TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شنــاشيــــل :قضية هادي المهدي.. المفروض والمطلوب إثباته

شنــاشيــــل :قضية هادي المهدي.. المفروض والمطلوب إثباته

نشر في: 9 سبتمبر, 2011: 10:31 م

 عدنان حسين لست أدري إن كان طلبة المدارس المتوسطة والثانوية مازالوا يدرسون، مثلما كنا ندرس، "المفروض.. والمطلوب إثباته" في درس الهندسة للتحقق من صحة النظريات الهندسية وبرهنتها، فقد تردّى التعليم في بلادنا إلى درجة يبدو معها أن الأجيال الجديدة حُرمت من كل شيء جيد تعلمته أجيالنا، ودرس الهندسة ذاك كان في الواقع درساً في الفلسفة والمنطق أيضاً.
أستعير ذلك الدرس الهندسي غداة اغتيال الزميل الإعلامي والفنان هادي المهدي لأفترض أن الحكومة والأجهزة التابعة لها (الأمنية بالطبع) لا علاقة لها من قريب أو بعيد بهذه الجريمة، أما المطلوب إثباته فهو صحة هذه الفرضية.لو كنّا في عهد صدام حسين ما احتجنا للعودة إلى درس الهندسة، فعمليات القتل بالطريقة التي اغتيل بها الشهيد هادي المهدي ما كان قادراً على تنفيذها سوى أجهزة السلطة المؤتمرة بأمر صدام الذي أنشأ في البداية "جهاز حنين" للقيام بالمهمة القذرة: تصفية الخصوم والمعارضين والمنافسين، قتلا بالرصاص أو دهساً بالسيارات، ثم بعدما خطف صدام كرسي الرئاسة من ولي نعمته احمد حسن البكر حوّل كل أجهزة الدولة الأمنية إلى جهاز حنين، ولم تكن أي عملية اغتيال أو اعتقال تتم من دون علم صدام وبتوجيه شخصي منه، وما كان أحد، مهما كان موقعه في هذه الأجهزة، يجرؤ على فعل شيء كهذا من وراء ظهر صدام. ولهذا فعندما كنا، نحن معارضي نظام صدام الفارين إلى الخارج، نسمع بإعدام أو اعتقال معارض في الداخل أو اغتيال معارض في الخارج ما كنا نتردد في اتهام صدام بارتكاب الجريمة، ولم نكن نحتاج إلى الاستعانة بدرسنا الهندسي القديم، فالثابت لا يحتاج الى إثبات وبرهنة.افتراض عدم علاقة الحكومة الحالية وأجهزتها باغتيال زميلنا الشاب هادي المهدي يرجع إلى أن الحكومة في العهد الجديد ليست طليقة اليد تماماً، كما نظام صدام، في قتل المعارضين والمنافسين والخصوم.. صدام كان فوق الجميع، لا أحد يستطيع محاسبته عن أفعاله، بل لم يكن يحق لأحد غير صدام أن يحاسب. أما الحكومة الحالية فلا تتمتع بصلاحية كهذه.. فوقها البرلمان والقضاء ووسائل الإعلام يراقبونها ويحاسبونها. وبخلاف صدام حسين الذي لم يكن يفكر في الشيء أكثر من مرة، لا بدّ أن مسؤولي الحكومة يفكرون ثلاث مرات في الأقل قبل أن يقرروا اتخاذ قرار يمكن أن يزلزل الأرض تحت أقدامهم كاغتيال شخصية معروفة مثل هادي المهدي.لكن كما يحدث مع الكثير من الحكومات الديمقراطية فثمة هامش للخطأ، ولهذا نسمع بان رؤساء حكومات ووزراء ورؤساء مؤسسات أمنية وعسكرية ومدنية يستقيلون بسبب أخطاء يرتكبونها لا يمكن التستر عليها أو تبريرها.الخطأ وارد حتى في أعرق الديمقراطية، ونحن ديمقراطية وليدة، مجال الخطأ فيها كبير.من المفروض ألا تكون للحكومة وأجهزتها علاقة باغتيال هادي المهدي.. وهذه الفرضية مطلوب إثباتها لأن الأنظار توجهت على الفور إلى الحكومة وأجهزتها، بسبب العلاقة غير الودية للحكومة وأجهزتها بهادي المهدي وكثير من أمثاله من المثقفين والناشطين السياسيين والحقوقيين.. الحكومة ومؤسساتها وحدها من يستطيع أن يقدم البرهان على صحة هذه الفرضية، بالكشف عن الجناة وتقديمهم إلى القضاء.. وحتى يحصل ذلك تظل فرضية عدم العلاقة بحاجة إلى إثبات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram