ميعاد الطائيبينما تعيش الشعوب العربية في ربيع الديمقراطية يعيش الحكام خريف الدكتاتورية، فهاهم يتساقطون الواحد تلو الآخر،ونشهد اليوم سقوط احد دعائم التسلط والدكتاتورية في العالم, رئيس الجماهيرية الديمقراطية الشعبية الليبية قائد الثورة, ملك ملوك إفريقيا, عميد القادة العرب, العقيد معمر القذافي.
مشهد صار يتكرر أكثر من مرة، زعماء وقادة يتسلطون على شعوبهم لعقود طويلة من الظلم والاستبداد ويتمسكون بعروشهم حتى يضطروا لمغادرتها بالقوة, البعض سقطوا على أيدي شعوبهم والبعض الآخر بمساعدة الغرب وأمريكا والمجتمع الدولي والبعض الآخر ينتظر دوره. بسقوط القذافي سيكون هناك درس جديد للحكام وما أكثر الدروس واقل من يعتبر. كل الثورات العربية بدأت بمطالب شعبية يمكن الاستجابة لها حيث طالب الشباب بتوفير فرص العمل وتحسين المستوى المعيشي وتوسيع المشاركة السياسية من خلال منح الحريات الصحفية وحرية العمل الحزبي والنقابي ومطالب أخرى لاتمس وجود النظام والقائد الرمز.إلا أن مواقف القادة في الرد على هذه الثورات كان القمع والقتل والتهديد والوعيد بعيدا عن التفاوض او الاستماع للمطالب، الأمر الذي أدى الى رفع سقف هذه المطالب الشعبية يوماً بعد يوم وجمعة بعد أخرى حتى وصلت إلى مطلب إسقاط النظام. ويبدو ان هؤلاء القادة كانوا يعيشون في وهم كبير يوحي لهم بأنهم رموز وطنية وان لديهم قاعدة جماهيرية ستدافع عنهم حتى النفس الأخير، وهذا بالضبط ما كان يصرح به القذافي آخر أيامه ويهدد به الثوار إلا انه اكتشف أخيرا ومعه بن علي وصدام ومبارك بان الشعب قد أتعبته السياسات الخاطئة وأنهكته الممارسات التسلطية التي سخرت أموال الدولة لصالح الحاكم وعائلته وأزلامه بعيدا عن حق المواطن في حياة حرة كريمة تمنحه كرامة العيش في وطنه. تلك الأنظمة العربية التي سقطت مع اختلاف آليات سقوطها قد عاشت على الشعارات الزائفةلا سيما الوطنية والقومية منها ولم تحافظ على مفهوم المواطنة الحقيقية بل حرّفت هذه المواطنة باتجاه حب الحاكم والانتماءات الحزبية الضيقة. إضافة الى غياب التنمية عن خارطة طريق هذه الأنظمة التي حاولت ان تعيش خارج نطاق القانون لعقود طويلة مستفيدة من خيرات بلدانها. كل هذه الأمور ساهمت في تدني مستوى العيش للمواطن العربي في هذه الدول إضافة الى ما يعانيه من تضييق الحريات وسياسة التهميش والتغييب التي كانت تمارسها الأنظمة طيلة فترة وجودها في السلطة. لذلك وجدنا أنفسنا نعيش أيام الربيع العربي حيث ثار الشباب وشهدنا سقوط الأنظمة الدكتاتورية الواحد تلو الآخر، واليوم يسقط عميد القادة العرب كما يسمي نفسه القذافي. هذا الرجل الذي امتدح صدام كثيرا ووصفه بالشهيد, ربما للشبه الكبير بينه وبين الطاغية صدام من حيث التمسك بالحكم ورفض جميع المبادرات والخيارات التي منحت لهما وحتى طريقة سقوطهما فيها الكثير من التشابه،حيث وجدنا أن جنودهما لم يدافعوا عنهما حتى الرمق الأخير بل فضلوا تركهما يواجهان مصيرهما.ولقد تبين ذلك من خلال سقوط العاصمة بسهولة وسرعة غير متوقعة لا تتناسب مع التهديدات التي أطلقها الزعيمان ووجدنا المواطنين بين ليلة وضحاها يتجولون في القصور الرئاسية.القذافي أشار في مؤتمر القمة العربي الأخير الذي حضره إلى ان سقوط صدام سيتبعه سقوط جميع القادة العرب،حيث قال إن الدور سيأتينا جميعا.وبالرغم من ذلك لم يحرك الرجل ساكنا ولم يغير من سياسته الداخلية او الخارجية وظل متمسكا بدوره كقائد للأمة وتفرده بالقرار ومنعه لأي نشاط سياسي او حزبي في بلاده وظل يقمع معارضيه ويمنع الرأي الآخر،مما تسبب في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية كصاحبه تماما. الأمر الذي يبين لنا بان القادة العرب لم ولن يعتبروا من سقوط أقرانهم،ويبدو إننا سنشهد تساقط زعماء آخرين عليهم ان يهيئوا قصورهم لزيارة شعبية مفاجئة !
الثوار فـي بيت الزعيم
نشر في: 26 أغسطس, 2011: 06:23 م