TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سنة "أم ذويل"

سنة "أم ذويل"

نشر في: 30 ديسمبر, 2012: 08:00 م

قبل أن تحل السنة الجديدة 2013 صدرت كتب الفلكيين ووصلت إلى المكتبات العراقية في وقت مبكر، وسط رغبة واسعة في اقتنائها، من مختلف شرائح المجتمع، فهي تقرأ المستقبل وتلبي حاجة المؤمنين بالغيب في محاولة لكشف المجهول ومعرفة المصير، فحامل الشهادة الجامعية العاطل عن العمل يبحث عن فرصة تعيين ثم الارتباط ببنت الحلال، والشابة تبحث عن شريك مناسب للدخول في القفص الذهبي، وكل طالب حاجة يتطلع لتحقيق مبتغاه، بالبحث إشارة تمنحه بارقة أمل في كتب الفلكيين.

يعلم معظم مقتني تلك الكتب أنها تصدر لأغراض تجارية بحت، وما تحمل من قراءة للمستقبل ليست صحيحة لأنها تستند لافتراضات وتصورات، لكنها تخضع لصياغة تمتلك إمكانية التأثير، على الرغم من اعتراض الكثير عليها لما تتضمنه من " كلاوات " وأكاذيب، ظلت محافظة على رواجها، لوجود من يرغب في شراء بضاعة تخضع للعرض والطلب، وهذه التجارة سائدة في كل مكان وحتى في العالم المتمدن.

في تقرير بثته إذاعة دولية عن تمنيات العراقيين في السنة الجديدة، عبر المتحدثون عن قلقهم من وجود رقم 13 فضلا عن مخاوفهم من قضايا أخرى تتعلق باستمرار الأزمة السياسية، وتداعيات الاحداث في المنطقة، وظهور شبح اندلاع حرب إقليمية ستلقي بظلالها على الساحة العراقية، والمسألة لا تتعلق بالرقم المشؤوم، وإنما بمعطيات تحصل على الأرض تبدأ بما يجري في سوريا، والتلويح بغلق مضيق هرمز، وسرقة ثورات الربيع العربي من قبل جهات تريد فرض إرادتها بالقوة للسيطرة على السلطة، وتنتهي بمحاولات إعادة المجتمعات للقرون الوسطى بذرائع الحفاظ على قيم أخلاقية اندحرت أمام غزو أجنبي،هذه المظاهر وغيرها عوامل رئيسية في رواج تجارة إصدار كتب الفلكيين.

تحتفظ الذاكرة الشعبية العراقية بمخاوف من حلول" السنة أم ذويل " عندما يظهر مذنب في السماء، ومثل هذه الظاهرة الفلكية النادرة، تثير الرعب لأنها نذير حصول كوارث مثل الفيضانات، وغزو الجراد، واندلاع حروب، وما تبقى من الذاكرة انتقل إلى الجيل الحالي فأبدى هو الآخر قلقه من كوارث محتملة بغض النظر عن ظهور المذنب، وبحساب العرب كما يقول العراقيون، موازنة العام المقبل نحو 112 مليار دولار وفي البلد أكثر من ثلاثة ملايين يتيم، فقدوا الآباء بالحروب وبعمليات إرهابية، أما أعداد الأرامل والعوانس فهي الأخرى بانتظار إجراء الإحصاء العام للسكان للحصول على بيانات دقيقة، وفي ضوئها ستبحث الجهات صاحبة القرار الحلول المناسبة لمعالجة المشكلة، وبحساب العرب، وجود الملايين من دون دخل ثابت في بلد نفطي، يعني أن "نجمة أم ذويل " فضلت المكوث الطويل في السماء العراقية ورفضت الأفول. ولهذا أصبح من الضروري أن تكون المطالب الشعبية أمام القوائم المستعدة لخوض انتخابات مجالس المحافظات والأقضية في الشهر الرابع من العام المقبل تتلخص بوقفة جادة لإنقاذ العراقيين على رؤية نجوم الظهر وإثبات براءة المذنب من تهمة اندلاع الكوارث.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

العمود الثامن: زعيم الثقافة

 علي حسين في حواره مع المثقفين العرب الذين شاركوا في معرض اربيل الدولي للكتاب ، قال الرئيس مسعود بارزاني إن : " الثقافة والمعرفة ركيزةٌ أساسية للتفاهم بين الأمم وشعوب المنطقة " .....
علي حسين

22 عاماً بين "جمهورية الخوف" و"دولة المافيا"

إياد العنبر سنتان بعد العشرين عاما على تغيير نظام الحكم في العراق، وهذه المرحلة شكلت ولادة جيل كامل، هو الآن في مرحلة الشباب. وجيل آخر، وأنا منهم، كان ينتظر لحظة سقوط الدكتاتورية، وكنا نحمل...
اياد العنبر

غزو العراق.. دلالات الصورة وتأثيرها لكشف الحقيقة

عصام الياسري مع مرور أكثر من عقدين على غزوه، لا زالت صورة المشهد الدرامي عالقة في أذهان العراقيين. ولم ينس أي مواطن عراقي عاش لحظة دخول القوات الأمريكية لاحتلال عاصمة بلاده "بغداد" بدعم دولي...
عصام الياسري

روما على مفترق طرق.. هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

محمد علي الحيدري تتجه الأنظار إلى العاصمة الإيطالية روما حيث من المقرر عقد الجولة الثانية من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران يوم السبت المقبل، في سياق إقليمي مضطرب وتحولات دولية متسارعة. الجولة الأولى...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram