TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سؤالك ساذج يا صديقي!

سؤالك ساذج يا صديقي!

نشر في: 12 أكتوبر, 2012: 07:17 م

لماذا يعتقد البعض أن نقد الدين، يجب أن يؤدي إلى الانفلات السلوكي؟ ولماذا لا يريد أن يذعن أغلب المتدينين بأن ليست هناك صلة، لا جسدية، ولا نفسية، ولا حتى تربوية، بين الدين وبين الانضباط الأخلاقي/ السلوكي داخل المجتمع؟ وأن كل ما يقدمه الدين في هذا الإطار هو دعم المنظومات الأخلاقية، عن طريق اضفاء القداسة عليها، وهي عملية دعم كبيرة قدمتها الأديان وتقدمها لصالح قواعد ومنظومات السلوك البشري.
الأديان لم تُنْتج الأخلاق، نعم، هي عملت على تكريسها وأضافت إليها الكثير، لكنها لم تُنْتجها. هذا ما أكدته بحوث الانثروبولوجيا، التي درست المجتمعات ما قبل (البدائية)، المعزولة، التي لم تعرف أيا من صيغ الدين التي نعرفها نحن، ومع ذلك امتلكت منظومات أخلاقية رائعة.
ما أن تتجمع مجموعة من البشر لتؤسس لكيان جماعي تضامني، حتى تجد نفسها ملزمة بتأسيس قيود سلوكية صارمة، فهي من أجل أن تضمن السلام لأفرادها لا بد أن تمنع القتل بينهم، ومن أجل أن تحفظ حقوق كل منهم لا بد أن تمنع سرقة بعضهم البعض الآخر، ومن أجل أن تضمن حق الأطفال بالرعاية لا بد أن تمنع المشاعية في العلاقات الجنسية التي تفكك العوائل، وهكذا.. إذن فموضوع نشوء الأخلاق بسيط ولا يحتاج لتدخل قوى فوق طبيعية، واحترام أخلاق الجماعة من قبل أفرادها، شرط لنيلهم امتيازات العيش ضمنها.
الأخلاق بمثابة الدم لجسد المجتمعات سواء أكانت متدينة أم لا، ومع ذلك يأتيك من يقول لك: إذا كنت تنتقد الدين فهل تقبل أن تفعل كذا وكذا، أو هل تقبل لأفراد عائلتك أن يفعلوا كيت وكيت؟.
هذه الأسئلة ساذجة لدرجة مضحكة يا أصدقائي فكفوا عن طرحها رجاء، كفوا عن النزول لهذه الدرجة من السطحية.. لأن الأنظمة السلوكية قد تكون دينية/ مقدسة، وقد تكون عرفية/ تقاليدية، وقد تكون قانوينة. ما يعني بأن المثقف الذي ينتقد النظام السلوكي الديني، لا يعني، بالضرورة، أنه يرفض النظام السلوكي التقاليدي العرفي، أو القانوني، مثلاً.. فليس هناك عاقل يدعو الناس إلى الفوضى! هو فقط يرفض المزاعم التي تربط بين الله وبين نظام اخلاقي/ سلوكي معين، لأن هذا الربط يؤدي إلى تحجر الأنظمة وجمودها، والحياة تتطور وحاجات الناس تتغير ما يعني الحاجة لمنظومات أخلاقية سلوكية متغيرة ومتجددة.
بعبارة أخرى: إن الذي يقول بأن الله لم يفرض الحجاب على النساء، لا يدعو إلى العري بالضرورة، أبداً، هو فقط يرفض مجّانية الوعي الذي يُقَوِّل الله ما لم يقله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: هلاوس الناطق السابق!!

العمودالثامن: البرلمان يعلن الحرب على النساء

المقاييس العربية وأهميتها في مواجهة التحيز اللغوي في مؤشرات التأثير الأكاديمي العالمية

العمودالثامن: لا يقرأن ما تكتبه

قناديل: طرابيشي: لن تكفينا محطّاتُك الست

العمودالثامن: "بعبع" المساءلة والعدالة

 علي حسين قبل اعوام وبالتحديد في الثالث عشر من ايلول عام 2017 قررت المحكمة الاتحادية العراقية ، الغاء القرار المرقم 120 لسنة 1994 ، ماذا كان ينص هذا القرار الذي وجدت المحكمة انه...
علي حسين

قناطر: ليل البصرة الطويل

طالب عبد العزيز الليل صناعة بصريّة بامتياز: هكذا، قلتُ لنديمي، وأنا أچقُّ كأسي بكأسه، فضحك وضحكت معه، وصرنا نشربها صرفاً، داخل سيارته، مغلقة النوافذ، حيث يعلو صوت الاغنية فيها، في تحدٍ صريح، لمن ظلَّ...
طالب عبد العزيز

حول البطالة المستدامة في الديمقراطية الريعية

ثامر الهيمص اذا تحدثت له عن تجربة مفيدة في ايران مثل الخدمة المصرفية الواسعة،, ونظام البطاقة الصحية، وخدمات البلدية في نظافة المدن، او اي شئ اخر، فأنه يسارع لقلب الامر لنقاش ( فلسفي) وهو...
ثامر الهيمص

الصحة النفسية..أوسع من عيادات الأطباء.. مقترحات إلى البرلمان العراقي

د. قاسم حسين صالح أعلنت لجنة الصحة والبيئة النيابية في (26 /10 /2024) عن تحركها لتشريع قانون الصحة النفسية وزيادة التخصصات الطبية، فيما أشارت الى أن الفحص المبكر لمدمني المخدرات سيشمل طلاب الجامعات والمتزوجين....
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram