هاشم العقابي كان حلما أن أرى طاغية، أي طاغية، مخذولا أو مهزوما. أما اليوم فقد صرت حين استيقظ كل صباح أجد أن قهوتي لا يطيب لي تناولها إلا وأنا أشاهد برومات تستعرض الطغاة العرب الساقطين من على شاشات بعض الفضائيات. لا اخفي شماتتي ولا أقول اللهم لا شماتة. بل شماتة ونص.
هذا الصباح، وبعد أن استمتعت جدا بواحدة من تلك البرومات، خطر ببالي أن اكتب عن سيكولوجيا الطغاة مستعيدا ما تعلمته من خلال تخصصي بعلم النفس. وبينما كنت أفكر بما سأكتبه طلت وجوه الطغاة العرب على إحدى الشاشات التي كانت تستعرض حركات جسدية لزين العابدين ومبارك والقذافي وبشار الأسد في واحد أو أكثر من مؤتمرات القمة. كانوا جميعا يضحكون. ويا لها من ضحكات مقززة. هنا أجلت الكتابة عن سيكولوجياتهم وقررت الكتابة عن ضحكاتهم.اعتدنا أن نحب الوجه الضحوك. فالضحكة، خاصة عند الأنثى، تزيدها جمالا. ومن هنا غنينا "الك وحشة يبو ضحكة الحلوة". لكن ليست كل ضحكة حلوة، على قاعدة : "ولا كل من شرب المدام نديم". فوقعها على النفس يتوقف على من ضحكها. فبعضها موجع كتلك التي قال عنها مظفر النواب "احاه شكبر ضحكات الإقطاعي". وبعضها بلهاء تجعلك تشعر بالقرف. لا بل قد تظل تهز يديك حائرا بالتعبير عن إحساسك المر تجاهها. خذوا ضحكة بشار الأسد بعد مذابح درعا أو ضحكة القذافي حين يبشر رفاقه بان الدور سيأتي عليهم بعدما دار على صدام. ولا أظني بحاجة لأذكركم بضحكات صدام حين كان يجتمع بمقربيه بعد حفلات الإعدام الجماعية وكيف كانت بطنه تضحك أكثر من وجهه. هناك فرق كبير بين القهقهة والضحك. فالأولى قد تكون مجرد حيلة دفاعية. أي كذبة من اجل إخفاء الخوف أو الذعر. أو أنها ضحكة سياسية زائفة يريد منها الجبان أن يقول بأنه شجاع. لقد قهقه نيرون يوم حرق روما. وفعلها صدام وهو يعلم أن العراق محاط بجيوش كان هدفها إرجاع العراق إلى العصور الحجرية، حسب إنذار جميس بيكر. وكذلك يفعل القذافي وبشار وغيرهما من الطغاة. ومثلما تترك الضحكة الجميلة اثر جميلا في نفس من يراها أو يسمعها، فان الضحكة النشاز تثير الغثيان ولعبان النفس. وبعض الناس تستفزه الضحكات النشاز لحد أن يفقد أعصابه. ففي احد المؤسسات التي كنت اعمل بها قررت إحدى العاملات أن تترك العمل لأنها كانت لا تطيق ضحكة المدير. حاولنا أن نثنيها عن قرارها فردت أن الأمر ليس بيدها فهي حين تراه يضحك تشعر برغبة شديدة للتقيؤ لأنه يبدو وكأنه يقضي "حاجته" أو يرغم نفسه إرغاما على الضحك. لذا قررت الرحيل درءا للعذاب والحرج.الإنسان يشعر بالغثيان حين يرى بعض الوظائف البيولوجية تصدر عن عضو جسدي غير العضو المخصص لها. وكذلك الضحك الذي يفترض أن يكون عبر الفم والوجنات والعيون أحيانا، سيقززنا لو حدث وكان الفم والوجه قد استخدما لقضاء حاجة جسدية أخرى. وهكذا حقا اشعر حين أرى طاغية يضحك. كان يمكن للأمر أن يطاق، وقد يضحكنا ويريحنا نفسيا لو أن الطاغية ضحك من مكان آخر, مكان يمكن ان يستنتجه القارئ اللبيب من قول شاعر شعبي لبيب ايضا:ما تطكنه ابتيس وتضحك الفروخ هم تسوي احسان هم "....." يفوخ
سلاما يا عراق :عندما يضحك الطغاة
نشر في: 6 سبتمبر, 2011: 09:13 م