اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الصورة لا تكذّب أحوال البصرة.. قراءة فـي أعمال مصوّر الفوتوغراف خالد خزعل مجيد

الصورة لا تكذّب أحوال البصرة.. قراءة فـي أعمال مصوّر الفوتوغراف خالد خزعل مجيد

نشر في: 11 سبتمبر, 2011: 05:41 م

علي الحسينيأحاول هنا، مراجعة أعمال مصور الفوتوغراف (خالد خزعل مجيد) التي سجلت مشاهد الحياة في مدينه البصرة، وقراها، وقصاباتها. وستكون المراجعة جمالية ترصد السمات العديدة التي تتوفر عليها أعمال المصور (خالد) والتي تدفع المشاهد للتأمل الخلاق ولدراستها ومطاولة محتواها الفني والإبداعي. مجموعة نقاط من خلالها سنكشف عما تخبئه لنا أعماله من محمولات جمالية تزخر بالتأويل ذي الدلالات المفتوحة.
(1)ثمة نقطة جوهرية وشرط أساسي لنجاح أي عمل إبداعي أو فني على نحو التخصيص، هو أن تتوفر لدى صاحب العمل رؤية تتسع لموقف شمولي من الحياة. فالصور الفوتوغرافية الجيدة - بحسب أنسل آدمز -  ليست حادثا عشوائيا، إنما رؤية محمولة عن الحياة. وهذا ما يلامسه المصور (خالد خزعل) ،فقد اوجد لنفسه رؤية فنية عن الحياة، وثبت له وجهة نظر عن الموضوع الذي يصوره. فهو لا يعطينا صورا تموت بعد حين، أو يلتقط صورا عابرة لا تحمل موقفا مسبقا، بل نستطيع أن نتأمل موقفا حياتيا ممتدا له في أي عمل فوتوغرافي قام بانجازه.rn(2)لذلك، معظم الموضوعات التي اشتغل عليها المصور (خالد خزعل)؛ في الغالب كانت موضوعات كلاسيكية متكررة، سبق أن التقطتها عدسات المئات من المصورين المحترفين والهواة. من قبيل الأحياء، المحلات، الأزقة، حياة الصيادين، والفلاحين، حركة المراكب، والطيور المهاجرة، والنوارس في الشط والهور، جمال الطبيعة، والبؤس المتوغل فيها. لكن بالرغم من كلاسيكية تلك الموضوعات، فقد تميز (خالد) بالروح الإنسانية، التي هي الركيزة الأساس في كل أعماله الإبداعية. الطبيعة ومفرداتها حاضرة في غالبية صوره، لكنها كانت منطلقَهُ لأجل محاكاة أوجاع الإنسان وتطلعاتهِ.rn(3)يعتمد (خالد خزعل) ـ وهذا ما نستشفه من أعماله ـ على الدراسة الشاملة والتأمل غير المنقطع قبل إخراج الصورة بشكلها النهائي، صوره تنم عن أفكار متجددة، وخيال مفتوح في التكوين والإضاءة. لعل بعض أعماله تجعلنا أمام مصور يعطي للصورة حياة أكثر مما تستحق.rn(4)استطاع خالد الجمع بين أزمنة مختلفة في الصورة الواحدة. ففي صور الاهوار على سبيل المثال، يداعب ذاكرتنا من حيث الماضي بجمال الهور وطبيعته الفاتنة، لكنه أيضا من حيث الحاضر المعاش يدلنا، ويعرفنا بالظلم، والجور، والحرمان الذي لحق بهذه البيئة وبأهلها. كما يرسل لنا رسائل مستعجلة عما ينتظر ذاك العالم من مستقبل مليء بالرعب، والبؤس عند الاستمرار بتجاهله.ففي صور الاهوار، شاهدنا الحياة بطبيعتها المفعمة بالبساطة، والبراءة إلى جانب الحزن، والحرمان، والأسى، وتطلعات للخلاص من الجحيم الذي يهمن على البيئة، والإنسان هناك.rn(5)لعل الامتياز الذي تحظى به الصورة الفوتوغرافية لدى المصور (خالد خزعل)، إنها تدعونا لأكثر من تساؤل، وتدلنا على مشغل يحوي أسئلة هائلة ليس من السهل فضَها، ثمة مغزى عميق وراء اللقطة، اللقطة عنده ليست مجرد لحظة من الزمن تم اقتطاعها، إنها تفتح الباب أمام تصورات لا حدود لها في خيال المشاهد. وهذا الامتياز يتضح أكثر في صور (السلوت) مثل ذلك: (صورة الغراب الهارب من النور والخضرة .(6) ثمة سؤال قديم يدغدغ أحلام مصوري الفوتوغراف: هل يستطيع المصور الفوتوغرافي رسم لوحة تشكيلية بكاميرته؟. ما أعتقده، إن عدداً من أعمال (خالد خزعل) تكشف عن اقترابها من اللوحة التشكيلية. فهو يجيد التحكم بثنائية الظل والضوء من جهة، ويعي مستويات اللون المطلوبة، وأهمية تعدده في الصورة من جهة أخرى. ومثال ذلك أعماله الجديدة-(منزل الشناشيل)- التي يعيد من خلالها إنتاج الموضوعات المصورة.rn(7)أعتقد أن المصور المبدع، هو الذي لا يجعلنا حبيسي زاويته التي أخرجت لنا لقطته، بل على العكس تماما، المبدع هو الذي يستطيع أن يوفر لنا زوايا عديدة، ليست الزاوية المرئية فقط، بل زوايا متعددة ليست مباشرة تسمح للمتلقي بالتأمل الخلاق (صور صغيرات الهور الحسان). فقط استطاع أن يرينا من خلالهنّ الحسن والجمال، إلى جانب البؤس والحرمان. ليست وجوههنّ فقط وجوهاً كالحة، مغبرة مطيّنة أحيانا أو في الغالب، بل أيضا وجوه باسمه، مرحة، فاتنة، وساحرة، وآملة.كما استطاع المصور (خالد خزعل) أن يرينا زوايا جديدة لأشياء ألفناها، واعتدنا رؤيتها على أنماط ثابتة مكررة. ومثال ذلك: صورة لشط العرب، أعطانا من خلالها زاوية لم نستطع رؤيتها، وهي الشط الثائر الهائج على غير ما عرفنا عنه من هدوء، ومسالمة، وسكينة.rn(8) إن (صور خالد خزعل) تثير الأسى، والغصّة فينا نحن البصريين لأنها تقول لنا، إن جمال مدينِتا لم نعد نراه إلا عبر زوايا ضيقة. فالبصرة بكل معالمها التي استطاعت عدسته الوصول إليها، كانت المحصلة أن جمالها لا يمكن رؤيته إلا من تلك الزوايا، بالرغم مما يبذله الفنان (خالد خزعل) من جهد لكي يعيد لنا الأمل في إمكانية عودة نبض الحياة مرة أخرى لمدينته التي شاخت وهرمت وهي تحتضر الآن. الصورة كانت أول انبعاث للتواصل قبل الحرف وقد استطاع (خالد خزعل مجيد) إدامة هذا الانبعاث.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسيرة مصور الفوتوغراف: خالد خزعل مجيد، مواليد البصرة:1963المعارض: سينوغرافيا الشط، الاهوار فضاءات للحرية، مختارات جنوبية/كركوك،أربيل، كواليس مربدية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram