حازم مبيضين كنا نتمنى لو تمت زيارة أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي لدمشق في موعدها الأول, لولا أن السلطات السورية أجلتها في إجراء غاضب ثم عادت وقبلتها, واليوم وباستثناء أن يكون سائحاً يرغب في رؤية نواعير حماة أو قلعة حلب, أو التمتع بالشرب من الفيجة والتبضع من الحميدية فانه لا معنى للزيارة التي يفترض أن يقوم بها اليوم, ما دامت السلطات السورية ترفض مسبقاً المبادرة العربية, وتصر على اعتبارها كأن لم تكن, والتي جاء لعرضها,
على أمل أن تسهم في حل الأزمة المتفاقمة في سوريا, ونفترض بحسن نية أن دمشق رفضت استقبال العربي لأنه اجتمع مع وفد من المعارضة السورية, وعاد للقول معتذراً إن اللقاء لم يكن رسميا، فالمفروض أن ترحب السلطات السورية بهكذا لقاء, نظراً لإعلانها المتكرر عن رغبتها في الحوار باعتباره المخرج الحقيقي من الأزمة الراهنة.نعود إلى المبادرة العربية لنسأل لماذا ترفضها دمشق, وهي تقترح استمرار الرئيس بشار الأسد حتى انتهاء ولايته الحالية, ليصار بعد ذلك إلى إجراء انتخابات رئاسية تعددية مفتوحة, يخوضها كل من تنطبق عليهم شروط الترشيح, وتطالب بإصدار إعلان مبادئ واضح ومحدد من قبل الرئيس يحدد فيه عملياً الخطوات الإصلاحية التي سينفذها وهي نفسها التي وردت في خطاباته منذ بدأت الأزمة، كما يؤكد التزامه بالانتقال إلى نظام حكم تعددي, وأن يستخدم صلاحياته الموسعة الحالية كي يعجل بعملية الإصلاح, وتدعو إلى الوقف الفوري لكل أعمال العنف ضد المدنيين وسحب كل المظاهر العسكرية, وتجنيب سوريا الانزلاق نحو فتنة طائفية أو إعطاء مبررات للتدخل الأجنبي.المبادرة العربية التي أقرها اجتماع وزراء الخارجية العرب, باعتبارها تعبيراً عن الحرص على المساهمة في إيجاد حل في سوريا, ودرءاً للأخطار بما فيها التدخل الأجنبي, وضمان تحقيق الإصلاحات في مناخ آمن ومنضبط, طالبت بتعويض المتضررين, وجبر كل أشكال الضرر الذي لحق بالمواطنين، وبإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين, أو المتهمين بالمشاركة في الاحتجاجات الأخيرة, وتقترح فصل الجيش عن الحياة السياسية والمدنية, وتدعو إلى بدء الاتصالات السياسية ما بين الرئيس وممثلي قوى المعارضة بكافة أطيافها, على أساس رؤية برامجية واضحة للتحول من النظام الراهن إلى نظام ديمقراطي تعددي, وهي ترى أن الحوار المقترح سيتم على أساس المصالحة الوطنية العليا, بالانتقال الآمن إلى مرحلة جديدة وفق ثوابت ترفض العنف والطائفية والتدخل الأجنبي.ليس معروفاً المخارج التي تعتقد السلطات السورية أنها ستغادر منها الأزمة, في حين يؤشر رفضها المبادرة العربية إلى رفضها الإصلاحات التي يطلبها الجمهور, وإذا كان حكام دمشق يظنون أن بإمكان النظام الاستمرار كما كان منذ أربعين عاماً فإنهم واهمون, فالحراك الجماهيري, وبغض النظر عن القائمين به, لا يمكن أن ينتهي إلى لاشيء, والقوى التي برزت إلى السطح لن تعود إلا لتعمل من تحت الأرض وسيكون عملها بالتأكيد عنفياً, والمطالب التي تقدم بها المتظاهرون ليست قابلة للنسيان ولا للتأجيل, والعالم العربي ممثلاً هذه المرة بالجامعة العربية, يفتح عيونه على اتساعها باتجاه عاصمة الأمويين, على أمل أن تشهد تحولاً نحو الأفضل يحفظ للسوريين وطنهم موحداً وديمقراطياً وقادراً على مواجهة كل التحديات, ولهذا كله نأمل بتعاطي السلطات السورية مع المبادرة العربية بما يحقق هذه الأهداف.
في الحدث :لماذا يزور الـعـربــي دمـشــق؟
نشر في: 10 سبتمبر, 2011: 07:07 م