عباس الغالبييبدو ان الخلاف البيزنطي بين الجهات السياسية الحاكمة مازال مستمراً بشأن قانون النفط والغاز تجلى بشكل واضح ولافت للنظر من خلال امتعاض الجانب الكردي حول مسودة القانون المقرة من قبل الحكومة والموجودة حالياً في مجلس النواب لغرض اقرارها ، حيث تحدث رئيس الإقليم مسعود بارزاني بشكل واضح وغير مسبوق، منتقداً مسودة القانون الجديدة بقوله ( ان مسودة قانون النفط والغاز الذي أقرته الحكومة والذي يقع في 50 صفحة نوقش في 5 دقائق فقط ) ، ما يؤكد ان الخلاف مازال مستمراً وعلى الرغم من الجدل البيزنطي الذي دام لأكثر من خمس سنين خلت تخللتها ثلاث مسودات لم تحظ جميعها بالقبول من قبل الأطراف السياسية المتصارعة على المغانم لأعلى مكاسب ورفعة ورخاء للشعب العراقي .
وعلى الرغم من التفسيرات المتباينة للمادتين ( 111 و 112 ) من الدستور اللتين تختصان بالقطاع النفطي ، فان واضعي مسودة القانون في شكله الأخير الموجود حالياً في مجلس النواب لا يمكن لهم أن يحيدوا عن حيثيات وتطلعات واهداف الدستور في قضية النفط والغاز ، إلا أذا كانوا من جهة واحدة فقط وغير مهنيين ولا يعيرون اعتباراً لجدلية ان الثروة النفطية والغازية ملكاً للشعب العراقي مجتمعاً بفسيفسائه الجميل بحسب الدستور.ولاغرو أن المسودات الثلاث كتبت في ظروف سياسية وأمنية مختلفة ، حيث ان البديهيات التي لمسناها عن كثب ان القرار السياسي عادة ما يلقي بظلاله على القرار الاقتصادي بحيث يجعله مكبلاً بالعراقيل والمشاكل ، وهذا ما جعل قانون النفط والغاز مكبلاً ومطوقاً بخلافات بيزنطية ابتدأت منذ مرحلة كتابة الدستور عام 2005 ، واعتقد انها لن تنتهي إلا بسحر ساحر ، لأن الخلافات تبدو شكلية للمراقبين والمتابعين والخبراء وحتى الفنيين الاختصاصيين بقطاع النفط إلا انها تصبح عقيمة على طريقة الجدل المحتدم الخلافي المتزمت ، وهذا ما أفرزته الحوارات التي جرت خلال الاربع سنين الماضية حول قانون النفط والغاز والذي كما يعرف الجميع أنه رحل الى الدورة البرلمانية الحالية بسبب الجدل البيزنطي الذي شهدته جلسات الحوار والتي لم تفض الى نتيجة معينة من شأنها التوصل الى حل مرضٍ للأطراف كافة .وهذا الخلاف حول قانون النفط والغاز ضمن سلسلة من الخلافات بين المركز والإقليم وأبرزها المادة ( 140 ) والتي مازالت لم تأخذ حيز التطبيق ، حيث يصف الكرد توجهات المركز بالسعي نحو التفرد وديكتاتورية القرار بخلاف حيثيات الدستور التي أعطت الحق للأقاليم والمحافظات غير المرتبطة بإقليم بالمشاركة في القرارات الاقتصادية ، وهذا موضع خلاف لم يحسم حتى اللحظة على الرغم مما يسمى باتفاقيات الشراكة الوطنية التي شكلت بموجبها الحكومة الحالية أطلق لها العنان من ربوع أربيل بموجب مبادرة الرئيس بارزاني .ويبقى السؤال الأهم وبضوء السياسة النفطية المعتمدة خلال الستة اعوام الأخيرة ما مصير القطاع النفطي والى أين يذهب وما مصير العقود المبرمة مع الشركات العالمية ضمن جولات التراخيص الثلاث ، لاسيما وأن هنالك توجهاً لمجلس النواب بضرورة مراجعة هذه العقود التي أثير لغط كبير حولها، ولاسيما في بعدها القانوني في ظل عدم وجود قانون للنفط والغاز .فإلى متى يبقى هذا الخلاف البيزنطي؟
في الواقع الاقتصادي: خلاف بيزنطي
نشر في: 7 سبتمبر, 2011: 07:48 م