TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :جمعة هادي مهدي

في الحدث :جمعة هادي مهدي

نشر في: 9 سبتمبر, 2011: 10:01 م

 حازم مبيضين كان الشهيد هادي مهدي يحلم بأن يشارك مواطنيه حراكهم في اليوم التاسع من الشهر التاسع, مطالبين بوطن لكل العراقيين, خال من الطائفية البغيضة والأحقاد المريضة, يرفض المحاصصة والفساد والنهب والفشل والعمالة, يعيش فيه العراقيون بعد كل تضحياتهم بقلوب يملؤها العشق والتسامح, وهم يدركون أن من حقهم العيش في ظل حكومة أفضل وأحزاب أفضل وقيادات أفضل, وهؤلاء المطالبون بكل ذلك يستحقون أن نصفق لهم وأن ننحني أمام قاماتهم الشامخة, لأنهم ماء وجه العراق وكبرياؤه وكرامته.
كان يحلم بتكريس يوم أمس لحرية العراقيين وكرامتهم, لكن الأيدي الغادرة التي تحركها عقول مفعمة بالحقد والكراهية وادعاء امتلاك الحقيقة والتي تتلمذت على يد دكتاتورية صدام حسين حتى وإن كانت تعارضه, كرست جمعة التاسع من أيلول لشهيد الكلمة الحرة والفكرة الحرة والقرار الحر, والجماهير التي شيعت هادي مهدي أمس لم تشيع معه أفكاره وإنما كرستها نوراً يضيء دهاليز الظلمة التي يسعى بعض سماسرة السياسة للف نهارات العراقيين بها ويحاولون حجب نور الشمس والحرية والكرامة بغربال الطائفية والمذهبية والقومجية وكلها تفرق ولا تجمع.كان يحلم بوطن يحفظ للمواطن حقوقه, ويمنع اللصوص الذين يتخفون وراء العمائم والألقاب الحزبية والبرلمانية, من الاستمرار في النهب البشع لثروات العراقيين, واللعب على وتر الطائفية للحفاظ على مكتسباتهم من هذا ( الحال المايل), ويمنعهم من العمل على تقسيم الوطن على أسس تحفظ لهم حقوق النهب وتمنع العراقيين من تحقيق حلمهم, ويتجاهلون أن التاريخ يحفظ لنا أن حكم بلاد الرافدين لا يمكن أن يستقر لطائفة تهمش الطوائف الأخرى وتغمطها حقوقها, وطن يتساوى فيه الجميع أمام القانون, ويمنع المتسلقين والشطار ولاعبي الثلاث ورقات, والمستعدين لتغيير الولاء بنفس سهولة تغيير الحذاء, من التحكم في رقاب العباد والبلاد.نعرف أن الأصوات التي ستطالب بالتحقيق في ملابسات حادثة اغتيال هادي مهدي في ظروف غامضة, ستكون كثيرةً وعالية, لكننا نظن أن التحقيق لن يصل إلى نتيجة، فالمؤشرات تتجه جميعاً إلى الفاعل غير الخفي, فأعداء هادي هم فقط السياسيون السماسرة,  الذين يستغلون مواقعهم من أجل مصالحهم الخاصة والشخصية والحزبية والطائفية, وهم حيتان الفساد الذي منع العراقيين حتى اليوم من التمتع بنعمة الكهرباء, فيما يستوردون قمامة العالم ليطعموها للناس البسطاء وهم يتنعمون بأفضل ما في العراق ويستحضرون لأنفسهم ما لذ وطاب, وهؤلاء هم من سيوجه أي تحقيق بعيداً عن أوكارهم المفضوحة.بعد اليوم لن يقف هادي على الخشبة ليخرج مسرحية محترمة, ولن نسمع صوته الهادر على أثير الإذاعات, ولن يقود في أيام الجُمع القادمات تظاهرات المطالبين بالحرية والكرامة والمساواة, فقد نقلته أيدي الغدر, من الواقع الراهن الشديد المرارة, ليكون رقماً مضيئاً في صفحة الشهداء التي استهلها بدمه قاسم عجام, وتبعه كثيرون وهي لن تنتهي بهادي مهدي, ولا بسواه, وستستمر المناداة بما نادى به فقيد العراق حتى تتحقق كل مطالب العراقيين, وحتى يعود العراق وطناً يستحق الانتماء والولاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram