سلوى جراح لندنعرض تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) على قناته الثانية، حلقات درامية بعنوان "الساعة" والاسم مستوحى من طول الحلقة الواحدة التي تقدم عملاً درامياً على مستوى رفيع يشارك في بطولته كبار نجوم المسرح والسينما في بريطانيا.
وقد لفتت الانتباه في الحلقات التي عرضت مؤخراً، ممثلة شابة في السابعة والعشرين من عمرها تحمل اسماً ارتبط بتاريخ الإبداع الفني حول العالم، فهي حفيدة تشارلي تشابلن، ووالدتها هي جيرالدين تشابلن ممثلة هوليوود الشهيرة التي اكتشفها المخرج دافيد لين وقدمها لأول مرة للسينما في فيلم "دكتور جيفاكو" عن قصة الكاتب الروسي بوريس باسترناك، ووالدها هو المصور السينمائي، التشيللي الأصل باتسيشيو كاستيلا، لكن الفنانة الشابة اختارت لنفسها اسما فنياً هو، أونا تشابلن أي أنها تحمل اسم جدها لأمها تشارلي تشابلن وليس اسم عائلة أبيها. وتقول أونا تشابلن إنها مدركة تماماً حجم الاسم الذي تحمله، لكنها ترفض تماماً فكرة أن اسمها وحده كفيل بفتح كل الأبواب المغلقة في دنيا الفن لأنها تدرك إنه إرث كبير عليها أن تثبت أنها تستحق فعلاً أن تنتمي إليه. لكن إرث أونا لا يتوقف عند جدها العظيم تشارلي تشابلن بل يمتد ليشمل اسماً مهماً آخر في تاريخ الإبداع الإنساني، هو الكاتب المسرحي والشاعر الأمريكي إيوجين أونيل (1888- 1953) . ففي عام 1943 تزوج تشارلي تشابلن وهو في الرابعة والخمسين، ابنة إيوجين أونيل أونا، التي كانت في الثامنة عشرة من عمرها. ورغم أن هذا الزواج أغضب أونيل وجعله يتبرأ من ابنته، إلا أنه أسعد تشابلن وأثرى حياته. فقد كان الزواج الرابع والأخير واستمر حتى وفاة شابلن عام1977، وأثمر ثمانية أطفال أكبرهم جيرالدين، والدة نجمتنا الشابة أونا التي تحمل اسم جدتها التي أسعدت جدها تشارلي تشابلن. جدة أونا وسميتها، انقطعت علاقاتها مع أبيها إيوجين أونيل وتلاشت كل خيوط المحبة بينها وبينه بعد أن تبرأ منها، لدرجة أنها كتبت رسالة إلى الممثل جاك نيكلسون عام 1981 بعد عرض فيلم "الحمر"، ملحمة الممثل والمخرج الأمريكي وارن بيتي، المأخوذة عن كتاب جون ريد مؤسس حزب العمال الشيوعي في أمريكا "عشرة أيام هزت العالم" الذي يروي فيه، كشاهد عيان، تفاصيل الأيام القليلة التي سبقت قيام الثورة البلشيفية التي أطاحت بقيصر روسيا عام 1917، وأدى نيكلسون في الفيلم دور أيوجين أونيل، الذي كان صديقاً حميماً لجون ريد، بل يقال إنه كان على علاقة بزوجة ريد الكاتبة الأمريكية لويز برايانت، كتبت له أونا أونيل تقول: "شكراً لأنك جعلتني أحب أبي من جديد". واعتبر جاك نيكلسون ذلك أجمل إطراء له على دوره في الفيلم. ويبدو أن هذا التباعد عن إيوجين أونيل شمل الجيل الثاني أيضاً كل أحفاده من زواج ابنته من تشابلن ومنهم جيرالدين، التي يبدو أنها أورثته لابنتها النجمة الشابة أونا تشابلن.والواقع أن إيوجين أونيل، الذي يوصف أحياناً بـ "أنطوان تشيخوف الامريكي" ورغم كل ما حقق من نجاح كان بعيداً عن أولاده فقد انتحر اثنان من أبنائه في شبابهما وتخلى عن ابنته بعد زواجها من شابلن. إلا أن حياته الشخصية لم تؤثر على نتاجه المبدع الغزير. فكتب أكثر من ثلاثين مسرحية وحاز عدة جوائز عن مسرحياته التي عرضت على مسارح برودواي، لعل أشهرها "خلف الأفق" و "رحلة يوم طويل في الليل"، كما منح جائزة نوبل للآداب لعام 1936. بل يعتبر إيوجين أونيل أول من أدخل الواقعية إلى المسرح بشكل معاصر وطور ما بناه أعمدة المسرح الواقعي حول العالم، من الروسي أنطوان تشيخوف 1866-1904 والنرويجي هنريك إبسن 1822-1906 والسويدي أوغيست ستريندبيرغ 1849-1912. وهو أول من أدخل اللهجة الأمريكية المنطوقة إلى المسرح، على لسان شخصيات تعيش على هامش المجتمع وتستميت لتحقيق أحلامها ثم تتساقط في خيبات الأمل والفشل. عشق البحر وكتب العديد من المسرحيات التي تدور على متون سفن تجوب البحار. أونا تشابلن التي تحتضن تراث جدها الآخر تشارلي تشابلن، تربت في إسبانيا وتنقلت بين العديد من الدول الأوروبية، درست الباليه والفلامينكو وتجيد الإسبانية والانكليزية والفرنسية. عملت في بضعة أفلام وقامت بأدوار ثانوية لعل أشهرها دور صغير في فيلم جيمس بوند "قدر من العزاء"، إضافة إلى أدوار صغيرة أخرى ،والآن تجد فرصة جديدة لتظهر موهبتها التي ربما ورثتها عن جدها تشارلي تشابلن مبدع أشهر شخصية في تاريخ السينما، الرجل الصغير ببنطاله الواسع وسترته الضيقة وحذائه الكبير وقبعته الصغيرة وعصاه، وقد قال عنه مرة: "إنه رجل كل ما فيه يناقض كل ما فيه"، ومع ذلك استطاع أن يضحك العالم ويسخر من الظلم والدكتاتورية. وتقول أونا إنها تحب أن تتذكر جدها بهذه الصورة، تشارليت شابلن، كما تستحضره الأذهان وليس كرجل عجوز فهذه الصورة لجدها الشهير هي التي تدفعها للوصول إلى ما تريد تحقيقه. توفي تشارلي تشابلن ليلة عيد الميلاد من عام 1977 بين أحض
بين موروث تشابلن السينمائي ومسرح أونيل يتجدّد الإبداع
نشر في: 26 أغسطس, 2011: 06:18 م