TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :إيران والأزمــة السورية

في الحدث :إيران والأزمــة السورية

نشر في: 4 سبتمبر, 2011: 08:47 م

 حازم مبيضين استأثر البيان الصادر عن وزير خارجية إيران, وطالب فيه الرئيس السوري باحترام المطالب المشروعة لشعبه, باهتمام المتابعين لما يجري في سورية منذ ستة أشهر, كان نظام الولي الفقيه خلالها داعماً رئيسياً لبشار الأسد. ويكتسب البيان الايراني أهميته من خلال إعلانه القلق من تدخل حلف الناتو في سورية,
ويعني هذا أن عدم احترام المطالب الشعبية سيؤدي إلى تدخل الناتو, وتأتي الأهمية من توهم البعض أن إيران ستكون مستعدة للانخراط في حرب اقليمية في حال تطورت الامور إلى هذا الحد، وينسى هؤلاء أن السياسات الايرانية توقفت دوماً عند حدود الفعل السياسي, ولم يعرف عن الجيش الايراني أنه حارب خارج حدود بلاده طوال العقود الماضية, إلا في حالة واحدة هي حربه مع العراق,  التي يقول إنه كان مجبراً عليها.يرى بعض المراقبين أن إيران تعد الترتيبات لما بعد الأسد, وهي اليوم تدرس طبيعة العناصر البديلة التي يمكن أن تصل إلى السلطة في دمشق, وتدرس كل الخيارات للمحافظة على تأثيرها ونفوذها سواء في سوريا أوفي المنطقة التي ستشهد فراغاً يفتح شهية الاميركيين والاتراك والغرب لملئه، واستغلال القيادة الجديدة في سوريا، وتحويلها بعيدا عن جمهورية ولي الفقيه, وبما يؤدي إلى خلق صعوبات لوجيستية جديدة وشديدة, سواء خصوصاً على صعيد غلق الطريق الحاسم للإمدادات العسكرية والتمويل لحزب الله وحماس, بسبب الفوضى المتوقعة بعد تنحية الاسد وظهور حكومة جديدة تنسحب من فسطاط الممانعة الذي تقوده طهران.في ظاهر الأمر يبدو أن إيران تسعى لضمان أن أي قيادة سورية جديدة، ستلتزم بالممانعة والمقاومة, وهي في هذا الصدد ستعمل على توسيع مظلة اتصالاتها، خصوصاً مع القادة المحتملين من غير النخبة الحاكمة اليوم, بقصد ضمان ولائهم, وبالتوازي مع ذلك القضاء على المعارضين غير الموثوقين, بمن فيهم المؤمنين بأفكار وقيم ليبرالية وديمقراطية، من الذين يرضى بهم الغرب ويفضلهم، إضافة إلى المؤمنين بالحلول السياسية للمسألة الفلسطينية, وهو ما سيسحب البساط من تحت أقدام الحليف اللبناني الأقرب إلى أفكار قم ومعتقداتها, وهنا تكمن خطورة استعادة التجربة العراقية الناجحة من وجهة النظر الايرانية.في واقع الأمر, فان طهران اليوم تنظر إلى نظام البعث السوري, على أنه حمل زائد على سياساتها, طالما استمرت أزمته الراهنة, بعد أن ظل لفترة طويلة، من أهم استثمارات إيران، تحت شعار المقاومة, ورغم أن الكثير من قادة نظام الولي الفقيه الدينيين لم يعتبروه شريكاً مثالياً لهم بسبب علمانيته, فانها قدمت له كل دعم ممكن في إطار سياستها الأعم, سواء على الصعيد الإقليمي من حيث تعظيم الدور المذهبي للثورة الإيرانية, أو كسب مدافعين عنها في المجتمع الدولي, وهي لذلك تقف اليوم في بؤرة السياسة البراغماتية التي تتقنها فتتهذ كل الخطوات المتاحة لتعويض أي أضرار يمكن أن تلحق بها إذا انهار النظام السوري.معروف عن النظام الإيراني, سواء في عهد الشاه أو أيام الثورة, أنه يعتبر المصالح الإيرانية فوق كل العلاقات مع العالم الخارجي, لكن الراهن اليوم أن العلاقة مع سوريه لاتتوقف عند حدودها الجغرافية وإنما تتعداها إلى حزب الله وحماس, كما أنها مهمة في سياسة طهران تجاه العراق, وهكذا فان أي انتكاسة للنظام السوري ستصيب حتماً كل أذرع النظام الإيراني المرتبطة بشكل أو بآخر بدمشق, وهكذا فإن اللعبة اليوم تأخذ عند صانع السياسة الايراني منحىً آخر, ولكن هل يعني ذلك أن طهران ستطلق رصاصة الرحمة على نظام البعث لانها ليست مستعدةً  لأن تحارب من أجل أحد غير الدفاع عن نظامها فقط, وبمعنى أن لبنان لن يكون ساحة عسكرية للدفاع عن نظام البعث السوري العلماني.تطور الموقف الإيراني يؤكد أن المخرج من الأزمة في سورية لابد وأن يكون سياسياً بعد فشل الحلول الامنية، ولعل المبادرة العربية هي طوق النجاة، ولذلك لا يجب إغلاق الباب كلياً في وجهها، لأن النظام السوري لايحتاج مزيداً من الأعداء، بقدر حاجتة إلى وقف فوري للعنف, يليه تغيير ديمقراطي جدي وحقيقي، يبدأ فوراً دون أي تأخير. فالتزام دمشق بالحل العربي يجنبها تدويل أزمتها مثلما يجنبها خطر ترك الكلمة الأخيرة لإيران الباحثة عن مصالحها ليس أكثر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram