اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > "الملهمة" سيدة تعيش على فتات ماضيها الجميل!

"الملهمة" سيدة تعيش على فتات ماضيها الجميل!

نشر في: 12 سبتمبر, 2011: 06:12 م

ترجمة:عدوية الهلالي خمسون سنة مرت منذ أن كانت تلك السيدة تعيش عصرها الذهبي كملهمة للشعراء الكبار ..تبدآ قصة تلك المرأة في نهاياتها ،ففي حجرة مفروشة فقيرة وباردة ، تعيش مولي اولغود حيث المكان المظلم القذر يثير الرعشة في البدن وتضاعف من وحشته ومضات البرق الخاطفة وآثار المستأجر السابق الذي توفي فيه !!
رغم ذلك ، يمكن أن تشعر بوجود تلك السيدة الطيبة ضئيلة الجسم ذات الخمسة والستين عاما الثملة غالبا وهي تعيش الوحدة والفقر وتتحدث إلى المطر والأرصفة والكلاب السائبة ..إنها ليست مجنونة ولافنانة بل ملهمة للشعراء الكبار في الزمن الجميل الماضي ، ففي عام 1900 ، أحبها إلى درجة العشق واحد من عباقرة عصره وهو الايرلندي جون ميلنغتون سينج مؤلف (متشرد من العالم الغربي ) والذي كتب لها رسائل عشق ملتهبة يمكن مقارنتها بفن بجماليون في روعتها قال فيها انه يحترق شوقا إليها ورغبة فيها.خمسون سنة مرت على ذلك العصر ومازالت مولي تذرع الخطى بالقرب من مسرح آبي بعد أن كانت تزور المسارح مدعوة من قبل الكاتب دبليو بي ييتس ..إنها تشبه الآن ظلا لماض لن يعود لدرجة أن أقاربها اعتبروها متشردة ونسي اغلبهم جولاتها الرائعة في الولايات المتحدة مع عشاقها وظلها الموجود في اغلب أعمالهم التي كتبوا بعضها خصيصا لأجلها ..في كتاب " الملهمة " الذي صدر مؤخرا عن دار فيبوس الفرنسية للنشر في  278 صفحة للكاتب الايرلندي جوزيف اوكونور يمكن أن نعثر على شخصيتين لمولي ، الاولى شابة ومشرقة والثانية عجوز ظريفة وذات مزاج روحي ..وفي هذه الرواية يروي اوكونور أحداث يوم في حياة مولي في عام 1952 ،حيث تعيش وحيدة تحت رحمة الجوع الذي تكتمه لتحافظ على كرامتها رغم أنها تتسول طوال النهار لتحصل على ماتسد به رمقها وماتشرب به ماينسيها ماضيها الجميل يرافقها أمل واحد بان الحياة ربما ستكون اقل خشونة وقسوة في اليوم التالي !!وترى مولي أن " العالم ليس مجزرة يقاد فيه الإنسان إلى الذبح بل فرصة لممارسة لعبة الحياة "، ويبدو أن هذه الفكرة هي التي تمدها بالشجاعة فضلا عن ذكرياتها التي تجتاحها طوال اليوم وعبرها يمكن أن نرى لقاءها الأول مع المتشرد سينج بردائه الخشن وكيف فتن بصوتها منذ لقائه الأول بها رغم مايتخلله من نبرة خشنة ثم ملاحقة المؤلف لهما في جولاتهما الساحرة في تلال ويكلو حيث يجسدان ثنائيا حقيقيا لولا وجود كثير من الأشياء التي تفرقهم في الواقع كظروفهما الاجتماعية ،إذ كان سينج رجلا نبيلا رغم محاولته العيش ببوهيمية ..وتتذكر مولي باستمرار وفاة رفيقها الكاتب المسرحي مبكرا وكيف تعرفت بعده على عدد من المشاهير الذين جعلوا من حياتها حفنة من الذكريات السعيدة والأليمة في آن واحد ..وإذا كان الكاتب اوكونور قد تجنب ذكر الاحداث والتواريخ والأماكن فلأجل أن يتمكن من الاقتراب من حالة من الغموض المليئة بالألغاز والتي تحيط عادة بقصص الحب الخالدة ..لهذا السبب لايمكن اعتبار رواية ( الملهمة ) تاريخية المحتوى بل هي أشبه بسمفونية من العشق والذكريات الحزينة القادمة من خلف أسوار ماض لن يعود ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram