TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العرب اليهود وحق العودة

العرب اليهود وحق العودة

نشر في: 30 ديسمبر, 2012: 08:00 م

ابتداءً أجد واجباً التنبيه إلى اختلافي الكلي مع كل سياسات جماعة الإخوان المسلمين، بشكل خاص، والإسلام السياسي بشكل عام، بغض النظر عن المذهب الذي يعتنقه ذلك الفكر، وذلك انطلاقاً من احترامي للدين، وقناعتي بأن الانتماء الوطني مقدم على ذلك، خصوصاً في منطقتنا، التي تتعدد فيها الديانات من جهة، والمذاهب من الجهة الأخرى، وأتوقف دائماً عند تلك الجملة العبقرية، التي انطلقت من الشارع المصري، أوائل القرن الماضي، وهي ( الدين لله والوطن للجميع )، وهي جملة جامعة تحترم الدين، باعتباره علاقة بين الإنسان وخالقه، وتلحظ الإنتماء الوطني، باعتباره جامعاً لكل المواطنين، في وطن يحترم مواطنتهم، بغض النظر عن ديانتهم.
مناسبة هذه المقدمة، هي الدعوة التي أطلقها القيادي الإخواني المصري عصام العريان، ليهود مصر، بالعودة من إسرائيل إلى موطنهم الأصلي، وأن يرفضوا العيش، تحت احتلال غاشم دموي وعنصري، ملوثين بجرائم حرب ضد الإنسانية والبشرية، ولم ينسى العريان شن هجوم على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث رأى أن ما فعله ناصر بطرد اليهود من مصر، ساهم في احتلال أراضي الغير، ولم يكن غريباً أن تتعرض دعوته هذه إلى الهجوم والإدانة من بعض القوى السياسية، التي تصف نفسها بالقومية، حيث استنكرت اتهام العريان لناصر، بطرد اليهود المصريين من وطنهم.
القومجيون أكدوا معارضتهم الشديدة لدعوة العريان، باعتبارها خطيرة جداً، وتؤكد رغبة الإخوان في التقرب إلى إسرائيل وأميركا، وتعطي اليهود انطباعاً بأن الإخوان ليسوا معادين لليهود، أي أن هدفها الأساسي هو خدمة أهداف الإخوان المسلمين، وتحقيق مكاسب حزبيةً على حساب القضية الوطنية، ولسنا على بينة عن أي قضية وطنية يتحدث هؤلاء، خاصةً حين يستطردون إلى ما يعتبرونه الأخطر في تلك الدعوة، وهو أن اليهود يطرحون اليوم فكرة استعادة أملاكهم بمصر، ويطمحون لتحقيق ذلك، وكأن على من تم تجريده من أملاكه، سواء كان يهودياً أو غير ذلك، أن ينسى حقه، في حين يتبارى القومجيون أنفسهم، في الدعوة لاستعادة الفلسطينيين لحقوقهم المسلوبة، وهم هنا يكيلون بمكيالين.
لايأتي العريان بجديد، فهو يطرح جزئية من مشروع، كانت منظمة التحرير الفلسطينية تبنته في سبعينات القرن الماضي، وهو مشروع نجح جزئياً في بعض الأقطار العربية، كالمملكة المغربية، وفشل ذريعاً في العراق، وكان أشد المعادين له قادة اليمين الصهيوني، بالتشارك مع القومجيين العرب، أصحاب الأصوات العالية والفعل المنعدم، ويومها لم يسأل أحد عن أعداد العرب اليهود في إسرائيل، ولا عن تأثير عودتهم إلى أوطانهم الأصلية، على إسرائيل من ناحيه، وعلى الأوطان التي يعودون إليها من ناحية ثانية، وما هو حجم الخسائر والأرباح من تلك الهجرة المعاكسة، وما هو حجم ممتلكاتهم التي يطالبون باستعادتها، وهي حق لهم، إن لم يكونوا باعوها بشكل رسمي وعن رضى.
وبعد، هل نملك الشجاعة للاعتراف بأن العراقيين اليهود، لم يهاجروا طوعاً، وأن مشاعرهم حتى اليوم متعلقة بوطنهم الأم، وأنك تشعر كأنما أنت في بغداد أو الموصل، بمجرد دخولك حياً من أحيائهم في إسرائيل، وهل نملك الشجاعة للاعتراف بأن السلطات المصرية، بذلت كل جهدها لدفع المصريين اليهود إلى الهجرة من وطنهم، وأن هؤلاء حتى اللحظة يتملكهم الطرب، حين استماعهم لأم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش، وهل نمتلك الشجاعة للاعتراف بحق هؤلاء كمواطنين، سواء من المغرب أو تونس أو ليبيا في العودة إلى أوطانهم، كما نطالب بحق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم.
لا نخاف أصحاب الأصوات العالية، ولا المتطرفين العنصريين الصهاينة ونحن نؤكد حق المواطنة للعرب اليهود الذين تم طردهم من ديارهم، والاستيلاء على ممتلكاتهم، بحجة الدفاع عن فلسطين، بينما تؤكد الحقائق، أن ذلك كان لمصلحة الدولة العبرية، وضد الفلسطينيين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram