زينة الربيعي"العراقي أحسن كومبارس بالعالم "جملة ظلت تتراقص على طبلة أذني كلما رأيت حادثة من أحداث العراق الشفافة جدا,جملة سمعتها على لسان حال ممثل ثائر في مسرحية "هاملت تحت نصب الحرية" كان وصفا حقيقيا للعراقي.
فالأفكار المتراكمة عن ماهية العراقي تتمحور في انصهاره التام في كل تراجيدية أو كوميدية يدخلها ,من السهل أن يلبس خوذة المعسكر في اللحظة التي يقف تحت مظلة الشمس العارية ليفوز بلقاء سريع مع لترات البنزين المتطايرة وغير العابثة بظلام مزمن... هو نفسه الذي يعتلي المنابر وينادي :الله اكبر، وهو الذي يملأ اللحظات العبثية التي يقوم بها ثائر حلم بلحظة تحرير.. العراقي (ممثل مبهم الكنية) منذ الأزل تعوّد على تسطير الأدوار المترامية هنا وهناك ودخل التاريخ وهو المحرر ولكن لايعرف مامعنى التحرير، اكتشف القلم ولكنه لايعرف ماهية الكتابة، امتطى جواد الحرية ولكنه ليس بخيال.. تراكض بين الأدغال ولكنه ليس طرزان. العراقي هش لايستطيع أن يملك دور بطولة مطلقة من غير أن تتكالب عليه الدول الهوليوودية والبوليوودية والعربوودية لترمي به إلى مكانته المعتادة في كل أسطر الرواية _مكانة الكومبارس.وما يضحك حقا إن الصمت محدق في الأعماق وان ما من عاصفة تلم بأغصاننا المهترئة,لايأتي تغيير جذري ولاتحل سكينة مميتة للأمل,ومن يدفع الثمن غير الولادات المتواصلة من أجيال مشوّهة التكوين من تجسيدات صماء للكومبارس..الكلمات تخذل التعبير أحيانا حين تقع بين يدي مبتدئ لايعرف توظيف الكلمات بمكانها الصحيح،ولكن عندما يتحدث كبار الكتّاب عن موضوعة العراقي فان الكلام يرتحل بعيدا بلا عودة لانه صار مسخا لكل المفردات القديمة الممضوغة كقطعة لبان رخيصة..تناول الشيء وانتقاده ومحاولة معالجته يحتاج دربة وخبرة بل ويحتاج مقدرة،فهل من المنطقي أن نجعل من أنفسنا سخرية ونحن ننتقد هذا وذاك في كل حين وبمناسبة أو بدونها،فلا أحد يحلل الخبر كالعراقي وكأنه أعتى محلل سياسي، وأما لعبة كرة القدم فنحن المدرب واللاعب والحكم وحتى رئيس الفيفا..لنلتفت قليلا لما يدور ونحاول أن نضع أنفسنا على منصة التحقيق ونغربل زوائدنا الشخصية ونرتقي لمستويات هي واقعا اقل منا بكثير ...يقول محمد الماغوط (فلكي تكتب وتقرأ وتسمع وتهتف وتتظاهر وتلوح بقبضتك كما تريد يجب أن تكون حرا ولكي تكون حرا يجب أن تكون قوياً)..فمن أين يأتي العراقي بالقوة والاسلحة تتوجه صوب كل أجزاءه وتفاصيل حياته ؟؟وبهذا لايمكن للاستقرار ان يحل في موطن اللااستقرار..نحن لسنا عاديين ولانسمح بيوم أن نكون عاديين، فما نحن مصابون بالتهاب عادي أو رشح بسيط,نحن مرضى بتفوق ومرضنا أننا نشخّص كل الحالات البشرية واللابشرية بأنصاف حلول ونترك المهم ونرتحل مع سفاسف الأمور نحو تيارات ذات وتيرة مثيرة لشجن الكلمة,الحق يقال بعد كل شيء مادام في الأرض عراقي فليطمئن مخرجو الحروب المتسلسلة ولننعم نحن بتمثيل رائع لللاوجود..
العراقي أحسن كومبارس
نشر في: 4 سبتمبر, 2011: 05:52 م