TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: العربي فـي دمشق

في الحدث: العربي فـي دمشق

نشر في: 6 سبتمبر, 2011: 08:38 م

 حازم مبيضينما لم تحدث مفاجأة دراماتيكية فإن أمين عام الجامعة العربية، نبيل العربي، سيكون اليوم في دمشق حاملاً مبادرة عربية لحل اﻷزمة السورية، ﻻ تخرج عن مطالب  المجتمع الدولي، وتدعو إلى وقف العمليات العسكرية، وإطﻼق سراح المعتقلين، وبدء إجراءات اﻹصلاح السياسي, وتدعو إلى وقف إراقة الدماء، وتحكيم العقل قبل فوات اﻷوان.
ومعروف أنه ما كان لهذه الزيارة أن تتم لولا الموافقة المتأخرة للسلطات السورية عليها, بعد رفضها استقبال وفد كانت الجامعة قررت إيفاده إلى دمشق, عقب إصدار وزراء الخارجية العرب بياناً استفز السلطات السورية فتحفظت عليه واعتبرت  كأن لم يصدر، خصوصا أنه تضمن في فقراته التمهيدية لغة غير مقبولة في دمشق.الوزراء العرب كانوا أعربوا عن قلقهم وانزعاجهم إزاء ما تشهده الساحة السورية من تطورات، أدت إلى سقوط آﻻف الضحايا, ودعوا إلى احترام حق الشعب في الحياة الكريمة اﻵمنة، وتطلعاته المشروعة نحو اﻹصلاحات السياسية واﻻجتماعية, واحتجت السلطات السورية معتبرةً ذلك تدخلاً في شؤونها الداخلية، فتقرر إيفاد العربي وحده، وهو الذي كان انتقد بشدة، في افتتاح اجتماع وزراء الخارجية قمع المظاهرات في سوريا وقال إن التجارب أثبتت عدم جدوى المنحى اﻷمني واستعمال العنف ضد الثورات والمظاهرات التي تطالب بتغييرات جذرية، معتبرا أنها مطالب  مشروعة لابد من التجاوب معها دون تأخير.استقبال دمشق للعربي يأتي بعد فشل أكثر من مبادرة تركية استندت معظمها إلى الدعوة لعلاج بالصدمة, يتخطى العقلية الأمنية وينطلق من تفكيك أساسات الأزمة، بما فيها التخلي عن الدوائر الأمنية المحيطة بالرئيس، وإعادة بناء الحياة السياسية في سوريا لإلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تمنح البعث حق احتكار السلطة، والبدء بالعمل بنظام اقتصادي يحقق مصالح الشعب ولا تكون عوائده لفئة محددة. والمؤكد أن المبادرات التركية حملت الكثير من الضمانات للنظام السوري، وإن كانت في الأساس غير بعيدة عن حسابات المصلحة التركية.وهي تأتي بعد موقف خليجي ابتدأ في قطر لينتهي بدعوة العاهل السعودي إلى وقف إراقة الدماء وتخيير القيادة السورية بين الفوضى أو الاستقرار، كان الضغط الخليجي واضحاً في استدعاء السفراء للتشاور، وتأييد إرسال لجنة لحقوق الإنسان للوقوف على الأوضاع في سوريا, وبعد أن أدركت دمشق أن الموقف الغربي الذي كان محكوماً بعدم توفر بدائل للنظام تغير جذرياً وانتقل إلى دعوة الرئيس الأسد إلى التنحي, لمنع تفجر أكبر للأزمة, ومنع تمددها إلى مناطق ذات أهمية إستراتيجية كبيرة في التقدير الغربي.وهي تأتي بعد انقلاب مفاجئ في الموقف الإيراني الذي ظل داعماً بغير حدود لنظام الأسد, قبل أن يتحول للحديث عن المطالب المشروعة للجماهير, وبعد انتقال موسكو إلى الانتقاد الضمني للمعالجة الراهنة للأحداث, وبعد ما يشبه الإدراك المتأخر للتطورات غير المنتظرة, بما فيها تطور المواقف الإقليمية والدولية, المرشحة للانقلاب, للتماشي مع الوقائع التي ستفرضها تلك التطورات, علماً بأن الشارع السوري يميل لحل عربي, قد تكون المبادرة العربية عنوانه إن اقتنع بها النظام.أمين عام الجامعة في دمشق اليوم يحمل مبادرة كانت دمشق رفضتها, فهل يحمل جديداً مختلفاً ؟ أم هل تكون التطورات أقنعت القيادة السورية بالتعاطي مع تلك المبادرة, بعد تطورات يبدو أنها لم تكن تتوقعها.. الايام المقبلة تحمل الكثير وعلينا الانتظار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram