صبيح الحافظنحن هنا لا نتحدث عن مسلسل الحرائق التي حدثت في عدد من الوزارات والدوائر الحكومية وفي الأماكن التي تضم ملفات عقود المقاولات والمشتريات وغيرها من الأنشطة المالية بهدف إتلاف الوثائق الخاصة بها ، وقد اعتبرت أسباب تلك الحرائق بمس كهربائي وليس بفعل فاعل متعمد.
ولا نتحدث عن الفساد المالي والإداري المستشري في عموم دوائر الدولة رغم اعتراف الحكومة وهيئة النزاهة بوجوده. ولا نتحدث عن مزوري الشهادات الدراسية من مرشحي انتخابات البرلمان ومجالس المحافظات حيث بلغ عدد المزورين (229) مرشحاً بحسب التقرير السنوي لهيئة النزاهة وقد فاز بعضهم بالانتخابات وهم الآن يتربعون على مناصبهم ويتمتعون بالرواتب والمزايا الأخرى .ولا نتحدث عن الموظفين الفاسدين وعدم محاسبتهم أو إحالتهم للتحقيق بفضل صلاحية الوزير بحمايتهم بحكم المادة(136/ب) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.ولا نتحدث عن الخريجين من الجامعات والمعاهد العراقية الذين طحنهم الجوع وأنهكتهم البطالة ينتظرون من الدولة أن توفر لهم درجات وظيفية لتعيينهم فيها ، فإذا ما استحدثت درجات وظيفية لمعالجة مشكلتهم فإن هذه الوظائف ستعطى لمنتسبي الكيانات السياسية النافذة ولأتباعها.بل نتحدث عن مسلسل هروب السجناء الخطرين من السجون العراقية حيث شهدت مدينة الموصل هروب (35) سجيناً من المتهمين وفق المادة (4/1) إرهاب وذلك في صباح يوم الخميس الماضي المصادف ثالث أيام العيد، علماً أن هذا الحادث هو الرابع في مسلسل هروب السجناء الخطرين حيث سبق وان تم هروب عدد من السجناء من سجن البصرة ومثلهم من سجن الحلة وقبلها من سجن التسفيرات في بغداد والواقع بجانب وزارة الداخلية .ذكر احد المحققين في التحقيقات الأولية أن المساجين في سجن الموصل نجحوا في إحداث ثقب عمودي في زنزانتهم بعمق خمسة أمتار ويتصل بنفق بطول خمسين متراً يؤدي إلى مجرى قديم متروك كان يصب في نهر دجلة القريب من موقع السجن ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، أن عملية الحفر تتطلب أدوات وعدد حفر خاصة مثل الفؤوس والرفوش (الكرك) وغيرها ، إذن هناك من قام بتزويد المساجين الهاربين بهذه الأدوات ، ثم أين وضعت الأتربة والأنقاض المستخرجة من عملية الحفر والتي استغرقت شهراً بأكمله.من جانب آخر توقع محافظ نينوى أن يكون هناك تواطؤ من قبل بعض صغار السجانين مع إهمال جسيم من قبل مسؤولي السجن أدى إلى الهروب الجماعي إضافة إلى عدم ملاءمة البناية لأنها كانت في الأصل مدرسة .وتعقيباً على هذا الادعاء ، كيف يودع كبار المجرمين في بناية لم يتم تحويرها وتأهيلها لتكون محكمة ومحصنة لا سيما انه سبق وتم هروب مساجين في أماكن أخرى في البلاد كما ذكرنا آنفاً ، حيث كان من الواجب على مدير سجن الموصل اخذ الحيطة والحذر في هذه القضية. وأفاد احد منتسبي مديرية شرطة نينوى بأنه تم القبض على (23) هارباً ، وبديهي سوف تظهر حقائق وملابسات عملية الهروب وكشف أسماء المتورطين من منتسبي إدارة السجن والحراس وغيرهم من خلال اعترافات المقبوض عليهم وأسماء الهاربين الذين لم يتم القبض عليهم.من جانب آخر أكد المفتش العام لوزارة العدل أن 60% من أسباب هروب النزلاء في بعض سجون الوزارة تعود إلى ضعف البنية التحتية لتلك السجون ،حيث أن قدم السجون وبناها التحتية تشجع النزلاء على الهروب ،وأضاف أن من الأسباب أيضا سوء إدارة السجون حيث أن معظم الحراس ليس لديهم الخبرة اللازمة للسيطرة على النزلاء .وأخيراً لانعلم متى وأين ستحدث العملية التالية في مسلسل هروب المساجين ، ولهذا نعتقد أن على إدارات السجون اتخاذ إجراءات فعالة للسيطرة والمراقبة والتحكم في داخل السجون وحركة النزلاء فيها.
الفساد وراء هروب السجناء
نشر في: 6 سبتمبر, 2011: 07:03 م