قيس قاسم العجرش بطريقة أقرب الى محاكاة شباب الأغاني لـ"فديو كليبات" بعضهم البعض ، كان صاحبنا (النموذج) يصرخ وسط مجلس النواب قائلاً بأن رسالة المواطنين قد وصلت، تشبه جملته كلمة " ..فهمتكم .." لسالف الذكر زين العابدين بن علي لكن مع محاولة تقليد مضحكة غير متقنة بأن تبدو بمظهر الواعي بنسختها العراقية .
كان صوت المقلد البرلماني (الحكومي) فكاهياً للغاية وهو يعدُ بكل شيء ، قال كل وعدٍ خطر على باله أن يتفوه به لم يبخل بأي حلم يراود عراقيا إلا ووعد بتحقيقه.خرجت علينا لوحات (فليكس) ملأت الشوارع تقول "إن من حقكم المطالبة وواجب علينا أن نمتثل ".كان هذا الحدث مع صدمة النخبة السياسية (لا أعرف تحديداً أنها نخبة لأي شيء) بأن من الممكن للناس أن تتظاهر بالضد منهم ، تُـسمعهم صوت احتجاج ، تذكرهم (برفق) أنهم في خيال يشابه بشدة خيال مراهق مع فيلم لصوفي مارسو .كانوا في تصور هيّأ لهم بأن محاور ظهرالكائن الأسطوري "أطلس العملاق" ، حامل الأرض، قد رست بالضبط على إسفلت الشارع المغلق منذ ثمانية أعوام والرابط بين مبنى رئاسة الوزراء ومبنى البرلمان المنزعج ، هذا الشارع مليء بالتراب والكونكريت والعاقول الى يومنا هذا.صدمتهم انعكست على وجوههم التائهة أولأً ، وكانت صورة الموبايل الحائر في أيدي المسؤولين الحائرين يوم 25 شباط وهم يتصلون بآخرين ليسوا أقل حيرة منهم، صورة لن تنساها الذاكرة العراقية أبداً ثم تمددت أبعادها الثلاثية مثل كيروسين متسرّب لتشمل كل ثلاثين من الأتباع التائهين من حملة عنوان الحمايات الشخصية لكل واحد من هؤلاء الذين انتخبتهم الصدفة.تخيّل هؤلاء لوقت طويل بأن وجودهم هو شكلٌ من أشكال القدَر وإن خطّ أحداث الزمان إنما ذخر لحظة خروجهم إلى العلن كي يأتوا بالمستقبل للعراق الذي كان بلا مستقبل آنذاك ، والحق إن منهم من مضى إلى آخر فصل من قصة التوهم هذه، لكن فجيعتنا اليوم نحن المتظاهرين بأننا مازلنا نرى العراق بلا مستقبل مع هؤلاء وأولئك على حد سواء.مع لحظة الانسحاب الأميركي عاد الضرس المؤلم عند بعضهم إلى النبض ، خرجت مع جموع المُحتجين ألوان الرعب من مكمنها الذي كان مطمئناً عبر إيلام وليمة لكل يومٍ كان المتغانمون يعقدونها حصاداً وتقسيماً وشفطاً إلى آخر ساعات النوم المتخمة بالعقود والحمايات والدفع الرباعي والتبريد المركزي.ثمة لحظة يقظة قسرية امتطت صهوة الحدث وترجّلت عن قطارها السائر لتقف في محطة الواقع العراقي ، هذه اللحظة التي اجتهد متحدثون حكوميون في تذكيرنا بأننا لسنا كبقية البلدان وأن تعداد الفصول لدينا يقتصر على الصيف اللاهب العطشان والشتاء المظلم بلا كهرباء والربيع المليء بمواعيد عرقوبية تستثمر قلة استهلاك الطاقة الكهربائية لتعد بمزيد من الإنتاج في عام 2025.ولا خريف لدينا ، خائفون من الخريف على ما يبدو لأنه مرتبط عندهم بمنظر الأمتعة المحزومة وجواز السفر الجاهز دوماً بغلافه الأحمر.مثل من يرتاب من رقم (13) أو الفأل السيئ للشبيحة أينما ظهروا فقد كانت فرصة التغيير أدنى إلى القطف مع وجودهم. فألكم السيئ هو الذي استدام الخريف، لكن الناس أدركت أن صناعة الخريف هي صناعة شعبية بامتياز ، لا يصنعها الكذب أو التصريح أو فخاخ اللغة التي يستعملها هؤلاء بفهلوة غير مسبوقة وينثرونها عبر القنوات التلفازية مسبقة الفبركة."الخريف" حقيقة تاريخية وعلمية وتجريبية علّ هؤلاء يدركونها.
تحت الضغط العالي :خريف البطريرك العراقي
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 13 سبتمبر, 2011: 09:31 م