هاشم العقابيمن دواعي الانصاف القول ان ثمة شيئا مختلفا في تصريحات النائب محمود عثمان. فهو يكاد ان يكون الوحيد من بين كل النواب متميزا بصراحته بعيدا عن اساليب اللف والدوران والتصنع في طرح ما يريد قوله. ويعد آخر ما صرح به لجريدة "الشرق الأوسط" وثيقة مهمة تكشف حال واقعنا السياسي المتردي بكل وضوح. لم يقف الرجل عند النتائج بل، وهذا هو الاهم، انه وضع اصبعه بجرأة على الاسباب التي انحدرت بالعراق الى هذا الوضع المرتبك سياسيا وامنيا واقتصاديا.
فالعراق اليوم "هو عراق الكتل وليس عراق المواطن ولا عراق المؤسسات ولا عراق الدستور"، حسب قوله. ولان هذه الكتل مختلفة فيما بينها وتفضل مصلحتها الخاصة على مصلحة البلد والمصلحة العامة، لذا غاب وجود الدولة بالعراق وصار المواطن ضحية لانتشار الفساد وسوء الخدمات وفقدان الامن.لست هنا بصدد التعليق على كل ما قاله النائب عثمان أو تحليله. لكن اهم ما استوقفني به هو كشفه عن ان الأمريكان هم من فرض الحكومة واستعجل في تنصيبها، وبالتحديد رئيس وزرائها. والسبب كما يقول هو : "أن واشنطن كانت تعرف أن هذه الحكومة لن تنجح وهذا غير مهم بالنسبة لهم سواء نجحت الحكومة أم لا فالعراق كله لا يهمهم". قد يسأل سائل: وما الجديد في ذلك ما دام العراق محتلا من قبل الأمريكان؟ وجوابي هو: ان كانت الحكومة من صنع الاحتلال فبأي "وجه" تطلع علينا كتل متحمسة تسب الأمريكان ليل نهار وتنادي بطردهم ولها في في الحكومة الحالية وزراء ومسؤولون يحتلون مناصب عليا؟ ولأكون اكثر صراحة، احدد بالاسم كتلة الاحرار التي تمثل التيار الصدري. فالسيد مقتدى الصدر ، كما نقل عنه، انه امر باقالة سفير العراق بالسويد على خلفية لقائه مع احد قادة الجيش الامريكي، لكنه راض عن وزرائه في حكومة فرضها المحتل. يقول محمود عثمان: "الإدارة الأميركية كان لها دور سيئ وسلبي كونهم أصروا كثيرا على هذه الشراكة وتعاملوا مع الأمر وكأن عندهم باص أجبروا الجميع على الصعود إليه وهم يعرفون بأن هذا لن ينجح".لا ادري كيف يجبر الامريكان انسانا ذا عقل وارادة على الصعود بباص ليصبح وزيرا؟ ولو كنت انا من حاور السيد عثمان لسألته: "بالله عليك اخبرني، هل ان "ربعنا" تدافعوا على الصعود بالباص ام ان الامريكان حقا اجبروهم على الصعود؟". اعتقد ان "الربع" هرولوا راكضين خوف الا "يقبط" أو يتحرك قبل ان يلحقوا به. الباص هذا ذكرني بالقطار الأمريكي الذي قال عنه علي صالح السعدى بانه هو من اتى بالبعثيين لحكم العراق في العام 1963، الذين من حينها جعلوا ايام العراق ولياليه أشد اسودادا ودموية, ثم ياتي بعده باصهم في هذه الايام محملا "بجهابذة" الفساد واللصوصية والجهل ليقضي على آخر ما تبقى من العراق كدولة. لقد كان السعدي صريحا بقوله. لكن السؤال هو: هل سنجد أحدا في كتلة دولة القانون مثلا، أو بحزب الدعوة الذي يرأسها، من يكون صريحا مثله أو مثل محمود عثمان ليقول: "لقد جئنا بباص أمريكي"؟ وهل ان السيد مقتدى الصدر سيتبرأ من وزراء كتلته الذي حُشروا، أو حَشروا، انفسهم بالباص الأمريكي كما تبرأ من السفير؟ساعدك الله يا عراق وأعان شعبك الذي كان وما زال يتلظى بنار حكومات القطار والباص الأمريكيين.
سلاما يا عراق: الباص الأمريكي
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 7 سبتمبر, 2011: 08:49 م