TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما يا عراق: صوت التجيك منه ريح.. سده وستريح

سلاما يا عراق: صوت التجيك منه ريح.. سده وستريح

نشر في: 27 أغسطس, 2011: 09:29 م

 هاشم العقابيلا ادري كم منكم توصل إلى مثل ما توصلت إليه حين أشاهد أحد السياسيين على الفضائيات وهو يعطي تصريحا أو يشترك في برنامج حواري. فانا صرت لا احتاج إلى أن استمع إلى أصواتهم بل اكتفي برؤية وجوههم لثوان ثم أتحول لمحطة أخرى أو اترك الشاشة ومن فيها.
تنبهت لهذه الحال، التي يبدو أنها انتابتني منذ زمن طويل. تساءلت عن السبب الذي يمنعني من الاستماع لأصوات السياسيين العراقيين، وكذلك بعض المحللين، حين أراهم يتحدثون عبر الشاشات. هل هو الملل؟ أم لأنني درخت عن ظهر قلب ما سيتفوهون به؟ لا أريد أن اظلمهم. لكن الواقع المر يقول بان ليس فيهم احد تحدث ولو بجملة مفيدة واحدة تعود بالخير على الناس. فلا احد يبشرهم بزيادة ساعات الكهرباء أو حل مشكلتها أو بانتهاء أزمة بطالة أبنائهم أو تقول لهم لقد تحقق الأمن فاخرجوا للشوارع آمنين. ومادام الأمر هكذا، فقطعا يصبح سماع أي صوت منهم لا نفع فيه ولا يزيد الناس إلا قرفا وهما فوق همهم. ولو جمعنا كل تصريحات المسؤولين والنواب وأعضاء الكتل التي في الحكومة أو خارجها، سنجدها مثل "خلالات" العبد. يأتون بها من هنا ويبعثونها إلى هناك. ساعد الله العراقيين وساعد آذانهم التي تتحمل هذه "الخلالات" وهي  تسقط، كما الحصى، على رؤوسهم رتيبة وثقيلة وماسخة.ولان هناك شائعات، أو ربما أخبار صادقة، تقول هناك نية لمطالبة الأمريكان بتعويضات عما سببوه لبلدنا من مصائب، فاني أرى أن نطالبهم بتعويضات نفسية، أيضاً، وليست مادية فقط. فالوجوه التي أتوا بها لحكم العراق صارت رؤيتها مجلبة للكدر والهم. وهذا قد يكون احد أهم أسباب إصابة الكثير من أبناء شعبنا بالكآبة الجماعية. كنا ذات يوم في جلسة أصحاب ببيت احد الأصدقاء وأمامنا شاشة تلفزيون حجم 52 بوصة من نوع المسطح (ال سي دي). كانت ابنة مضيفنا تعبث بالريموت متنقلة بين الفضائيات العراقية. يبدو أنها تصورت بأننا مشغولون عنها بالحديث فيما بيننا ولم ننتبه إليها،  لذا أخذت راحتها. سمعتها تدمدم: "أهووو هم طلع هذا .. شوفوا هذا اللاخ؟  .. هاي شنو وين ما أدور القاكم؟". سألتها: ها عمو خير شو تأففين؟ أجابتني: "والله عمو ذوله طلعوا روحي نفس الشكولات ونفس الحجي .. شراكة .. مصالحة .. توازن .. دستور .. ومن هالكلام اللي لا يودي ولا يجيب". ثم رمت الريموت من يدها غاضبة وغادرتنا إلى غرفتها. كسر بجمع: الجماعة عقدوا البنت.إن وجوه الأشخاص وكذلك أصواتهم، من الناحية النفسية، ممكن أن تلعب دور المثير الذي يولد عند من يراها، أو يستمع لها، استجابات نفسية متباينة. واترك لكل منكم تأشير ردة فعله النفسية حين يرى بعض وجوه الساسة العراقيين الذين يستقتلون من اجل الظهور بوسائل الإعلام. ربما تفيدكم هذه الطريقة في اكتشاف سبب الغمامة الثقيلة التي تتراكم على صدوركم خاصة عندما تستيقظون في الصباح.كما أرجو أن تستفيدوا من طريقتي النافعة بإغلاق الصوت تماما حين يتحدث أي منهم لان كل ما سيقوله قد قاله قبل سنوات، وأحيانا قبل يومين. فان ابتليتم بصورهم المنتشرة على الهواء، والتي قد تفاجئكم رغما عنكم أثناء تنقلكم بين الفضائيات، فارحموا أنفسكم من بلية أصواتهم بوضع الجهاز على الصامت (ميوت). فمصيبة واحدة أهون من مصيبتين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram