اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > السيرة الشخصية لقارب على ضفاف نهر النسمة

السيرة الشخصية لقارب على ضفاف نهر النسمة

نشر في: 4 سبتمبر, 2011: 05:48 م

علي النجار مالمو(سمكة صغيرة، تسأل مانو(آدم الهندي) أن ينقذها من السمكة الكبيرة التي يجد الإنسان الأول (مانو) أنها ستأكلها إن لم يفعل ذلك، وتعده بالمقابل بإنقاذه من فيضان عظيم قادم. ويحمي مانو السمكة حتى تصبح كبيرة إلى الحد الذي تكون فيه(فوق التدمير) فيبني عندئذ  سفينة متبعا تعليماتها، وتسحب السمكة السفينة إلى جبل، وعندما تهبط مياه الفيضان... ثم يكتسح الفيضان جميع المخلوقات الأخرى، يبقى مانو وحده هنا. *)
تشدني للزورق علاقة زمنية هي ليست بنت لحضتها ولا هي استجابة آنية لتنفيذ مشروع فني كما هو الحال الآن بعد أن تمت الموافقة على اشتراك مجموعتنا الفنية(شبكة الفنانين المهاجرين في أوربا) في العروض الفنية في مدينة (توركو) الفنلندية(مدينة الثقافة الأوربية لهذا العام). كنت ألامس مياه الفرات المتلاطمة بمحاذاة حافات الزورق وهي تجرف أصابعي أمواجها حينها لم أكن أتجاوز السابعة من العمر. ثم ينقلني الزورق بعد ذاك يوميا لمكان عملي في الستينات، والصدفة وحدها نجتني من الغرق في الذروة من فيضان النهر، في ذلك الوقت. حينما تجاوزت الستين من عمري، وفي بداية غربتي استذكرت زورقي بنص اقتطع منه هذه العبارات:  (كثيرا ما تلح علي الذكرى لأكتشف بان هناك مقاربات بين سفرتين أو حلمين ، الأول عن زورقنا العراقي وسط هور الصحين، والثاني اليخت الايطالي في قنوات فينيسيا. فينيسيا أدهشتني بقنوات شوارعها وصفوف البيوت في أزقتها التي تستحضر أزقة (العوينة وعقد النصارى والبتاوين ) من بغداد، الهور أدهشني صفاء مياهه ورقة حياة  نباتاته، وكان الأبهى ، وسيظل حسرة تتآكلنا حتى يستعيد جسده المغتصب وترفرف من جديد أجنحة طيوره المهاجرة في مسالك مداراتها الأرضية.حلم الزوارق هذه يقع ضمن باب أحلامي السعيدة . لقد مر زمن بطيء وغربة مستجدة لأكتشف مجددا بان ما يربطنا بسرة الأرض خاصتنا رباط يتجاوز أزمنة محننا).لم يكن اختيار العمل على الزورق كمشروع فني اعتباطا من قبل الفنان(عبد الأمير الخطيب) مدير الشبكة. هو اختار مدينة (توركو) كإقامة أولى له في بداية هجرته الأوربية، سكنها سنوات كافية ليكتشف مسالكها الثقافية والبيئية قبل أن ينتقل لمدينة أخرى وبلد آخر. وبالرغم من أن هذه المدينة مثقلة بأثرها المعماري الذي لا يزال يحمل بصمات قدمه وعراقة تاريخه، كعاصمة قديمة لفنلندا. إلا أن سحر طبيعة بيئتها يبقى هو الطاغي. فالمدينة يشقها نهر أورا(النسمة) إلى نصفين وينتهي في ضاحيتها في  مصبه البحري. على ضفة هذا النهر وعند أجمل بقعة منه( شلال هالينين ) نصبنا أعمالنا الفنية(زوارقنا). لقد تشكلت هذه المدينة ومحيطها البيئي من المياه واليابسة وثلوج الشتاء بأزمنته البعيدة، وبالتجاوب ونبض هذه الطبيعة اكتسب سكانها مهارات بناء أجمل وأفخم السفن. ولم يكن الخطيب بعيدا عن كل ذلك في اختياره الزورق عنوانا لاشتغالاتنا الفنية.  بالتأكيد ليست كل الأعمال(التجميعية أو الأدائية) وهي من ضمن اختيارات تنفيذ أعمالنا، متشابهة، نحن الثمانية فنانين مساهمون في هذا المشروع. أولاً كوننا منحدرين من جغرافيات وثقافات إن لم تكن مختلفة، وهي كذلك لحد ما، فهي متعددة. أنا هنا أحاول قراءة  سيرة ما صنعته من عمل هو الآن مستقر على ضفة الاورا:حينما وصلتني الدعوة للمساهمة في المشروع قبل عدة أشهر. كنت مستثارا في العمل على مفردته التي تعيد لي بعضاً من تواريخ سيرتي السوية، وغيرالسوية. أنا الذي استوطنت أيامي العراقية مياه دجلة والفرات، وخلفت آثارها المستديمة على جسدي. المهم، كيف لي أن أصوغ فكرة عملي. كان نوتي قارب الموتى في الأسطورة السومرية ينقلهم عبر بحر الظلمات(اللا عودة) إلى شاطئ العالم الآخر الذي لا رجعة منه. لكن، لو استلهمت أسطورة الزورق هذه فهل تتوافق مع اشتغالاتها التجميعية وضفة الاورا الساحرة. أعتقد أن الأمر سوف يكون سخرية سوداء تعكر مزاج سطح النهر الآمن وأهله، وعلي أن أبحث عن مصدر إلهاميّ آخر.قبل أن أبدأ صياغة فكرتي عن العمل بعدة أشهر، التقيت في لندن بشاعر عراقي صديق. بعد حديث مودة واستماع. وردت على خاطري إمكانية إشراكه بمشروع الزورق بنص شعري من تأليفه. وأنا أعرف بان الشعر يعني لي الكثير من الصور، الواقعية والفنتازية والفلسفية، وعسى أن يهديني نصه لسبل العمل. وصلتني لا حقا بعض  مقتطفات من قصائده الشعرية المتفرقة،التي ورد  في سياقها بعض عن حالاته الخاصة والعامة عن الزورق. وبقيت أختلس النظر إليها بين الفينة والأخرى. لكن تبقى المشكلة في كون هذه المقتطفات النصية وحسب اعتقادي تصلح للإيحاء ومصاحبة العمل في قاعات العرض الداخلية. بينما علي أن أنفذ عملا(مكتفيا بذاته)  في الهواء الطلق، لذلك جربت أن أستحضر صورة ما لتعينني، فدونت وقتها مقطعا افتراضيا:( تتقاطع خرائط الجغرافيا بمسارات مياهها وتشطر القرى والمدن والبلدان والمصائر، مثلما يشكل  الزورق بعضا من مساراتها الاستكشافية بدأ من منابعها حتى مصباتها وحتى متاهاتها، مسارات رسم الإنسان وقائعها العلنية بعد إشهار العلن بوسائل تقنيته. مثلما سطر خفايا أسرارها في الزمن الأول حوادث خارقة لكنها تفسر نبض القلب وتستشرف المصائر من ركام الأوهام وتمده من كل ذلك بطاقة لمواصلة الحياة في تحدياتها الكبرى. وان كان القارب خلاصا لمانو الهندي. فانه كان أيضا ناق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram