TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما يا عراق :نعم.. الحكومة متهمة

سلاما يا عراق :نعم.. الحكومة متهمة

نشر في: 13 سبتمبر, 2011: 09:14 م

 هاشم العقابي قررت البارحة ان اجد وسيلة دفاعية تعينني على تهدئة الم الجرح الذي تركه قتل هادي المهدي بداخلي، ولو الى حين. ليس من المعقول، طبعا، ان ابحث عن شيء مفرح بالعراق ينسيني الألم، لأن "منين يا حسرة؟" كما يقول المصريون.
لذا قلت لنفسي في صباح هذا اليوم: لأبحث عن جرح عراقي أعمق، عله يساعدني، على قاعدة: "والجرح يسكنه الذي هو آلم". لكن الذي حدث هو ان البحث جرني، رغما عني، الى جرح مقتل هادي مجددا. يبدو انه مثلما "كل الطرق الى روما"، فان كل الجروح ادت  بي  الى جرحه مرة أخرى. لقد أضاف لي البحث جرحا آخر حفرته سكاكين الذين  يحذرون ويهددون بالويل والثبور لكل من يتهم الحكومة انها قتلت هادي. أمرها يثير الريبة هذه الهجمات التي تحرم، لا بل وتجرم، من يتهم الحكومة بمقتله. فالمتهم ليس مجرما بل هو بريء حتى تثبت ادانته. فعلام هذا الخوف والتطير؟ لم اسمع أو اقرأ بحياتي كلها "تحريم" توجيه الاتهام لأي شخص، عندما تحدث جريمة حتى لو كانت سرقة وليست قتلا. لا يخاف أو يتطير من الاتهام الا من كان في قلبه مرض أو كان مرتابا أو ان له يدا فيما حدث. قرأنا في التاريخ ان الناس كانت تتهم الحكام والخلفاء. لا بل وقد اتهم احدهم النبي بانه لم يشتر منه فرسا، وطالبه بشاهد يشهد له. اقرؤوا قصة خزيمة "ذو الشهادتين". وكم من مرة قرأنا بان الأمام علي بنفسه وفي أيام خلافته كانت الناس تحيله ويحيلهم للقضاء حتى قيل انه خسر قضية اثبات سرقة درع له من مواطن غير مسلم.  وفي عصرنا الحديث، خاصة في البلدان التي يسودها العدل وتحترم فيه الحكومات شعبها ونفسها أيضا، عندما يقتل مواطن لا يتردد القضاء بتوجيه الاتهام الى كل من يشك فيه حتى لو كان رئيسا لحكومة أو كنيسة أو حزب أو سائق تكسي أو بقالا. فدم الإنسان عندهم حقا اكرم حتى من بيوت الله وقصور الرئاسة.وهناك طرفان من حقهما القانوني والشرعي أيضا ان يوجها الاتهام أو طلب الشهادة  الى كل من  يعتقدون ان التحقيق معه قد يؤدي ولو الى خيط رفيع جدا للكشف عن القاتل. الطرفان هما: الادعاء العام، الذي يمثل الشعب، وذوي القتيل أو اقاربه.فالشرطة من واجبها ان تأتمر بامر المدعي العام وتبدأ باستقصاء الحقائق. اول عمل تعمله هو انها تسأل عن منهم اعداء القتيل  ومن هم أصدقاؤه أو أقرباؤه. وفي اغلب الأحيان من حقها ان تحقق حتى مع الذين ترد أسماؤهم في ملف الهاتف الذي كان يستعمله القتيل.فمن هم اعداء هادي المهدي الذين نعرفهم جيدا، وشخصهم قبل قتله؟ الم تكن الحكومة اولهم؟ هذا لا يعني ان ما شخصه صحيحا اذ ان مدى صحته تتوقف على مجرى التحقيقات. لكن من واجب الجهات القضائية ان تستجوب من اشار اليهم المقتول حتى وان كانوا انبياء. كذلك عليها ان تحقق مع اصدقائه وزوجته واهله. هذا كله من اجل العدل واحقاقه. لا من اجل تسقيط هذا أو ذاك.ليس فينا من اتهم المالكي. لكننا ندعو للتحقيق معه لان القتيل قد اشتكاه علنا. وعلى المالكي ان يحترم العدالة قبل غيره ويخضع  للتحقيق هو ومعه أي مسؤول امني أو حكومي ناصب القتيل  العداء. هناك دليل واضح وضوح الشمس، يجيز اتهام  الحكومة، جرت وقائعه امام انظار الناس ظهر 25 شباط من هذا العام. فبعد ان عاد هادي من اشتراكه بمظاهرات ساحة التحرير ليستريح في مطعم بالكرادة، تابعته قوات الامن باربع "همرات" الى هناك. نزل منها أزلام امن حكوميون بزي رسمي وتوجهوا نحوه وثلاثة من اصحابه. كان هو اول من ضربوه  على رقبته من الخلف. وباقي القصة معروف لديكم. وهنا نسأل: ما الذي يمنع  من لا يحترم كرامة انسان، ان يحل  سفك دمه؟ ومن يعذبه بالعصي الكهربائية ويهدده بالاغتصاب والقتل، هل ممكن ان يردعه اي رادع انساني من تصفيته؟ للعلم ان كاتم الصوت اكثر رحمة من عذاب سياط الذل والتنكيل بالبشر خاصة اذا كان التنكيل والتعذيب علنا وليس بالسر كما كان يحدث في ايام صدام.أما يحق لاهل القتيل ولهذا الشعب المغلوب على امره ان يطالب باستجواب هؤلاء لنسألهم عمن امرهم، فلربما يكون هو صاحب المصلحة الاولى في قتل هادي المهدي؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram