وديع غزوانيتباين استعداد الناس وتهيئهم من بلد الى آخر لمثل هذه الايام التي يقترب فيها عيد الفطر المبارك ايذاناً بانتهاء شهر رمضان الكريم .. ويرتبط ذلك بجملة ظروف ومعطيات من بينها الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي ومستوى دخول المواطنين وقدراتهم الشرائية . فبلد مثل الصومال مثلاً لايمكن ان يفكر ناسه بأفضل الطرق للبقاء على قيد الحياة , وتعيش شعوب البلدان التي شهدت ثورات شعبية على انظمتها كمصر وتونس وليبيا وضعاً مختلفاً لتثبيت دعائم الوضع الجديد , وهكذا في كل بلد آخر , أما في العراق فيتباين الحال كثيراً ,
حيث هنالك من يعيش اوضاعاً مأساوية وتحت مستوى خط الفقر او قريب منه , بسبب ظاهرة الفساد المستشرية في جسد البنيان العراقي , اضافة لقلق مشترك ينتاب الغالبية الساحقة من الشعب على مستقبل العملية السياسية وهويتها . وسط كل ذلك لايمكن اغفال تداعيات الجانب الامني الذي يتعرض للاختراق بين فترة واخرى من قبل عناصر الارهاب , لذا فالمواطن العراقي يعيش مشاكل مركبة ومتعددة , كان يمكن حسم ملفات اكثرها في ما لو سادت اجتماعات نخبها اجواء الثقة المتبادلة بدلاً من الشك والريبة والتناحر التي دفعنا ثمنها غالياً وما زلنا . لانعتقد ان سياسيينا لايدركون ما يمر بنا من ازمات في شتى المجالات , لكن المشكلة انهم لايكلفون انفسهم عناء التفكير بها ، فهم في واد والشعب في واد آخر . لاأريد ان أ تجنى على سياسيينا ما ليس فيهم لكن الحقيقة التي لاتقبل الجدل هي ان القاسم المشترك للغالبية العظمى من سياسيينا هو ان الهم الاكبر لهم حال تبوئهم موقعاً في مجلس النواب او الحكومة هو اي بلد يختار خارج العراق لعائلته ؟ واين يمكن ان يستثمر امواله ؟ وما هي افضل المشاريع التي يمكن ان يقيمها في بلاد الغربة ؟ ولاندري كيف للمرء ان يطمئن على المستقبل بوجود مثل هؤلاء الذين لايرون اكثر من محيط مصالحهم الشخصية ! لانستكثر على السياسي ان يحظى ببحبوحة عيش كريم , لكن من حقنا عليه المطالبة بشيء من الوقت للتفكير بحلول لمعاناتنا وهو يجلس على كرسيه الوفيرفي مكتبه المكيف . مشكلتنا ان السياسي انسلخ ونسي الى اي مجتمع هو ينتمي , لذا تراه ينفعل عند الحديث عن السلبيات والكهرباء والخدمات , ولايتورع عن اتهام من يجرؤ على مصارحته بالعداء للعملية السياسية ! فقد ارتضى ان يعيش في عالم آخر أبعده عن مواطنيه وقرّبه من عقلية الاستبداد والدكتاتورية , لذا فليس من المبالغة القول ان بيننا اكثر من دكتاتور ومستبد . فالذي لايسمع صوت شعبه ويدير ظهره لهم ولايفتح نوافذ حوار يستمع فيها لآرائهم دكتاتور , ومن يتستر على الفساد ويحمي فرسانه دكتاتور وان لم يكن حاكما , ومن يهرّب امواله ويسرق المال العام ويجوّع مواطنيه دكتاتور . عيد آخر يمر ونحن نعيش قلقاً ليس من مفخخات الارهابيين وجرائمهم التي ما كانت لتستمر لو لا خلافاتكم , انه الخوف على ما يمكن ان تؤدي اليه ممارساتكم من تداعيات لاتحمد عقباها اذا ما استمرت بهذا المسلك البعيد عن الصواب .. جاء العيد وسيمر ولا نملك إلا ان نقول اتقوا الله فينا وكفى تعالياً على مصالح الوطن التي إن ضاعت فستضيعون ، لأن التاريخ لايرحم ، وألف مبارك لشعبنا العيد .
كردستانيات: العيد والدكتاتورية!
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 28 أغسطس, 2011: 05:30 م