علــــي حســين هذه نكتة الموسم السياسية: الحكومة ستفتح ملفات الفساد للكتل السياسية خلال الأيام المقبلة، والنكتة ليست في مضمون الاتهام، بل هي فيمن يوجه الاتهام من جوقة المقربين من الحكومة. يمكن انتقاد مسؤولين في النزاهة والرقابة المالية، لأنهم تساهلوا مع المفسدين، وصحيح أيضا أن كتلاً سياسية شجعت على الفساد، وسنصدق أن الحكومة جادة في فتح ملفات الفساد، ولكننا قبل ذلك نريد أن نسأل أليس هناك ملفات فساد كثيرة
تغاضى عنها المقربون من رئيس الوزراء لا لشيء، إلا لأنها تمس أشخاصا تحرص الحكومة على التستر على فضائحهم، بل أن البعض من المقربين ممن شهروا سيوفهم هذه الأيام في وجه مفوضية النزاهة هم أنفسهم الذين يخرجون علينا كل يوم يبررون الفساد الحكومي، أين كان الحرص على المال العام عندما صمتت الحكومة على ملف أجهزة كشف المتفجرات التي أثبتت فشلها؟ لماذا لم نسمع صوتا ولم نر أحداً ينوح وهو يرى وزير التجارة السابق يمشي واثق الخطوة برغم كل المخالفات المالية التي ارتكبت في وزارته، لِمَ لا يكشف السيد المالكي ومقربوه الستار عن الأموال التي سرقت من مشروع الأبنية المدرسية وطبع المناهج؟ لِمَ لمْ نسمع صوتا يدين به عمليات السرقة والنهب للمال العام التي تمارسها جهات محسوبة على الحكومة، لماذا تنعقد ألسنة البعض وهم يرون مجالس المحافظات تنهب أموال الفقراء على مشاريع وهمية؟ أليس ما يجري خديعة وإخلالا ببنود العقد بين الشعب والحكومة؟ أليس هذا باطلا يريد البعض أن يقلبه حقاً لأنه يخدم أحلامه ومصالحه، لعل أبرز تناقضات الحكومة ومقربيها وأفدحها كان الموقف من قضية عقود الكهرباء الوهمية، فقد أمضى البعض أياماً عدة يناضل بالصوت والصورة، مطالبا بمحاسبة الموقعين على هذه العقود، لكنه ما أن تبين أن مسؤولين مقربين من الحكومة متورطون بهذه الفضيحة حتى بدأ الصوت العالي يخفت وتحول إلى مجرد همس غير مسموع. النكتة الحقيقية، أن الطاقم الحكومي يتجاهل أو يتناسى أن مسؤولين كباراً هم شركاء في ملفات الفساد هذه، بل إن البعض منهم لم يتورعوا عن التباهي بأنهم قبضوا ثمن موافقتهم على المشاركة في العملية السياسية مقدما، سواء عن طريق العم سام أو من خلال صفقات عقدت في الغرف المظلمة.والمضحكات كثيرة في هذه الحملة العشوائية ضد الفساد التي يشنها حاليا المقربون من الحكومة من ذلك مثلا التلميح والتصريح بان هيئة النزاهة و لجنة النزاهة البرلمانية تستران على ملفات كثيرة كما اخبرنا النائب دائم الظهور محمد سعدون الصيهود، لكن اللطيف أن يقال عن ضرورة كشف المتورطين بالفساد بعيدا عن استخدام ملفات الفساد للابتزاز السياسي. من المهم للغاية هنا أن نقرأ السياق الذي أعلن فيه البعض أن السيد رئيس الوزراء سيفتح ملفات الفساد، فمعروف للجميع أن هناك احتقاناً سياسياً ومطالبات جماهيرية بمحاسبة الفاسدين وسراق المال العام، وهناك إصرار من الشباب المتظاهرين على العودة إلى ساحات الوطن والاعتصام بها حتى يتم محاسبة كل من افسد وزور ونهب، ولهذا قررت الحكومة أن تنظم إلى صفوف المطالبين بمحاسبة المفسدين ولكن بشرط أن يبتعد دخان حرائق الفساد عن دهاليزها ومقربيها. غير أن البعض لم يشأ أن تتوقف الدراما عند هذه النقطة، إذ أعلن النائب الصيهود أن لجنة النزاهة لم تكشف عن اسم أي متورط في ملفات الفساد المالي والإداري على الرغم من عقدها العديد من المؤتمرات الصحفية تحدثت فيها عن ملفات مزعومة سيتم الكشف عنها لكننا لم نتعرف على هذه الأسماء واصفا تصريحات هيئة النزاهة بأنها "جعجعة دون طحين"، طبعا السيد الصيهود نسي أو تناسى أن هيئة النزاهة كشفت العديد من الملفات لكنها كانت تواجه في كل مرة إما بصمت حكومي قاتل أو بتهديد من المقربين، وأيضا تناسى السيد الصيهود أن الناس لا يمكن لها أن تصدق مثل هذه الخطابات وهم لم يروا الحكومة ومقربيها يوما يهتمون بما سرق من أموال العراقيين، ولم يسمعوا الصيهود يتحدث يوما عن الشباب الذين يضيعون في بحور البطالة، وعن النصابين الذين يزدادون ويتاجرون بأحلام وأموال الناس.السؤال المهم: كم أزمة يعاني منها العراقيون صمت تجاهها الصيهود ومعه الحكومة، لا أريد أن أصادر حق السيد الصيهود في حصد ما يشاء من مكاسب سياسية، لكن مواصلة حرق المراحل والقفز بأسرع من اللازم على هموم العراقيين تعد جريمة لا تغتفر.إن الصيهود يريدنا أن نصدق أن حربه ضد هيئة النزاهة هي جزء من حروب ستقودها الحكومة ضد الفساد ؟، ويريدنا ان نصدق ان هذه الحروب سيرفع فيها المسؤولون راية الدفاع عن الشفافية والنزاهة، فيما الناس تدرك جيدا ان حروب الحكومة ومقربيها دائما ما تأتي في الزمان الخطأ والمكان الخطأ، لان مقربي الحكومة وطبعا السيد الصيهود منهم صمتوا ويصمتون أمام اخطر ملفات الفساد المنتشرة منذ سنوات.
العمود الثـامـن :حروب الصيهود
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 4 سبتمبر, 2011: 09:38 م