TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين: عصر جديد

عين: عصر جديد

نشر في: 5 سبتمبر, 2011: 08:50 م

 عبد الخالق كيطانبعيد سقوط نظام مبارك كتبت في صحيفة أخرى متوقعاً سقوط ديكتاتور آخر. فالمسألة تشبه بالفعل أحجار الدومينو. الشعب المقموع، المقهور، المستلب بحاجة إلى ملهم، وهل ثمة أكبر إلهاماً من شعب مقهور ومقموع ومستلب يلهم مثله؟
لا أريد العودة إلى أصل الحكاية، سواء أكانت بدايتها في حرب إسقاط أعتى ديكتاتور عربي في العام 2003، أو في لحظة البوعزيزي التي أسقطت أقلهم بأساً وعنفاً، ولكنني أستعجل الوصول إلى القول بصريح العبارة إن عصراً عربياً، بل قل كونياً، بدأ يتشكل. هذه المرة أصبح الشباب العربي ملهماً، وقادراً في الوقت عينه على تحدي الأنظمة التي أجبرتنا على العيش في قرون ظلامية متخلفة، وكم كانت كلمات الرئيس الفرنسي موحية قبل أيام وهو يتحدث إلى الرئيس السوري حينما قال: إننا في القرن الواحد والعشرين، وهو قرن لم تعد الديكتاتورية تناسبه. ولكنني أزعم أن من تربى في بيت يحتقر، أيما احتقار، الرأي الآخر، ليس بمقدوره فهم رسالة من هذا النوع.لقد قرر مجموعة من الطغاة، الذين وصلوا إلى كراسي السلطة في منطقتنا بالقهر والتنكيل، أن يستعبدوننا، وكانت وسيلتهم في ذلك السوط والنفي.. كم خسرنا على مرّ العقود الماضية من بشر كان بينهم العالم والمفكر والفنان والمخترع؟... خسرنا الكثير مقابل بقاء الحاكم على كرسيه بعاداته الغبية ونزواته الغريبة دائماً، فهو مرة العالم، ومرة المفكر ومرة الفنان ومرة المخترع، كان يقول لنا: قدركم، وقدر الأمة أن أكون أنا بينكم، فلا تفكروا أبعد من ذلك. وكان لافتاً أن ينبري، على الدوام، مثقفون وفنانون، للتغني بعبقرية هذا الحاكم، وتأسيس الملتقيات الثقافية والجوائز الأدبية التي تحمل اسمه وتروج لعبقريته وجنونه الاستثنائي الذي أوصل نصف مدننا إلى أن تكون على هامش التاريخ، أو ما عادت تسمى بمدن: التجاوز، الصفيح، أو العشوائيات.اليوم يقرر الشباب العربي بداية عصر جديد، ولا أدري كيف يسمح الواحد منا لنفسه أن يقف ضد هؤلاء؟... وأنا مستعد لقبول الاتهام الذي قد يوجهه لي أحدهم بأنني أقف بطريقة قبلية مع هذه الموجة النادرة والساحرة من الاحتجاجات التي لم ترفع سوى شعار واحد: الشعب يريد إسقاط الرئيس. إنه شعار يطربني كثيراً، فأجد نفسي معه سكراناً، أنا الذي قضيت أكثر من ثلاثة عقود أطرق برأسي كلما مرّ شرطي من أمامي، أنا الذي علمني الجبناء أن لا أخطئ وأنا أتهجى اسم الرئيس في أغنيتي البريئة، هل كانت بريئة حقاً؟... ولقد شهدت سقوط الرئيس، وإن كان بسواعد أجنبية، ولكنه رحل من دنياي، وأتوق إلى أن يرحل أشباهه من دنيانا، فنستريح من ذلك الهمّ الذي ربض على عقولنا وقلوبنا لنصف قرن وأكثر.عصر جديد يبدأ، تصعد فيه خلافاتنا إلى السطح، فلا يخجل شخص من بيننا في كشف المستور، أو عورات المجتمع التي تسمح للطغاة بالصعود على رؤوسنا. هو عصر جديد قوامه المناقشة الحرة لكل شيء يتعلق بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. لم يعد بالامكان القبول بالسكوت مذهباً وديناً ومنهج عمل، كما دأبنا خلال العقود الماضية. إننا اليوم أبناء قرن جديد، قرن تشكله الأفعال والوقائع، لا الأحلام الرومانسية الثورية لمجموعة من نهازي الفرص وباعة الشعارات المزيفة.سقط القذافي، بعد صدام وبن علي ومبارك... وكم أتوق لكي تكتمل الدائرة بطاغيتين لا يقلان بأساً وحمقاً عن اسلافهما الذين ستبقى اللعنات تطاردهم إلى يوم يبعثون.مرحى للربيع العربي...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram