حازم مبيضينأحيا الأميركيون الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 أيلول, وقد خلا العالم من مخططها الرئيسي أسامه بن لادن, الذي اصطادته قوة أميركية وهو في مخبئه في باكستان, بعيداً عن ساحة المعركة في أفغانستان, التي اجتذب إليها قوات عسكرية من أنحاء العالم كافة للقضاء على تنظيمه الإرهابي, وزار الرئيس الأميركي باراك أوباما المواقع التي استهدفت في التفجيرات, معلناً أن يوم الأحد هو يوم وطني للخدمة, وتذكر الضحايا الذين وصل عددهم إلى حوالي 3 آلاف قتيل, وإذا كان بن لادن اعترف علناً بالجريمة, فان المؤسف أن الغالبية من العرب والمسلمين يصرون أن الجريمة من تنفيذ الموساد الإسرائيلي, بمساعدة المخابرات الأمريكية.
يحق لنا أن نسأل أية دوافع وأي فكر ظلامي وثقافة عدمية, دفعت بالمجرمين لارتكاب فعلتهم، وما الذي أفاده المسلمون منها, ونتذكر أن الإرهابيين الذين يدعون الإسلام ارتكبوا سلسلة من الجرائم, منها خطف إيران للرهائن الأميركيين، وتنظيمهم لأعمال عنف في مكة في الثمانينات، وتفجير محطات القطار الأرضي في باريس، وتفجيرات السفارتين الأميركيتين في عاصمتين أفريقيتين, وخطف وقتل السياح الغربيين في بعض الدول العربية، فحملة هذا الفكر يتوسلون العنف سبيلاً لنشر الرعب والفوضى, وهو فكر قائم على الكراهية، وادعاء احتكار الحقيقة، والتطرف الديني لا يطيق رأيا مخالفا بل يبيح قتل صاحبه، ولا يتورع عن تكفير مجتمعات ودول مسلمة والدعوة لهدمها, لبناء دولة الكهوف المظلمة.نعرف وندرك أن العالم بعد أحداث أيلول, يعيش هواجس الخوف والتحسب من عمليات إرهابية جديدة, يرتكبها متطرفون مهووسون دينياً, ويعني ذلك أن المعركة ضد الإرهاب ثقافية قبل أن تكون أي شيء آخر، وفيها تجب التوعية بأن الدين علاقة شخصية بين الفرد وخالقه، وهذا يعني ضرورة وقف أعمال التحريض والاستفزاز ضد أي ديانة, والسعي لنشر ثقافة التسامح والسلام، واغتنام فرصة فقدان الإرهاب الأصولي لجاذبيته في أوساط الشباب العربي والمسلم، وكان ذلك واضحاً في غياب نفوذ المتطرّفين في ثورات الربيع العربي, حيث غابت الشعارات الدينية مقابل حضور الدعوات للديمقراطية والحرية. لكن ذلك لا يجب أن يمنعنا من مناقشة دور الدين وتأثره على حياتنا في أنحاء العالم العربي كافّة.لم يكن بن لادن يفكر أو يعتني بنتائج غزوة نيويورك على العرب والمسلمين, الذين سدت في وجوههم معظم مطارات العالم, التي تستنفر حين تعرف أن عربياً أو مسلماً يتواجد فيها, لأن الغرب بات مقتنعاً أننا لا نتورع عن اقتراف أية جريمة، وابتدأت البحوث الجدية عن الطاقة البديلة للنفط العربي, وهو ثروتنا الوحيدة, وتصور العالم الغربي أن كل ادعاء صادر عنا بأننا ضد الإرهاب هو إدعاء أجوف, واستند في ذلك إلى أن شعوبنا ابتهجت بنصر بن لادن, ووزع السفهاء الحلوى في الشوارع, وكأنهم استعادوا القدس من غاصبيها, وبلغت السفاهة ببعضهم حد الدعوة إلى بناء مسجد في موقع البرجين, وكأن الأرض ضاقت حتى لم يتبق غير تلك البقعة ليرفع فيها اسم الله.مهم جداً ملاحظة أن رد الفعل الغربي اتسم بالتسرع, وربما كان له الحق في ذلك, لكن الإمعان في تبني نفس الأفكار التي انبثقت حين كان الدم ساخناً في شوارع نيويورك, وحين كانت أجواؤها تحمل روائح اللحم المشوي, سيقود حتماً إلى صراعات نؤكد أن عالمنا في غنىً عنها, فالمطلوب اليوم مراجعة الجوامع المشتركة بين الديانات, ليكون التعايش ممكناً, وليكون عزل الإرهاب والإرهابيين القاعدة التي تجمعنا للتخلص من قاعدة بن لادن.
في الحدث: ذكرى أيلول.. هل تعلَّموا.. هل تعلَّمنا؟
نشر في: 12 سبتمبر, 2011: 09:13 م