهم لم يكن يحلم في الخروج من الهامش ، الا أن الصدفة وحدها جعلته زعيما لأتباعه ، عندما استغل الميول والتوجهات المذهبية والدعم الإقليمي المريب ليرسخ الانقسام في المجتمع العراقي ، وفي هذه الصورة المشوهة والمضطربة ، برز لصوص الديمقراطية بعد امتلاكهم شرعية الحضور في المشهد السياسي ،
 فأسهموا باضطرابه وجعلوا الديمقراطية في العراق عقيمة ، ومفصلة لحساب جهات معينة ، لم يعرف عنها أنها خاضت معترك العمل السياسي سابقا ، ولا تمتلك أي تراث نضالي ، وكشفت نتائج الانتخابات التشريعية عن حصول أكثر من 17 مرشحا على أصوات الناخبين ، وباعتماد النظام الانتخابي والقائمة  شبه المغلقة وصل الى مجلس النواب من يدعي انه ممثل للشعب العراقي ، ولكن بأصوات زعيم قائمته .في الدورة التشريعية السابقة فصلت الكتل النيابية قانون الانتخابات على مقاساتها ، فكان هذا التوجه الخطوة الأولى لضمان شغل مقاعد البرلمان من قبل لصوص الديمقراطية ، وعلى هذه القاعدة استندت الحياة السياسية ، فظلت تعاني أزمات ونكبات ، في ظل أوضاع أمنية متدهورة وغموض ملامح إدارة الدولة بشكل يضمن الاستقرار ويلبي إرادة الشعب العراقي . دول الجوار المتوجسة أصلا من ترسيخ النظام الديمقراطي في العراق ، استشعرت الخطر فسخرت كل إمكانياتها لإجهاض التجربة ، وحرصت على توسيع الانقسام داخل المجتمع العراقي  بأساليب معروفة ، وكانت ماكنتها الإعلامية تروج لفكرة أن البلاد متجهة نحو المجهول ، وسقوط النظام السابق يعني  فقدان صمام حفظ الأمن ، وبعبارة أدق ان الشعب العراقي سيفقد الكثير من مكتسباته بنهاية الديكتاتورية ومقابل ذلك اختارت دول الجوار من مواليها من يصلح لسرقة التحول الجديد في العراق ، فظهر لصوص الديمقراطية بدعم وتأييد إقليمي ، وكلفتهم بعرقلة العملية السياسية ، حينما شعرت بان أساليبها السابقة أصبحت بالية وغير فاعلة .حركة الاحتجاجات العربية وما أفرزته من نتائج على صعيد تغيير أنظمة ، رسخت قناعة العراقيين بان فضح لصوص الديمقراطية هو الخطوة الأولى لتحقيق الإرادة الشعبية ، وحينما اتسعت دائرة الاحتجاج وارتفعت الأصوات المطالبة بالإصلاح استعارت السلطة الأساليب القديمة لتكميم الأفواه ، ومصادرة حرية التعبير ، فشهدت البلاد أول سرقة في وضح النهار للديمقراطية ، من اجل ترسيخ الاستبداد والعودة الى ديكتاتورية جديدة بذريعة الحفاظ على مسار العملية السياسية.يمتلك لصوص الديمقراطية  وسائلهم الإعلامية للحفاظ على حضورهم في المشهد السياسي ، ومعظمهم استعان بمن يجيد العمل بالإعلام الموجه ، ليكونوا  في صحفهم وفضائياتهم بهدف الترويج لسادتهم بوصفهم رموزا وطنية وأصحاب مشروع إنقاذ الشعب العراقي من مظلوميته ، وتم اعتماد خطاب إعلامي يكرس الطائفية ، ويثير الخلاف ، واخذ يعمل بكل  حرية من دون اعتراض من دعاة الحفاظ على مسار العملية السياسية .من الواضح جدا أن ربيع الثورات العربية الذي أطاح بأنظمة ديكتاتورية ، يحتوي صفحة  ملاحقة سراق الديمقراطية ، ومن يعتقد بان فصل الربيع قصير عليه ان يعيد حساباته بدقة ، ومراهنته على قاعدته الشعبية خاسرة ، لان الحقيقة الوحيدة التي عرفها العراقيون منذ سقوط النظام السابق هي اكتشافهم لصوص ديمقراطيتهم ، وامام هؤلاء فرصة وحيدة لاستعادة دورهم في العملية السياسية بشكل حقيقي من خلال احترام ارادة شعبهم ، وبخلاف ذلك سيفقدون حضورهم في المشهد السياسي، والمصادفة لا تتحقق مرتين ليكونوا في صدارة المشهد . بعض الصحف العربية مازالت تصر على خطابها السابق في التعامل مع الأحداث في العراق ، ومن يغذي هذا التوجه لدى تلك الصحف لصوص الديمقراطية الذين أصبحوا سببا لشتم التجربة العراقية ، حتى في وسائل إعلام محلية " وصلوات على النبي صدام غيره ما نبي"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram