TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلاكيت : عندما نسمع الصورة

كلاكيت : عندما نسمع الصورة

نشر في: 24 أغسطس, 2011: 07:37 م

 علاء المفرجي 1-2 الرغبة في الموسيقى التصويرية ، إنما تنبع من واقع أن الشريط السينمائي ، في جوهره ، هو فن الحركة ، ويمكن استخدامها بشكل مدهش وأخّاذ ، فهي ابتداءً بالعناوين يمكن أن تقوم بمهمة المقدمة للإيحاء بالجو العام للفلم. من بين جميع الفنون ، تعتبر الموسيقى الفن الأكثر تجريدية ، حيث يتحوّل المضمون إلى شكل ، كما يتحوّل الشكل إلى مضمون .
 والمضمون في الموسيقى ــ حسب هيغل ــ يختلف عن المضمون في الفنون الأخرى ، إذ أن ما ينقص المضمون الموسيقي هو التجسيد الموضوعي . ((عندما تنجح الموسيقى في التعبير عن المشاعر الروحية ، والأحاسيس السامية ، بوسائل حسّية هي الأصوات والأنغام وصورها المتعددة ، عند ذاك فقط تحتل الموسيقى مكانتها الحقيقية ، بغض النظر عمّا إذا كان محتواها معبّرا عنه بطريقة مستقلة ومباشرة من خلال الألفاظ ، أو تحقق انفعاليا عن طريق موسيقى الأنغام نفسها ، وارتباطاتها الهارمونية وإثاراتها النغمية .))تنشأ نتيجة للإيقاعات المحددة ولتتابع الأنغام والصور الصوتية ((روابط تلقائية)) ، كما يدعوها هانز آيزلر ، فحين سماعنا الموسيقى يكون أمام أبصارنا بعض من الصور التشكيلية المتخيَلة ، المبهمة ، أو الواضحة المحددة ، أو المجرّدة ، إلاّ أنها بشكل آخر تنتمي أو ترتبط بإدراكنا أو حواسنا . والموسيقى تكتسب معنى أكثر مادية ، حين يكون لها صلة بصورة فيلمية ، فهي بما تملكه من قوة إيحاء تدعم في نفس المشاهد الإحساس بالصورة والتفاعل معها ، وكما أشار بول وارن ، إن ظاهرة موسيقى الأشرطة تجعلنا ((نسمع)) الصورة في وجداننا. كان هناك دائما صلة وثيقة بين الموسيقى والحركة. وهكذا ، الحركة على الشاشة هي التي خلقت الحاجة إلى أن تصحب هذه الحركة أصوات، فكانت الموسيقى هي الرد على هذه الحاجة في الأفلام الصامتة . ومنذ البداية اعتبرت الموسيقى عاملا جوهريا لا بد من أن يصاحب الفيلم الصامت ، إذ كان للموسيقى ، كما يشير جان بيير شيفر ، دور حاسم لتفادي الصمت ، الذي يصعب احتماله ، وللتخفيف من ضجة آلة العرض ، ((فحاسة البصر لم تكن قادرة على تقديم أفضل ما عندها إلاّ عبْر توظيف ملائم للحقل السمعي)).في البداية ، لم تكن هناك صلة بين الموسيقى التي تُعزف والفيلم الذي يُعرض ، وكان لايهم نوع الموسيقى التي تصحب العرض ، لكن بعد زمن قصير بدا واضحا انه لا يمكن أن ينسجم عزف موسيقى صاخبة مع شريط هادئ ورزين ، ومن هنا بدأ العازفون يهتمون باختيار المقطوعات المناسبة لجو الشريط ، وبدأت الشركات السينمائية تفكر بوضع ’ دليل موسيقي ‘ للأشرطة ، الذي يحتوي على تفسير أجواء الفيلم ، وتوجيهات دقيقة تشمل أسماء المقطوعات التي تناسب كل شريط ــ مرح ، حزن ، أو صخب ــ فاعتبرت بعض المقطوعات مناسبة للمشاهد الكوميدية ، وبعضها الآخر يلائم المشاهد العاطفية وغيرها مناسب للمشاهد الحزينة هكذا.كانت المهمة الرئيسية للموسيقى في الأشرطة الصامتة هي تفسير القصة، والتعبير بالموسيقى عن الحالة النفسية في كل جزء من الأحداث، بحيث تثير في الأذن نفس المشاعر التي تثيرها الصورة في العين. وامتدت هذه المهمة بعد ذلك إلى بعض الأشرطة الناطقة ، ولابأس أن نذكر ، على سبيل المثال، الأشرطة المصرية (الميلودرامية على وجه الخصوص) التي كانت لا تولى عناية في اختيار موقع الموسيقى في هذه الأشرطة ، وما زالت هناك حالات كثيرة تُستخدَم فيها الموسيقى بشكل يكاد يكون مستمرا طوال الفيلم ، بالأسلوب الوصفي نفسه الذي كان مستخدما في الموسيقى المصاحبة للأفلام الصامتة . في البدء ، استخدمت الموسيقى للتغطية على مساوئ التسجيل ، لكنها تحوّلت فيما بعد إلى تقليد مبالغ فيه . وما يميّز هذه الأفلام هو الإفراط في استخدام الموسيقى العاطفية ، والتي تُسمع غالبا مصاحبة للحوار . والشائع عن هذا النوع من الموسيقى أنها تسعف الحوار الرديء والتمثيل الضعيف . في ذلك الحين ، بدأت تظهر مقطوعات مؤلفة حصرا للفيلم ، ومن أشهر المؤلفات الموسيقية الخاصة تلك التي وضعها جوزيف كارل بريل لفيلم "مولد أمة " لغريفيث. لم تكن هذه الموسيقى في مجموعها ألحاناً أصيلة ، لكن في بعضها كانت كذلك ، منها الألحان التي تعبّر عن السادية والبربرية ، والألحان التي تعبّر عن الحب في المشاهد العاطفية . ومن الألحان الأصيلة أيضا ، الموسيقى التي كتبها ادموند مايزل لفيلم " المدرعة بوتومكين " لآيزنشتين ، وبلغت هذه الموسيقى حدا كبيرا من التأثير لدرجة أن بعض البلدان الأوربية أجازت عرض الفيلم دون السماح بعرض موسيقاه .أبرز أوجه الاختلاف بين استخدام الموسيقى في الأفلام الصامتة واستخدامها في الأفلام الناطقة هو انه في الأخيرة تستخدم الموسيقى التصويرية في أجزاء محددة فقط من الفيلم ، ويكون استخدامها مناسبا للغاية في تلك الأجزاء ، التي تبلغ قمتها العاطفية والشاعرية . ولم يعد هناك حاجة في الأشرطة الناطقة لاستخدام الموسيقى الوصفية ، بل على العكس أصبح لها دور مهم في نقل التطورات الفكرية ودعم القيم العاطفية والشاعرية في الفيلم . الظروف الجديدة للفيلم الناطق أثارت حماسا كبيرا في التأليف الموسيقي للسينما ، وجذب هذا المجال الجديد موسقيين كباراً (شوستاكوفيتش ، خاتشادرويان ، هان ، آيزلر وغيرهم) وكان من نتيجة أعمالهم ارتفاع مست

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram