TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :اللحظة التالية بعد سقوط القذافـي

في الحدث :اللحظة التالية بعد سقوط القذافـي

نشر في: 24 أغسطس, 2011: 07:52 م

 حازم مبيضين جاء انتصار الليبيين على أربعة عقود من الظلم والقمع والدكتاتورية, وتحمل سفاهات الأخ القائد, ليضع ليبيا من جديد على خارطة العالم المدني المتحضر, لا ليسلمها لقائد أوحد جديد, يستبدل هلوسات القائد الغيبية, وممارساته للسحر والشعوذة, يمارس غيبيات دينية ظلامية مشوهة, تفوق ما كابده الليبيون ومعهم بعض العرب والعالم, من جنون العظمة وأوهام أممية الفكر,
والتجارب الوحدوية التي لم يعش بعضها أكثر من ساعات, وهي بالتأكيد شوهت الفكرة في أذهان الأجيال التي عايشتها, وحولتها إلى فعل كاريكاتيري لايستحق غير السخرية والتهكم.ليبيا اليوم وقبل أن يجف دم الشهداء, الذين سقطوا دفاعاً عن حرية شعبهم وكرامته ومستقبل أجياله, بحاجة بعد أن يفرض ثوارها الأمن إلى التقاط الأنفاس, قبل الانتقال إلى مرحلة انتقالية, يجب في كل الأحوال, وكما وعد المجلس الانتقالي, أن تكون سريعة, وأن لا تطول, أو تستنزف بصراعات جانبية ذات طابع حزبي أو قبلي أو جهوي, وعلى قيادة الثورة السياسية والعسكرية, أن تمنع تماماً أي تصفيات ثأرية أو شخصية, من مخلفات حكم العقيد المأفون.التجربة العراقية بعد سقوط طاغية بغداد, يجب أن تكون حاضرة في أذهان الليبيين, لامن حيث العمل على هديها, وإنما بمناقضتها بالكامل, فالمحاصصة بأي شكل من الأشكال, وبغض النظر عن التسميات التجميلية, هي بالتأكيد مقتل للمواطنة, وهي تختصرها في الطائفة أو الجهة أو القبيلة, ومن غير شك أن الدارس لتجارب الشعوب التي تخلصت من طغاتها, قادر على استنباط ما يلائم الليبيين, ويستخرج منهم أجمل وأنبل ما عندهم, ليكون ممكناً إزالة التشوهات التي ألحقها العقيد المهووس بالمجتمع.اللحظة التالية لسقوط العقيد وجماهيرية أولاده وكتائبه, هي التي يجب فيها الاحتكام إلى الوعي والحكمة, و نشعر ونحن نترقبها, بالكثير من الطمأنينة, ونحن نتابع تجربة بنغازي خلال الأشهر الستة الماضية, فقد برزت فيها الحرية الإعلامية, بما هي تعبير عن الديمقراطية, كما أن الخدمات الأساسية للمواطنين تحسنت نوعياً بعد عقود من الإهمال, وتبلورت هناك ملامح دولة حقيقية, تتجاوز فكر الجماهيرية البائس ولجانه الثورية وكتائبه, والمأمول أن يسود هذا النمط أنحاء البلاد كافة, وأن يتم تجاوز فكر القبيلة إلى فكر الدولة والمواطنة, لتحقق الثورة نجاحها الأكبر والحقيقي.لانعلم ثوار ليبيا, وهم الذين تستحق تجربتهم حتى اليوم كل الاحترام, لكننا فقط نذكرهم لاننا نعرف أن لحظة الحماس الثوري قد تحمل معها من الأخطاء ما يرقى إلى مرتبة الخطايا, خصوصاً وأن بعض الثوار انضموا للثورة بدافع الغضب بعد أن شهدوا العديد من الفظائع تجاه عائلاتهم وأصدقائهم، ومع وجود السلاح في كل الأيدي تقريبا لابد من أن تكون هناك بعض التجاوزات ولكن المهم هنا توفر إرادة السيطرة عليها من قبل القيادات العسكرية والسياسية الأكثر وعياً وانضباطاً.التجربة الليبية حتى اليوم , لكثرة ما سال فيها من دماء, وبسبب التدخل الخارجي, كما راهن الحكام المصطفون على الدور, مبعث إحباط للمواطنين العرب, لكننا اليوم نحيلهم إلى النتائج الأولية التي تؤكد أن الكلمة الأخيرة ستظل للشعوب, ونأمل من كل قلوبنا أن تستمر التجربة بالنجاح فمن نجاحاتها يتدفق ضوء ساطع ينير المناطق المظلمة في عالمنا العربي, وما أكثرها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram