 لطفية الدليميتميز الشاعرة الأمريكية والمحللة النفسانية( كلاريسا بنكولا ايستس)  بين الجهل والبراءة ، فالجهل  هو عدم معرفة أي شيء والانجذاب نحو الخير، أما البراءة فهي معرفة كل شيء والاستمرار في حب الخير ،  وكلاريسا  معنية بدراسة تقاليد الأعراق والقبائل واللغات الشفاهية الموشكة على الانقراض ،
وتعرف بين الدارسين والباحثين بأنها (قصاصة) راوية حكايات  فريدة من طرازها عاشت حياتها في الغابات وبين القبائل والأقليات والمهاجرين  وتعلمت  من  كل أشياء الطبيعة  من الأنهار والجبال والغابة والشجر والديدان والبرق مثلما تعلمت ودرست طبائع الذئاب وقارنتها بطبائع النساء البريات اللائي  يصعب إخضاعهن أو تكييفهن حسب قوالب المجتمعات الصارمة ، تعلمت من النهر أن تسمع هدير الأعماق  ومن الحقول  عرفت حاجة النبات للحوار وسماع   الحفيف الخافت لأوراق الشجر ، ومن العيش في الخيام  تعلمت أن النيران تناشد البشر إيقاظ روحها اللاهبة  وإشعالها وسط برد الغابات ، عرفت كلاريسا ان ظواهر الطبيعة هي علامات تعلمنا  الكثير عن الحياة  والموت والقسوة والحب  والجنون ، وتقول: ان وميض البرق  اخبرها عن الموت المفاجئ وانطفاء الحياة ، كل هذا تعلمته توهي صبية صغيرة وعرفت من ضمن ماعرفت  ان الديدان  تثابر لتزحف على جذع شجرة وتنسج شرنقتها  وكلما سقط عن الجذع  عاودت الزحف حتى تبلغ غايتها دون تراجع.نشأت كلاريسا في بلدة ريفية قرب البحيرات العظمى   وكبرت وهي بين مهاجرين مكسيكيين وأغلبية هنغارية وتأثرت بالموروث  القبلي لهذه الأقوام وهي تنحدر من عائلة مهاجرة لاجئة  فقيرة يجهل أفرادها القراءة والكتابة وتأثرت معظم كتاباتها وقصائدها بأفراد عائلتها الذين كان معظمهم من المزارعين والرعاة والنساجين والبستانيين والخياطين وصانعات الدانتلا والفرسان والفارسات في بلدهم الأول قبل الهجرة ، وتربت على  وفرة من تقاليد وعادات الحياة البرية  والقبائل وكانت جدتها توصيها  :- ( أن تعرفي كثيرا جدا – يمكن أن يجعلك تشيخين بسرعة جدا ) ولأنها من نسل النساء البريات اللائي يتعذر ترويضهن -  عصت الوصية وتعلمت أكثر مما يجب لامرأة  أن تعرف  بل  ارتضت التجوال في البلاد والغابات لتنهل المعرفة من  الأراضي البكر والعجائز العارفات  ورواة الحكايا  .. عملت كلاريسا بنكولا أربعين عاما في التحليل النفسي العيادي وحصلت على الدكتوراه في ( علم نفس الأعراق  السريري) وهو  دراسة عن الأنماط النفسانية والاجتماعية لدى الجماعات الحضرية والقبلية  وقد ترجمت كتبها إلى أربعين لغة .. الحديقة لديها تصبح موضوعا لدراسة النفس والروح ، فالحديقة  هي الاتصال المادي بالحياة والموت ، بالولادة والازدهار والنمو ، فكل مايمكن ان يقع للحديقة النباتية يحدث للروح والنفس :  ماء كثير ، حشرات ، حر ارة ، برد ، عواصف ممطرة ، فيض غامر، معجزات ، إزهار  وتفتح ،  انتهاك  ، ذبول ، عطاء وعلاج ..الحديقة تشبهنا  ، بمراحل نمونا النفسي والروحي وما نتعرض له من صرامة وقسوة المحيط  على الإنسان المدجن  الذي  وهنت قواه حين هجر البراري  وفقد قوة الحدس وإمكانات الروح اللامحدودة ..كتابها المدهش ( نساء يركضن مع الذئاب – أساطير وحكايات عن المرأة البرية) يضم فصولا ساحرة عن أطروحتها  المبتكرة حول حقيقة ونمط المرأة ( الأصلية ) البرية .. عن قوة الحدس لدى النساء البدائيات اللائي لم تسلبهن المدنية قواهن الخارقة تقول  :(ماالذي يفعله الحدس الوحشي في النساء ؟؟ الحدس كالذئب ، له مخالب يقلب بها الأشياء ، وينتزعها ويثبتها ، الحدس له عيون قادرة على اختراق الدروع الشخصية من ورائها ، والحدس له آذان يسمع بها ماوراء السمع البشري الدنيوي  ، وتكتسب المرأة بهذه الأدوات النفسية الرهيبة  وعي الحيوان الطليق أو حتى صفاته في نفاذ البصيرة ، الحدس يعمق  أنوثتها  فتشحذ قدراتها على الحركة الواثقة في العالم الخارجي )..وكلاريسا المرأة البرية الغريبة تقوم بتدريس مادة الكتابة الإبداعية   للمساجين في جميع سجون الجنوب الغربي الأميركية !!في كولورادو وكاليفورنيا  وإصلاحيات الشباب ،هي التي عملت في مجالات  بالغة الغرابة، فقد عالجت المصابين بصدمات الحروب وعوائل  ضحايا القتل واشتغلت في مواقع الكوارث الطبيعية وساعدت الناجين من صدمة زلزال ( ارمينيا ) ثم  انتخبت  مساعدة لمحافظ ولاية كولورادو  وعملت في المنصب من 1993 حتى 2006   ( تقول عن مفهومها لعلاقة المرأة بسابقتها المرأة البرية -الوحشية ( هناك أوقات نحس