وديع غزوانأعرف أن العنوان تقليدي جداً وهو اقرب إلى موضوع إنشاء، لكنه في العراق يأخذ أبعاداً أخرى تتعلق بأمنيات معطلة وأحلام مذبوحة وطموحات مؤجلة تنتظر صحوة سياسيين ارتضوا أن يصموا آذانهم عن أوجاع الناس وتعمى بصيرتهم قبل بصرهم عن رؤية صور معاناة الغالبية من الشعب، لذا فان العنوان يستمد قوته من حجم الأمنيات ونوعيتها خاصة إذا ما تعلقت بالأوضاع الأمنية التي سبقت العيد ورافقته.
وأعتذر مسبقاً إذ أراني مضطراً إلى الحديث عن المعاناة والألم ، ولكن هل من حديث يشغل العراقيين غير ذلك سواء أيام الفرح والأعياد أو أيام الأزمات وما أكثرها ، لكنها مع ذلك لاتعدم الأمل ، بل تنتظره وتعمل على تقريب يومه . في أيام العيد اعتادت الفضائيات إجراء لقاءات مع نخب ثقافية وفنية وأدبية ورياضية لتريح الناس من تصريحات المسؤولين التي صارت مملة ومكررة ، في المقابل تنقل أجواء الابتهاج في محافظات العراق المختلفة خاصة إقليم كردستان حيث دأب آلاف المواطنين على قضاء أوقاتهم في كل عطلة خاصة الأعياد في ربوع مصايفها لتتمتع بأجوائها في ظل أوضاع أمنية مستقرة نفتقدها في بقية المحافظات وخاصة بغداد العاصمة .طبعاً وسط ذلك هنالك عدد غير قليل آثروا الإبقاء في بيوتهم ومتابعة ما يجري من خلال شاشات التلفاز. وليس من المبالغة القول إن المتابع لأحاديث كل الناس ، سواء منهم من سنحت له فرصة السفر إلى خارج العراق أو في مدن كردستان أو أية منطقة أخرى ،لابد من أن يلحظ أنها تلتقي عند هدف واحد هو الأمن المفقود وما يتعرض له العراق من تهديدات ومخاطر من دول الجوار وانشغال السياسيين عن كل ذلك بهمومهم الخاصة التي لاتتعدى جمع اكبر عدد من المال وشراء الفلل الفارهة وإنشاء الشركات وتسجيلها بأسماء غير أسمائهم ، أمنيات في أوقات فرح اقتنصوها وسط زخم المعاناة المفروضة عليهم. المفارقة المفرحة إن الناس لم يركنوا إلى اليأس ولم يستسلموا أو يتوقفوا عن الحلم بالعراق الجديد ، بعد كل هذه الرحلة الطويلة مع السياسيين الذين اثبتوا أنهم لايستحقون ثقة المواطن ولاحبه ، فتراهم يتحدثون عما تشهده دول عربية من تغييرات كبيرة وحاسمة في أوضاعها وما قد يحصل في العراق من تغييرات كبيرة إذا لم يستجب أولو الأمر فيه إلى نبض الشارع وصوته الصادق والنقي . في كردستان ومدن الجنوب والوسط الكل يتحدث بخطاب واحد وواضح وان كان بلغات ولهجات متعددة عن عراق يحس فيه أبناؤه بالأمن والأمان دون أن يتجرأ احد على المساس بحقوقه أو ينتهك أراضيه ، الجميع: عرباً وكرداً وتركمانا و كلدو آشوريين .. مسلمين ومسيحيين وصابئيين وايزيديين ، جلسوا على سفرة واحدة زادها الحب والتسامح . العراقيون في العيد أكدوا أنهم واحد وان اختلفت انتماءاتهم ، ما دامت ألاعيب السياسيين وأهواؤهم بعيدة عنهم .. العراقيون في العيد غنوا ورقصوا رغم الجراح والتقت كل أمنياتهم عند حلم كبير اسمه العراق، وعلى موعد مع المستقبل الذي لن يطول انتظاره أكثر.
كردستانيات: أمنيات فـي العيد
نشر في: 3 سبتمبر, 2011: 06:00 م