علاء حسن قبل أيام قليلة وفي آخر لقاء تلفزيوني أعلن رئيس الحكومة نوري المالكي إنهاء الحديث عن الشراكة ، لأنها تحققت بكل أشكالها وصورها ، ولكن ما حصل من خلاف بين بغداد واربيل حول مسودة قانون النفط والغاز أعطى مؤشرا آخر يختلف عما أعلنه رئيس الحكومة ، وكشف عن خلل واضح في مفهوم الشراكة وتحقيقه .
مجلس النواب في دورته التشريعية السابقة فشل في تشريع القانون ورحله الى الدورة الحالية لحين حصول توافق على بعض مواده ليأخذ طريقه للتشريع ، وكان ائتلاف الكتل الكردستانية قد اشترط اقرار القانون ضمن ورقة المطالب الكردية اثناء مفاوضات تشكيل الحكومة.القانون بإمكانه ان يشعل الخلاف بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان في ظل تباين وجهات النظر ، والتفسيرات المتعددة للمواد الدستورية المتعلقة بضمان حقوق الإقليم بالثروات الطبيعية ، وخلال السنوات الماضية شهدت العلاقة بين الطرفين توترا ملحوظا لان الكثير من الملفات العالقة بين الطرفين لم تحسم بعد ، بانتظار انجاز التعديلات الدستورية ، وإقرار التشريعات التي تنظم العلاقة بين الجانبين .اعتراضات إقليم كردستان على مسودة القانون قوبلت بردود منفعلة من قبل نواب ائتلاف دولة القانون ، فقال احدهم " ان حكومة شمال العراق " تطلب أكثر من استحقاقاتها ، وتجاهل النائب الذي كان يعد ائتلاف الكتل الكردستانية حليفا ستراتيجيا الصفة الرسمية لإقليم كردستان ليعبر عن حقيقة مواقفه بعدم الاعتراف بالإقليم ، ولربما عبر عن وجهة نظر شخصية ، عندما ذكر "حكومة شمال العراق " وكان الأجدر به استخدام تعبير "منطقة الحكم الذاتي " بلغة النظام السابق ليؤكد فهمه للشراكة، على الرغم من ان زعيم ائتلافه وقع وتعهد على تطبيق ورقة المطالب الكردية قبل ان يتولى منصب رئيس الوزراء.مع التأكيد على حقيقة تحقيق الشراكة ، هناك من ينتهج سياسة الإلغاء بذريعة الحفاظ على المصالح الوطنية بالتجاوز على حقوق الآخرين التي نص عليها الدستور ، ومثل هذه المواقف الذي عبر عنها نواب دولة القانون تشير الى الإصرار على التخلي عن الاتفاقات السياسية والتوجه نحو فرض إرادة طرف على حساب اخر داخل الحكومة .قبل ان يحسم دولة القانون خلافه مع القائمة العراقية حول مجلس السياسات والوزارات الامنية ، فتح جبهة اخرى مع اقليم كردستان ، في وقت يعيش البلد ازمة سياسية ويشهد تحديات خارجية تتطلب وحدة وتماسك الموقف العراقي عبر حسم جميع الملفات ومن أبرزها انجاز تعديل الدستور لضمان استقرار الحياة السياسية .رئيس الوزراء اعترف بان الدستور يحتوي الكثير من الألغام، واعترافه يؤكد أهمية تعديل مواده موضع الخلاف ، وهو لم يمنح لأعضاء ائتلافه حق استخدام تلك الألغام والتلويح بتفجيرها عندما يطالب الآخرون بحقوقهم الدستورية بتشريع قانون النفط والغاز وبما يضمن حقوق الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان .ألغام الدستور بحسب وصف المالكي استخدمها نواب ائتلافه اكثر من مرة ضد الشركاء والحلفاء ، لاعتقادهم بان قيادة ائتلافهم الحكومة يمنحهم وحدهم حق الدفاع عن الدستور والعملية السياسية ، ودفاعهم غالبا ما يكون مصحوبا بتوجيه اتهامات للشركاء بمحاولات سحب الثقة عن رئيس الوزراء والتآمر للإطاحة بالمالكي ، وتنفيذ أجندات إقليمية ، وانفصال "حكومة شمال العراق " وإيواء جماعات إرهابية تزعج تركيا وإيران بشن هجمات مسلحة على البلدين الجارين .يعلم العراقيون بان مبادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني حققت الاتفاق على تقاسم الرئاسات الثلاث ، وانقذت البلاد من ازمة سياسية كادت تستمر حتى هذا اليوم ، وباعتراف جميع الاطراف المشاركة في الحكومة كان للاقليم الدور الفاعل في تقريب وجهات النظر والمواقف بين القوى العراقية ، وهذه الحقائق كان يرددها نواب دولة القانون في تصريحاتهم السابقة، وسرعان ما تخلوا عنها ليشعلوا فتيل ازمة سياسية جديدة قبل انعقاد اجتماع القادة المرتقب برعاية الرئيس جلال طالباني .الشراكة كما يراها نواب دولة القانون تعني بنظرهم الموافقة على قرارات رئيس الوزراء ، ورفضها مخالفة دستورية ، ومثل هذا المفهوم السائد حاليا سيكون سببا في اندلاع ازمات محتملة لان ألغام الدستور اصبحت بيد نائب منزعج من مطالبات "حكومة شمال العراق " يقصد إقليم كردستان .
نــص ردن :ألغام دستورية
نشر في: 11 سبتمبر, 2011: 10:44 م