حازم مبيضينيبدو مثيراً للإمتعاض جهد الأميركيين, الرامي لدفع الفلسطينيين إلى العودة إلى طاولة التفاوض المجاني مع الإسرائيليين, بدل التوجه إلى المجتمع الدولي لطلب عضوية كاملة لدولتهم المرتقبة, بعد أن هددت واشنطن بالفيتو في حال صمموا على ذلك, وهم اليوم يتبجحون بأنهم سيستغلون كل ساعة وكل يوم لدفع الجانبين لاستئناف المفاوضات, التي رفض الفلسطينيون العودة إليها في ظل استمرار الاستيطان, ولايبدو مهماً إيمان واشنطن بإمكانية إحراز تقدم فيما يتعلق باستئناف التفاوض,
والمؤكد أنها تحاول ذر الرماد في العيون وهي تعلن أن المحادثات التي جرت مؤخراً بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمسؤولين الأميركيين ديفيد هيل ودنيس روس كانت بناءة, لاننا نعرف أنهما لم يقدما للقيادة الفلسطينية أية مقترحات بناءة, حيث أكد مسؤولون فلسطينيون بعد لقاء عباس بالموفدين الأميركيين عزمهم على التوجه إلى الأمم المتحدة رغم تهديد الفيتو.وحيث يقف الفلسطينيون أمام مفترق طرق, فإنهم يعرفون مواقع خطواتهم, وهم على الأرجح سيستهلون حملتهم من مجلس الأمن أو قد يلجؤون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يتعين الحصول على تأييد أغلبية ثلثي الأعضاء لإجازة خطوتهم, التي يؤيدها أمين عام الأمم المتحدة ويترك للدول الأعضاء اختيار مواقفها, ومعروف أنه يتوجب الحصول على موافقة مجلس الأمن والجمعية العامة معا لضمان العضوية أو اعتراف المنظمة الدولية, في المقابل فان عزلة الدولة العبرية تزايدت بعد الموقف التركي الأخير, الذي واجهته بتصعيد أرعن على لسان وزير الخارجية, تبعته محاولة للتهدئة بذلها نتنياهو, وبعد مهاجمة سفارتها في القاهرة التي لم تثنها عن التأكيد على استمرار العلاقة بين البلدين, تحت زعم أن السلام بين اسرائيل ومصر يصب في المصلحة الاستراتيجية للبلدين, ويجب ان يبقى قائماً, ورغم أن الحادث ضربة مؤلمة للسلام وانتهاك خطير للمعايير الدبلوماسية.كان قرار الفلسطينيين بالذهاب إلى الأمم المتحدة, مبنياً على ماسمعوه من تمنيات للرئيس أوباما قبل حوالي سنتين, برؤية دولة فلسطينية تتحقق في نهاية أيلول 2011، وبعد تصريحاته المتكررة حول أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار, وأن السلام على أساس دولتين لشعبين هو الحل, وهو اليوم يتنصل من كل ذلك رغم أن الشرق الأوسط يشهد تغيرات جذرية, حيث تتفكك دول وتنهار أنظمة وتنفتح كل الاحتمالات, والمؤكد هنا أن موقفه الجديد اتخذ في تل أبيب وليس في واشنطن, وأن الرجل رضخ لمشيئة المتعنت نتنياهو وحكومته اليمينية العنصرية, بناءً على حسابات تتعلق بالانتخابات المقبلة, وليس لها أي تماس مع القواعد الأخلاقية, التي أشبعنا عنها خطباً ذهبت أدراج الرياح.يتوهم نتنياهو بأن قرار الأمم المتحدة لن يؤثر في عزلة إسرائيل في الساحة السياسية, لكنه توعد الفلسطينيين بجملة من الإجراءات منها سحب بطاقة الشخصيات المهمة، تقييد الحركة في المناطق، ضم مستوطنات وغور الأردن لإسرائيل ووقف تحويل الأموال للسلطة, وفي ظنه أن ذلك يساوي حلمهم بدولتهم, والفلسطينيون لايتوهمون اليوم أنهم سيعودون من الأمم المتحدة بقرار شجاع منصف, لكنهم يحركون الماء الراكد لعل السنارة تصطاد السمكة, وهم في كل الأحوال لن يخسروا الكثير إذا ما قورن ذلك بخسارة وطنهم.
في الحدث: هل تصطاد السنارة السمكة؟
نشر في: 11 سبتمبر, 2011: 06:57 م