TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نــص ردن: شعب مدرّع

نــص ردن: شعب مدرّع

نشر في: 10 سبتمبر, 2011: 08:34 م

  علاء  حسنحاجة العراقيين إلى الشعور بالأمن والأمان ستدفعهم في يوم ما للاستعانة بدروع القرون الوسطى  للحفاظ على أمنهم الشخصي ، فبعد استخدام السيارات المدرعة وزجاج النوافذ المضاد للرصاص على نطاق محدود ، سيلجأ البعض الى وضع الخوذ الفولاذية  وارتداء الدروع خلال ساعات العمل والتنقل ، ثم التخلي عنها أثناء النوم ، وتوفير هذا الزي ليس أمرا سهلا ، فهو شحيح و لا يوجد إلا في المتاحف ، ويتطلب ان تخاطب الحكومة الشركات القادرة على تصنيعه لتوفره بالملايين للعراقيين الباحثين عن سلامتهم .
البدلة المدرعة لا تختلف عن زي المحارب من القرون الوسطى بتحقيق الهدف ، وستكون لكبار المسؤولين والقادة السياسيين ، لان هؤلاء لا تسمح لهم ظروفهم بارتداء الخوذ والدروع الثقيلة والتنقل بين الجماهير وأبناء الشعب للتعرف على مطالبهم ، فضلا عن ذلك فإنهم غير مستعدين لحمل أثقالها ، ولهذا يجب تصنيع البدلات المدرعة بمواصفات تضعها لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الحكومة ومجلس النواب .بعد الاطمئنان  على استيراد البدلات المدرعة لجميع السياسيين والمسؤولين لحفظ أمنهم الشخصي ، لضمان تحركاتهم الميدانية من دون خوف وقلق على حياتهم ، نلتفت بعد ذلك الى امن الأطباء وأساتذة الجامعات والإعلاميين ، وهؤلاء بإمكانهم ارتداء أزياء محاربي القرون الوسطى ، وسيواجهون صعوبة في بادئ الأمر ، وعليهم  تحمل التعليقات الساخرة  لحين  تقبل المنظر غير المألوف .لاشك أن الحصول على أزياء محاربي القرون الوسطى مهمة صعبة وعسيرة وتكلف أموالا طائلة ، ولتجاوز هذه المشكلة يمكن الاستعانة بمواد محلية من جريد النخل والسعف والجنفاص والطين لصناعة بدلة مدرعة لكل عراقي تشبه أزياء المقاتلين العرب قبل قرون .استخدام البدلة المدرعة المصنوعة محليا سيقلل حوادث استهداف المدنيين بكاتم الصوت ، وسيحقق فرص استتباب الأمن ، ويخلص الأجهزة الأمنية من أعباء تشكيل لجان تحقيقية لمعرفة ملابسات الكثير من الحوادث والجهات التي تقف وراء تنفيذها .اعتاد المسؤولون الامنيون إطلاق تصريحات تطالب المواطنين باتخاذ تحوطات أمنية تسهم في الحفاظ على حياتهم ، واستخدام البدلات المدرعة المصنوعة محليا واحد من تلك التحوطات ، فضلا عن ذلك فان مثل هذا الابتكار،  سيمنح القطاع الخاص فرصة اعادة نشاطه المندثر منذ سنوات ، وانعاش الصناعة المحلية ،ولاسيما ان الحاجة للدروع ستقدر بالملايين ، لتحقيق  فكرة "الشعب المدرع " .منذ سنوات كان الحديث عن استقرار الأوضاع الامنية يستهلك جهود المسؤولين و السياسيين ، والوعود في تحسين الملف الأمني وتطويره تضمنته البرامج الانتخابية والحكومية ، ومراجعة أولية لإحصاء عدد ضحايا العمليات الإرهابية ، والعنف ، تعطي مؤشرا أكيدا لمستوى تراجع هذا الملف الذي يتصدر أولوية مشاغل العراقيين .ليس امام العراقيين اليوم سوى اللجوء الى اساليبهم الخاصة للحفاظ على امنهم ، بإحاطة اجساهم بالكرب والسعف والجنفاص والطين للتخلص من استهداف الكواتم ، وانفجارات العبوات الناسفة والمفخخات ، وهذه الصورة ستمنح ابناء شعبنا شكلا متفردا قد يثير  استغراب ودهشة الشعوب الاخرى،  او شفقتهم ، لكن الصورة ستعكس مظهرا آخر للوضع الامني الذي مازال بنظر كبار المسؤولين  مستتبا ولا يستدعي القلق   والمخاوف ، وهذا الرأي وبما يحمل من مغالطات ابعد ما يكون عن الواقع ، وأصبح  موضع استياء المواطنين الذين لم يجنوا من الخطة الأمنية سوى المزيد من المتاعب والاجراءات المشددة ،والضحك على الذقون ، والأمثلة كثيرة ومنها الاصرار على استخدام جهاز الكشف عن المتفجرات الذي اشار اليه رئيس الوزراء في حديث تلفزيوني   بانه فاشل  ،  وأحد ملفات الفساد في وزارة الداخلية.قبل  حصول أزمة في الحصول على السعف والكرب والجنفاص لصناعة دروع للعراقيين تقع على الحكومة مسؤولية توفير تلك المواد ، لان  الطلب المتزايد عليها ، سيجعلها خاضعة  لهيمنة جهات متنفذة ، ستفرض شروطها لتحديد اسعارها ، وربما ستندلع ازمة سياسية تحبط مشروع فكرة "الشعب المدرع" لمواجهة التحديات الأمنية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram