"الفشل"، "الأزمات" ، "التفرد بالسلطة" ،"قمع الحرية" ، "الفساد" هي أكثر ما تردد من كلمات على ألسنة نواب وسياسيين في استطلاع أجرته "المدى" معهم على أعتاب نهاية عام 2012 الذي حفل بالكثير من الأزمات السياسية المتتابعة منذ بدايته التي كانت محملة بوعود البناء والإعمار والخدمات التي لم يف بها أصحابها.
ثمة اجماع بين هؤلاء النواب والسياسيين على انه عام الفشل في جميع المستويات الخدمية منها والامنية وحتى السياسية التي بقيت مشحونة بالمشاكل والازمات، بالإضافة الى قمع الحريات المدنية والإعلامية والتجاوز على الهيئات المستقلة، حتى بات الفساد ينخر جميع مفاصل الدولة، وهم يلفتون الى مساعي الحكومة للسيطرة على المال والسلاح والإعلام للتسلط والتفرد بإتخاذ القرارات، متناسيةً المواطن، وينتقدون أداء رئيس الوزراء الذي وصفوه بـ"الدكتاتوري" مؤكدين في الوقت نفسه خوفهم من أن يكون العام الجديد أكثر سوداوية.
قلقون على مستقبل الديمقراطية
النائب عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه الذي يعتبر إن عام 2012 كان عام الأزمات، يقول "الوضع الحكومي نزل إلى أدنى المستويات وكان 2012 عام الفساد حيث تحول الفساد من حالة إلى ظاهرة متفشية في عموم دوائر الحكومة ومفاصلها، وهناك إخفاق كبير وفشل واضح في الملف الخدمي والملف الأمني، وانتهاك كبير بحق السجناء بالإضافة للدعاوى الكيدية وملفات المخبر السري التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء".
وأضاف طه في تصريح لـ"المدى" إن "2012 شهد انتهاكا كبيرا لحرية الإعلام والصحافة والتعبير عن الرأي، وتجاوزا على الهيئات المستقلة حتى لاحظنا إن الدولة ترجع للوراء، وتوجه دولة القانون كان صريحا في السيطرة على الدولة، والمشكلة الأكبر إن البلاد تُدار بطريقتين لا يعول عليهما الأولى هي الإدارة بالوكالة في الكثير من مفاصل الحكومة المهمة، والطريقة الثانية هي اللجان، حيث نرى لجان لكل وزارة تتدخل بعملها وتعيقها مما يؤثر سلباً على عمل تلك الوزارات".
وأشار طه إلى إن "مهام الحكومة وظيفية على مستويين هما الخدمي والأمني، وبما إن الحكومة أخفقت في مهامها الوظيفية إذن لم تكن لدينا حكومة خلال هذا العام".
من جانبه قال النائب عن التحالف الكردستاني حسن جهاد ان "الحريات كانت خلال العام في تذبذب مستمر، وان ما جاء في الدستور لصيانة تلك الحريات بدأ يضايق الحكومة، وخير دليل على هذا هو اغلاق قنوات فضائية، والتستر على المجرمين والفاسدين ، ابتداء من صفقة الاسلحة ، وموضوع البطاقة التموينية، وانتهاء بإدارة الملفات الامنية من قبل اشخاص غير كفوئين ".
وبين جهاد وهو عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية، ان "عام 2012 لم يختلف كثيرا عن الاعوام السابقة ، كون الدولة تدار من قبل شخص واحد هو رئيس الوزراء، وحزب واحد هو الحزب الحاكم، وأدعو البرلمان الى الضغط على الحكومة من اجل تغيير منهجيتها".
واعتبر جهاد ان "الوسيلة الوحيدة للتخلص من الاستبدادية، هي اللجوء الى الدستور" معتبرا ان "حرية التعبير بعد عام 2003 اصبحت مصانة، لكنها صودرت وتهمشت بسبب سياسات بعض المتطفلين"، داعيا وسائل الاعلام، ومنظمات المجتمع المدني، الى "توعية الجمهور، لنيل حقوقهم المشار اليها في الدستور".
وأشار جهاد إلى إن "قرارات المالكي الاخيرة، هي من تجعلنا قلقين على مستقبل الديمقراطية في البلاد، فتوجه رئاسة الوزراء لجعل حصانة النائب تنحصر داخل بناية البرلمان هي بداية لقمع اصوات الشعب بطريقة دراماتيكية حديثة".
عام قمع التظاهرات والاعتقالات وخرق الدستور
من جانبها أكدت النائب عن القائمة العراقية ميسون الدملوجي إن "عام 2012 شهد تضييقا على الحريات وبخاصة حرية التعبير والتظاهر" واشارت الى اغتيال الاعلامي والناشط المدني هادي المهدي في نهاية سنة 2011 "حيث جاء بعدها إنهاء تام للتظاهر في ساحة التحرير وسط بغداد، بالإضافة لمحاولات حجب مواقع الإنترنت والتضييق عليها من خلال قانون جرائم المعلوماتية، وشاهدنا الحكومة تتهم من يعبر عن رأيه بها وبأدائها التنفيذي وتنعته بشتى النعوت، وهذا كله جرى على يد الحزب الحاكم الذي قمع من يطالب بحق ضحايا الجوع والفقر والإرهاب وبنفس الوقت هو لم ينصفهم".
وأضافت الدملوجي في تصريح لـ"المدى" إن "العام انتهى ونحن نرى كل الحرية للمجرمين الكبار بينما الكثير من الأبرياء يقبعون في السجون، وكانت هناك محاولات للهيمنة على أهم ركائز الدولة وهي المال والسلاح والإعلام، حيث تكون السيطرة على هذه المقومات الثلاثة للدولة هي بداية دكتاتورية، وكدولة تعتمد على الاقتصاد الريعي فيجب أن ينظم المال فيها بقوانين تقلص صلاحيات الحاكم، لأن المال في يد الحاكم يعني فرض السلطة لا غير".
ويرى احمد المساري النائب عن القائمة العراقية في حديث مع "المدى" ان "عام 2012 أسوأ الاعوام التي مرت على العراقيين من حيث التجاوزات التي تمت على حريات المواطنين من قبل الحكومة رغم ان الدستور اوصى باحترامها والالتزام بها".
وبين المساري ان "هناك اعتقالات وظلما وحيفا وقع على الكثير من ابناء المجتمع وهذا شكل خرقا فاضحاً للدستور وبنوده في كيفية التعامل من المواطن والمعتقلين في السجون"، منوها ان "2012 شهد ايضا تفرد باتخاذ القرارات ونمو للديكتاتوريات من قبل رئيس الحكومة نوري المالكي".
وتابع المساري ان "جميع ابناء الشعب وحتى السياسيين ومن مختلف مكونات المجتمع قلقون من انحراف التجربة الديمقراطية والمحاولات التي يريد مصادرة الحريات".
التفرد باتخاذ القرارات
أكد النائب عن كتلة الأحرار رافع عبد الجبار نوشي إن "عام 2012 كان امتدادا لما قبله من أعوام شهدت الخراب في البلاد، وكنا نتمنى أن يكون عام بناء بعيد عن مظاهر الدكتاتورية والتسلط، وهو عام الأزمة حيث رأينا توالي الأزمات واختلاقها بدون الوصول لنتيجة تفرح المواطن، وشهد العام تداعيات أكثر من السنوات السابقة على جميع المستويات خاصة السياسية والخدمية، والمنفذ والخلاص الوحيد هو أن نعيش بوحدة وطنية بعيد عن المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة".
وأضاف نوشي في تصريح لـ"المدى" أن "كل مطالب الشعب لن تتحقق بدون بناء نظام ديمقراطي فيدرالي بعيد عن توجهات رئيس الوزراء بالتفرد في اتخاذ القرارات ويكون الأب الراعي وصاحب القرار الأوحد، وهذا خطأ كبير ولا تدار الدولة بهذا الأسلوب بعيد عن سلطة البرلمان الذي هو صمام الأمان للبلاد لأنه يضم كل مكونات الشعب ومنتخب من قبلهم".
وأشار نوشي إلى إن "مخطط بايدن لتقسيم البلاد لن ينفذ حسب ما يطالب به البعض من الساسة، لأن تقسيم الوطن إلى أقاليم يحتاج لفهم حقيقي للروح الوطنية ومكانة البرلمان في إدارة الدولة لأنه الوحيد الذي يجمع كل مكونات المجتمع وطوائفه ويمثل صوتهم في وجه الحكومة".
لا تطبيق للحرية والحكومة تعتقل الأبرياء بدل المجرمين
وبدوره، قال ارشد الصالحي النائب عن الجبهة التركمانية ان" الديمقراطية في عام 2012 لم نرِ لها تطبيقا لا من الحكومة ولا من جميع الكتل السياسية، لافتا ان الديمقراطيات في العالم هي ليست كلمات بل ثقافة الامر الذي يكاد أن يكون غير موجود وللاسف في العراق بسبب الازمات السياسية التي تواجهنا".
واضاف الصالحي في مقابلة مع "المدى" ان "هناك محاولات لتكميم الافواه فضلا عن الاعتقالات الكثير ومصادرة الحريات الشخصية"، مشيرا ان "الجهات العليا لم توقف في ادارة البلد لا من حيث توفير الخدمات ولا حتى الاستتباب الامني".
واوضح الصالحي ان" الحكومة بدلا من ان تلقي القبض على الجناة الحقيقيين في التفجيرات التي تحدث تذهب لملاحقة الابرياء ، وهذه كلها تجاوزات على حقوق المواطنين".
وحذر الصالحي من ان يعمق العام 2013 النظرة سوداوية لدى العراقيين حيال مستقبلهم في حال الاستمرار على هذه السياسية.
الدستور يُفسّر مزاجياً
ومن جانبه، اكد النائب خالص ايشوع عضو كتلة مجلس الشعب الكلداني السرياني الاشوري ان "عام 2012 لم يكن بمستوى الطموح من حيث الانجازات على المستويات الخدمية والسياسية والامور التي تخص الديمقراطيات"، لافتا الى وجود فسحة من التعبير والتظاهرات.
وقال ايشوع في تصريح لـ"المدى" ان "المشكلة في عدم اعطاء الحريات للمواطنين في لجوء بعض الكتل السياسية الى تفسير الدستور وفق أهوائها ومزاجاتها السياسية، وهذا الامر عطل الكثير من الحريات وقضايا التعبير"، مطالبا باعطاء "مساحات واسعة من الحريات الديمقراطية لابناء الشعب يعبروا عما يريدونه وفي نفس الوقت يرفضون كل شيء لايتلاءم مع تطلعاتهم".
وقال امين ججو النائب عن الحركة الايزيدية في تصريح لـ"المدى" ان "البلاد تمر في مرحلة انتقالية تحتاج فيها الى المزيد من الوقت لارساء مبادئ الديمقراطية بشكلها المعهود والموجود عند اغلب دول العالم المتقدمة". واشار الى ان "الكتل السياسية بحاجة الى مراحل متعددة للاطلاع على قواعد الحريات والديمقراطيات وتطبيقها من قبل المجتمع بشكل صحيح وفق الاسس السليمة".
السرقات متواصلة والشعب منشغل بتصريحات الساسة
الى ذلك، توقع النائب المستقل حسن العلوي ان "عام 2013 سيشهد ضغطا من قبل جماهير المناطق الغربية على الحكومة المركزية بسبب التغيرات السياسية المرتقبة التي ستحدث في سوريا في العام الجديد"، مرجحا اقامة نظام لامركزي فيها.
واضاف العلوي في حديث مع "المدى" إن "لا احد يستطيع منع التظاهرات والتعبير عن الحريات فالديمقراطية متوفرة في العراق"، مستدركا ان "مسألة التوازن الاجماعي والثروات النفطية المنهوبة هي من تبحث عن الحلول".
واوضح العلوي ان "هناك سرقة لاموال العراق تجري والامر الخطر هو انشغال الناس بتصريحات الساسة دون التركيز على السرقات التي تتم في الاجهزة الادارية للدولة"، متهما الطبقة السياسية ب "الوقوف وراء كل هذه السرقات التي تحصل وحصلت في البلاد".
وبين العلوي ان "عام 2013 سيشهد انتهاء النظام السوري الحالي مما يولد نظاما لامركزيا فيها الامر الذي يدفع بجماهير المناطق الغربية بالضغط على الحكومة العراقية المركزية، لافتا الى ان سوريا العلوية كانت ترسل السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، متسائلا "سوريا السلفية القادمة كم سيارة مفخخة وحزاما ناسفا وانتحاريا سترسل لنا".
عام الانتكاسة والأداء المحاصصاتي
وترى احزاب غير مشاركة في الحكومة، ان عام 2012 كان عاما لتراجع حرية التعبير بجدارة، منتقدة ادارة الدولة عن طريق الازمات واحدة بعد الاخرى.
وقال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي، ان "حرية التعبير تراجعت بشكل خطير في عام 2012 ، فضلا عن تصاعد توجهات عسكرة المجتمع ، والخروج عما نص عليه الدستور، بإقامة دولة مدنية" .
واضاف الحلفي في تصريح للمدى امس ان "الهيمنة على القرارات، وادارة الدولة من حزب وفرد واحد هو ما ساهم في تراجع حرية الفكر والتعبير"، مشيرا في هذا الصدد الى مشروع قانون جرائم المعلومات.
ويؤكد الحلفي ان "المتواجدين على هرم السلطة هم من ساهموا في تراجع البلد على جميع المستويات"، ودعا المواطنين الى "توخي الدقة في اختيار الشخصيات المؤهلة لقيادة البلد".
واوضح الحلفي ان الطريقة الوحيدة لمنع مصادرة الحريات هي الإلتزام بالدستور ، وان يحاسب من يخرقه ، بالاضافة الى تفعيل دور منظمات المجتمع المدني وجعلها ضاغطة على الممارسات الدكتاتورية .
وانتقد الحلفي دور السلطة التشريعية بعدم تشريع قوانين تحصن ما جاء في الدستور لتصون الحريات، واصفا اياها بالضعيفة وغير الفعالة.
ويرى عضو التيار الديمقراطي النائب شاكر كتاب ان "عام 2012 عام انتكاسة نحو بناء دولة ديمقراطية" ، منتقدا اداء البرلمان في "عدم تشريع قوانين تبني الدولة المدنية ، بل على العكس تماما كان اداء مجلس النواب اداء محاصصاتي، لا يرتقي الى اداء اضعف برلمان في دول العالم الثالث".
واضاف كتاب ان "النقطة الاخرى التي كانت سببا في تأخر بناء الدولة على اساس احترام الحريات، هو اداء انصاف السياسيين"، معتبرا ان "كل الصراعات وتأجيج الطائفية مصدرها شخصيات سياسية تتحكم بالجماهير بطريقة اشبه بالدكتاتورية او نظام التسلط".
ويقول كتاب انه لصيانة الديمقراطية لا بد من اجراء انتخابات نزيهة بعيدا عن تدخل وضغط السياسيين، والا فأن النظام الديمقراطي اذا ما بقي على هذا الحال فحتما سيتواصل انهياره عاما بعد آخر .
كتاب اشاد بأداء بعض التيارات والاحزاب التي استطاعت ان تواجه هذه التحديات ، "باعتماد مبدأ المواطنة، واحترام حقوق الناس"، الا انه وصف اداء ودور هذه الاحزاب بالبسيط قياسا بما تقوم به الاحزاب المتنفذة والمهيمنة على السلطة .
جميع التعليقات 2
هرمز كوهاري
عام تقدم المالكي وزمرته خطوة واسعة نحو الدكتاتورية التخريبية ،لان هناك دكتاتوريات تعمر بعض المشاريع لتحسين صورتها ،دكتاتورية النخبة الفاشلة في كل شيئ الا في النهب والسلب فقد تقدمت على غيرها في هذا الانجاز !! وكانت الاولى كما كانت الاولى في الفشل والاهما
هرمز كوهاري
عام تقدم المالكي وزمرته خطوة واسعة نحو الدكتاتورية التخريبية ،لان هناك دكتاتوريات تعمر بعض المشاريع لتحسين صورتها ،دكتاتورية النخبة الفاشلة في كل شيئ الا في النهب والسلب فقد تقدمت على غيرها في هذا الانجاز !! وكانت الاولى كما كانت الاولى في الفشل والاهما