د. سعد بن طفلة العجمي مهم جدا أن يعرف العراقيون الموقف الكويتي من مسألة ميناء مبارك على جزيرة بوبيان الكويتية. ما يميز الكويتيين- وهذه مسألة أثبتها التاريخ عام 1990- هو وحدتهم وتماسكهم إن شعروا بخطر خارجي يتهددهم. والمصارحة تقتضي أن نقول بأن العراق لا يزال يرتبط بالعقل الباطن الكويتي بالغزو عام 1990، وبالتالي فإن أي أزمة –حتى وإن كانت مفتعلة أو مختلقة- تذكّر كثيراً من الكويتيين بالغزو والاحتلال مباشرة،
وهو منطق غير صحيح من جهة الكويتيين، ولكن تغذيه لغة "صدّامية" لا تزال بعض وسائل الإعلام العراقية وبعض الشخصيات السياسية العراقية تنفثها. صحيح أن بعض وسائل الإعلام الكويتية ليست مصاحف مطهرة، وأن بعض شخصياتها السياسية ليسوا ملائكة، ولكن المثل يقول: اللي تلدغه الحية، يخاف من الحبل. ويأتي تهديد تنظيم إرهابي عراقي اسمه "حزب الله" بقصف الميناء ليصب في تعزيز هذا القلق. هذه المقدمة ضرورية لمحاولة شرح التصعيد غير المبرر حول مسألة ميناء مبارك الكويتي، فالمسألة كالآتي:الكويت تبني ميناء على أرضها، هذا الميناء هدفه إعادة إعمار العراق بالدرجة الأولى، فهو لم يبن للتجارة مع النمسا ولا مع بوليفيا، وأقرب الأسواق إليه، بل السوق الوحيد المقارب له هو السوق العراقي الكبير، وقد تناقش به الكويتيون مع جيرانهم العراقيين قبل البدء ببنائه، وهذه المناقشات مسجلة ومثبتة بمحاضر لقاءات اللجنة الكويتية-العراقية العليا منذ عام 2007، وقد اتفق الطرفان على أن الميناء لا يشكل أي عائق من قريب أو بعيد للتجارة العراقية ولا أمام الملاحة العراقية والموانىء العراقية، وهذا مثبت في وثائق الخارجية العراقية بتاريخ 29 مايو/أيار الماضي حيث تشير فيه بالحرف إلى "إن إنشاء ميناء مبارك لن يؤدي بأي شكل من الأشكال إلى خنق العراق اقتصاديا أو التحكم بتجارته البحرية لأنه لن يؤثر على حركة الملاحة في القناة البحرية في خور عبدالله". وهو الأمر الذي أكده السيد وزير خارجية العراق –هوشيار زيباري- بلقاء على البي بي سي يوم 12 أغسطس/آب 2011. وهناك تساؤل بسيط: هل يمكن أن تقدم الكويت المسالمة على التحرّش بالعراق أو بغير العراق عن طريق بناء ميناء يكلفها المليارات؟ فماذا لو رفض العراق التعامل مع هذا الميناء؟ هل يمكن أن تقدم الكويت على رمي ملياراتها بالبحر لأنها تريد إيذاء العراق ببناء ميناء لا يريد العراق التعامل معه؟ ومع من سيتعامل الميناء لو رفض العراق استيراد أي شيء منه؟ حدّث العاقل بما لا يعقل، فإن صدّق فلا عقل له! علينا جميعا أن نجهض أية محاولات لخلق المشاكل بيننا، وننظر لميناء مبارك كجسر تعاون يمكن للعراق أن يستفيد منه، ويستأجر أرصفة خاصة به، ويمكن أن يكون منطقة حرة مشتركة بين البلدين ينعش جنوب العراق، ويعود بالخير على الكويت وشمال الخليج، ويفرض واقعا اقتصاديا جديدا بين جنوب العراق وبين منطقة الخليج، ويقطع دابر نوايا تخريب العلاقات دون مبرر مفهوم. ومع وضوح الموقف الكويتي حول الميناء، فإنني أكرر موقفي ككويتي وأطالب حكومتي بالتوقف عن بناء الميناء حتى يطمئن العراق إلى أن الميناء ذو جدوى للطرفين. لكن المشكلة أي عراق يجب أن يطمئن لجدوى الميناء؟ فهناك بعض الأطراف العراقية التي لن تقبل بالميناء وتريد تحويله "مسمار حجا" لإجهاض أي محاولات حقيقية لتعزيز علاقة البلدين على أسس اقتصادية ومنفعة متبادلة بين الشعبين، وبصراحة، فإن هذه الأطراف لن تقبل بالميناء لو بنته الكويت بخليج المكسيك وليس الخليج العربي!!وللموضوع عودة.
جســـر :مينــاء مبـارك
نشر في: 27 أغسطس, 2011: 06:32 م