محمد صادق جراديتعرض العراق اليوم لأكثـر من تجاوز من قبل دول الجوار مما يولد أزمات مع هذه الدول حيث تقوم تركيا وإيران بقصف القرى والمناطق الحدودية وتقومان بقطع مياه الأنهار التي تنبع او تمر من خلال أراضيها الى العراق فضلا عن أزمة ميناء مبارك الذي تقوم الكويت ببنائه في مكان يثير المخاوف العراقية من آثار سلبية خطيرة على الاقتصاد العراقي
ويمكن للمتابع لهذه الملفات ان يكتشف غياب الموقف السياسي الموحد والواضح من قبل القوى السياسية العراقية تجاه هذه الانتهاكات والتي تعد تجاوزا صارخا للقوانين الدولية اضافة الى مبادئ حسن الجوار .وفي ما يخص تداعيات بناء ميناء مبارك نجد ان العلاقات العراقية الكويتية تتعرض هذه الفترة لهزات قوية وتصعيدا إعلاميا نتيجة للممارسات التي تقدم عليها الجارة الكويت والتي تؤثر سلبيا على الاقتصاد العراقي في ظل سعي العراق للنهوض بالواقع الاقتصادي وخاصة مايخص الصناعات النفطية ومنافذ التصدير البحرية .ويرى البعض بان مايحدث اليوم من أزمات هو ضمن تداعيات الثاني من آب عام 1990 والذي ساهم بشكل كبير في أزمة الثقة التي لم تنجح اكثر من عقدين من الزمن في خلق قاعدة جديدة لعودتها بالرغم من الضمانات التي يقدمها العراق اليوم ورغم ما دفعه العراق من مليارات الدولارات كتعويضات فضلا عن التضحيات الباهظة بالأرواح عبر حصار اقتصادي وحرب دولية إضافة الى احتلال وحرب اهلية كانت جميعها من تداعيات غزو صدام للكويت وممارسات اخرى . كانت ممارسات النظام الفاشي في العراق ومنها اجتياح الكويت بمثابة البوابة التي أخرجت العراق من محيطه العربي بعد تعرضه لعقوبات دولية عام 1990 نتيجة لسياسات النظام السابق المتمثلة بغزو دولة عربية جارة وما تسبب فيه من دمار لهذه الدولة والمنطقة برمتها ونتائج سلبية ترتبت على هذه السياسات دفع ثمنها الشعب العراقي والكويتي وخلفت ملفات ما زالت عالقة بين البلدين تحاول الحكومة العراقية حلها والتوصل الى حلول ترضي الطرفين من اجل التأسيس لعلاقة متينة في ظل التزام العراق بتعهداته تجاه الكويت واحترام سيادته والاستعداد لحل المشاكل العالقة منذ سنوات وأهمها قضية التعويضات وإعادة الممتلكات وملف المفقودين وترسيم الحدود لنبدأ مرحلة جديدة من التعاون في الملفات الأخرى وأهمها الملف الاقتصادي وإشراك الكويت في مشاريع الاستثمار لكي يكون لإخواننا دورا فاعلا في إعادة بناء العراق وترسيخ مفاهيم الديمقراطية.من هنا علينا ان نعترف بان العراق قبل 2003 كان يعيش عزلة شبه تامة عن محيطه العربي والإقليمي ،من اجل ذلك لم تكن المهمة سهلة أمام رجال السياسة في هذا البلد لإعادة العراق الى وضعه الطبيعي بعد ذلك التاريخ.ومن خلال الانفتاح العراقي في العلاقات الخارجيةلا سيما على الدول العربية يتبين لنا ان الحكومة العراقية والشخصيات السياسية التي تتواجد اليوم في السلطة حريصة على ان تتجاوز مرحلة الماضي وتعمل على إعادة وترسيخ الثقة بالعملية السياسية العراقية من قبل الحكومات والشعوب العربية . لذلك صار على الاخوة العرب لا سيما جيراننا منهم ان يدركوا بان عراق المؤسسات الدستورية لم يعد يسمح بعد اليوم لأي انتهاك لحقوق الآخرين عبر قرارات فردية تعبر عن دكتاتورية النظام وتفرده بالسلطة وان ما فعله النظام السابق في اتخاذ قرارات الحرب ضد الكويت وغيرها لم يعد ممكنا في ظل النظام الديمقراطي الجديد.ان على الإخوة في الكويت ان يتعاملوا بايجابية مع مساعي العراق الجادة لاعادة الثقة وبناء علاقات جديدة ومتينة في ظل التغيير الذي شهده العراق من نظام دكتاتوري يقتل شعبه ويهدد جيرانه الى نظام ديمقراطي يسعى لبناء شراكات اقتصادية وعلاقات تفتح الآفاق أمام عودة العلاقة الاخوية بين العراق والكويت حكومة وشعبا بعيدا عن لغة التهديد والحلول العسكرية التي جربها الطرفان سابقا .
ميناء مبارك وتجاوزات دول الجوار
نشر في: 26 أغسطس, 2011: 06:22 م